شركة ألمانية تعمل على تطويرها .. هل تخترق أشعة الليزر قطاع تصنيع الأسلحة قريباً ؟
يتذكر ألكسندر غراف، مدير قسم تطوير أسلحة الليزر بشركة “راينميتال” الألمانية للصناعات الدفاعية، كيف شعر أنه خيب ظن ابنه عندما سأله عن طبيعة عمله، قائلاً: “أخبرني يا أبي: هل يبدو الأمر مثل (حرب النجوم) وجعل أشعة الليزر حمراء وخضراء، حتى يتبين الطيب من الشرير”.
وأشعة الليزر غير مرئية بسبب طول موجاتها، لكنها تظل قوية بصورة هائلة، حيث أنها قادرة على حرق طائرة بدون طيار أو إذابة جسر فولاذي.
ومثل جميع منافسيها في أنحاء العالم، توجه شركة “راينميتال”، ومقرها دوسلدورف، المزيد من التركيز لتطوير أسلحة الليزر.
وبالتعاون مع نظيرتها البافارية “إم. بي. دي. إيه.”، تقوم “راينميتال” بتطوير مستشعر ليزر عالي الطاقة من أجل البحرية الألمانية، ومن المأمول أن يتم تثبيته واختباره على متن سفينة بحلول عام 2021، وإذا ما مضت الأمور على ما يرام، سيعقب هذا طلبات على النماذج الأولية.
ويمكن استخدام أسلحة الليزر في مهام برية، وكشفت “راينميتال” النقاب عن محادثات بين السلطات الألمانية والهولندية لبناء نموذج للجيش بحلول عام 2023 على أبعد تقدير، بالتعاون أيضا مع “إم. بي. دي. إيه.”
ومنذ زمن بعيد، تحظى أسلحة الليزر باهتمام عسكري كبير، وتعمل دول، بينها الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وتركيا والهند على تطوير مشاريع ليزرية، ولكن لم يتم بعد استخدام هذه الأسلحة فعلياً، وتنظر “الرابطة الاتحادية لشركات الأمن والدفاع الألمانية” إلى الليزر باعتباره “تكنولوجيا أساسية للمستقبل”، إلا أنها تشير إلى أن “الإنفاق الكبير على البحث والتطوير ما يزال مطلوباً في هذا الصدد”.
ويؤكد غراف اقتناعه بإمكانيات هذه التكنولوجيا، ويوضح: “أشعة الليزر دقيقة ولا تتسبب في ضوضاء، واستخدامها يساعد في تجنب حدوث دمار جانبي”، ويعمل غراف من أونترلوس بولاية سكسونيا السفلى في شمال وسط ألمانيا، حيث تقوم شركة “راينميتال” باختبار الدبابات وغيرها من المشاريع، على مساحة تصل إلى 54 كيلومتراً مربعاً.
ويعمل هناك حوالي ألفي شخص، إلا أن حوالي 20 منهم فقط يعملون في مركز الليزر الموجود في مبنى لا يلفت الانتباه، وهو أشبه بصندوق أخضر كبير أمامه وحدة طبية بها جهاز ليزر ينتج أشعة بطاقة عشرة كيلووات، ويمكن وضعها على ناقلة جنود مدرعة طراز “بوكسر”.
ويتم استخدام هذا الجهاز بالفعل منذ سنوات عديدة، ولكن سيتم إتاحة إصدار جديد قريباً، وأعلنت الشركة في عام 2012 عن تمكنها من إذابة عوارض فولاذية من مسافة كيلومتر، ولاحقًا استهداف طائرات بدون طيار في السماء فوق بحر البلطيق وفوق جبال الألب، ويوضح غراف أن “الليزر مناسب بشكل خاص حاليا لاستهداف الطائرات الصغيرة بدون طيار”.
وفيما يتعلق بكيفية العمل، فإن شعاع الليزر، المكون من فوتونات (جزيئات الضوء)، يتسبب في ارتفاع سريع في درجة حرارة أي سطح عند ملامسته، ويتعين أن تظل أشعة الليزر مركزة على نفس النقطة حتى يمكن توليد الحرارة بسرعة كبيرة جداً، واختبر فريق “راينميتال” لسنوات كيف يمكن أن يؤثر الطقس على مسار أشعة الليزر باختبارها لمسافة كيلومترين.
ويشكك الخبراء في فاعلية أسلحة الليزر، ويقول خبير الأسلحة، مارسيل ديكو، من “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية”: “تركز دول مثل الولايات المتحدة على تطوير أسلحة الليزر منذ عقود، لكن لم يتم تحقيق أي تقدم”.
ويصعب بشدة توقع آثار استخدام الليزر، حيث تتباين النتيجة وفقًا للمواد والبيئة.
ويوضح ديكو أنه “على النقيض مما تراه في المنشورات الدعائية الجذابة لشركات الأسلحة، فإن التطبيق العسكري الفعلي لا يمكن توقعه بعد”، كما يشير إلى أن تركيب المعدات ونقلها يكون مكلفاً، فضلاً عن تدريب الجنود على التقنيات.
وإضافةً إلى ذلك، يعتمد استخدام الليزر بشكل كبير على الطقس، حيث إن ليزر الأشعة تحت الحمراء غير قابل للاستخدام من الناحية العملية في المطر أو الضباب، بناء على طول الموجة المستخدمة.
أما دوريس لارمان، رئيسة قسم الليزر في “إم. بي. دي. إيه”، فترى الأمور بصورة مختلفة، وتوضح أنه “على مدار العقد الماضي، اكتسبنا خبرة كبيرة، وخرجنا منها بالنتائج الصحيحة”، مشيرةً إلى أن مسألة توفير الطاقة الكافية ليست مشكلة، خاصة بالنسبة للبحرية، لأن السفن تكون لديها محركات كبيرة.
وفيما يتعلق بالأضرار الجانبية، فإنه إذا ما انحرف تركيز شعاع الليزر عن الهدف ووصل على، سبيل المثال، إلى طائرة ركاب تصادف مرورها، ستكون النتيجة كارثية، كما أن الليزر يمكن أن يسبب العمى، إلا أن لارمان وغراف يؤكدان أن مثل هذه السيناريوهات تكاد تكون مستحيلة، فإذا لم يتمكن الليزر من تتبع النقطة المستهدفة، فإنه يتوقف تلقائياً.
وتعرب البحرية الألمانية عن تفاؤلها إزاء عرض تجريبي قادم على إحدى سفنها، ويقول كلاوس بونينشتنغل، وهو قائد فرقاطة، إن “الليزر عالي الطاقة يتمتع بالعديد من المزايا، فهو شديد الدقة، ويمكن ضبط تأثيره، على سبيل المثال، لتعطيل محرك قارب سريع تابع للعدو”.
لكن ما الذي سيحدث بعد ذلك؟، الخطوة التالية هي اكتساب التجربة من الاختبارات الفعلية في البحر. وتتوقع بونينشتنغل أن يتم تشغيل أول ليزر عالي الطاقة في البحرية بحلول منتصف العقد القادم. (DPA)[ads3]