من مستشفى تحت الأرض يتعرض لقصف طائرات بشار الأسد إلى الأوسكار .. طبيبة سورية تتحدث عن سنوات المعاناة و تأمل لفت نظر العالم لمأساة السوريين ( صور )

عالجت الطبيبة السورية أماني بلور آلاف الأشخاص في مستشفى تحت الأرض في سوريا، وهي تأمل من خلال عملها الوثائقي ”الكهف“ المرشح للأوسكار أن تذكر العالم بمأساة حرب تدخل قريبا عامها العاشر.

ولطبيبة الأطفال البالغة 32 عاما والتي تلازمها صور الأطفال المضرجين بالدماء والموتى، هذا المستشفى السري قرب دمشق المسمى ”الكهف“، وهو حقيقي وليس من عالم السينما.

وهي تؤكد في مقابلة صحفية خلال زيارة لها إلى باريس نهاية الشهر الفائت أن ”هذا العمل ليس فيلما بالنسبة لي. هو حياتي وحقيقتي“.

وبعد حوالي أسبوعين من المقابلة، باتت الطبيبة السورية في الأراضي الأمريكية تمهيدا للمشاركة في حفل توزيع جوائز أوسكار لهذا العام في لوس أنجلوس الأحد.

هذا الوثائقي المؤثر البالغة مدته مئة ودقيقتين والذي أنتجته ”ناشونال جيوغرافيك“ والهيئة الدنماركية للأفلام الوثائقية، يظهر طبيبة الأطفال وهي تبكي خلال مسحها الدماء عن وجه أطفال في غرفة عمليات، كذلك، يبين المعاملة الذكورية التي تلقتها من رجال لا يتقبلون أن يكون المستشفى بإدارة امرأة، قائلة إنه ”في بادئ الأمر كنت أسمع ملاحظات من قبيل (لن تقدري على ذلك).. جعلني ذلك أتحدى لأثبت أن النساء قادرات، ما شكل ضغطا إضافيا علي“.

ويتنافس هذا العمل الذي أخرجه السوري فراس فياض للفوز بجائزة أوسكار مع وثائقي آخر يدور أيضا حول الحرب السورية بعنوان ”إلى سما“ للمخرجة وعد الخطيب الذي نال جائزة تقديرية في مهرجان كان العام الماضي وفاز أخيرا بجائزة بافتا البريطانية عن فئة أفضل وثائقي.

وتأمل أماني بلور المقيمة في تركيا منذ 2018 بعد سقوط المعقل السابق لمقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية حيث المستشفى الميداني، أن ”يسلط الترشيح للأوسكار مزيدا من الضوء على القضية السورية، ما سيدفع أناسا أكثر لدعمنا ومساعدتنا“، وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد وصف هذه المنطقة بأنها ”جحيم على الأرض“.

ويشهد شمال غرب سوريا تصعيدا عسكريأ من قوات النظام بدعم روسي ضد الفصائل المقاتلة، تسبب بنزوح أكثر من نصف مليون شخص خلال الشهرين الماضيين، في واحدة من أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع العام 2011.

وعلى غرار ملايين السوريين النازحين واللاجئين، تؤكد الطبيبة بلور صاحبة الإرادة الحديدية رغم مظهرها الخجول، أنها ”لا تشعر بالسلام منذ انتقالها للعيش في المنفى“، موضحة أنه ”في سوريا، عندما كنا نساعد الناس، كنت أشعر بسلام أكبر، رغم كل الصعوبات والقصف والجوع والوضع المأساوي الذي كنا نشهد عليه يوميا“.

ولا تزال عذابات آلاف الأطفال المصابين الذين عالجتهم بلور تسكن هذه الثلاثينية التي حازت أخيرا جائزة ”والنبرغ“ التي يقدمها مجلس أوروبا تقديرا ”للإنجازات الإنسانية الاستثنائية“.

أشارت الطبيبة إلى أن ”الأطفال لم يكونوا يفهمون شيئا، كانوا يسألون دائما ما الذي يجري لماذا يتعرضون للقصف ولماذا لا يجدون ما يأكلون. كان تفسير ذلك مهمة صعبة للغاية“.

وهي تستذكر بتأثر خاص عبد الرحمن ابن الحادية عشرة الذي كان في أواخر مرحلة التعليم الابتدائي حين تعرضت مدرسته لقصف أدى إلى إصابة أكثرية التلاميذ، مبينة ”لقد فقد ساقيه. عندما استفاق من التخدير، سأل أين ساقاي ولماذا بترتموهما؟“، وقالت ”لم أكن قادرة على النظر إلى عيني الأطفال عندما كنت أعالجهم. لا أحد منا كان يستطيع ذلك“.

وأكثر ذكرياتها إيلاما، الهجوم الكيميائي بغاز السارين في آب/أغسطس 2013 الذي حُمّل النظام السوري المسؤولية عنه. وقد قضى ما لا يقل عن 1429 شخصا بينهم 426 طفلا، في هذا الهجوم، بحسب الولايات المتحدة.

وتستذكر قائلة ”في مستشفى الكهف، لم يعد هناك حتى مكان على الأرض لوضع الجثث، كنا نكدسها الواحدة فوق الأخرى، كنا نحاول إيجاد لحظات فرح لنشعر مجددا بأننا بشر“.

هذه المحطات المأساوية لم تحل دون تسجيل بعض اللحظات السعيدة في الوثائقي، كما الحال مع حفلة عيد ميلاد سرية استبدلت فيها البالونات بقفازات جراحية منفوخة. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها