BBC : كيف يسهم نمط الحياة في السويد في محاربة فيروس كورونا ؟
اعتاد السويديون الحياة بمفردهم، والامتثال للقواعد وتشجيع روح الابتكار. فإلى أي مدى ستساعد هذه الأعراف الاجتماعية، على مواجهة الأزمة الحالية الناجمة عن التفشي الوبائي لفيروس كورونا المستجد؟
في الوقت الذي يتذمر فيه الناس في مختلف أنحاء العالم من إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي، المطبقة في سياق التدابير الرامية للحد من الانتشار الوبائي لفيروس كورونا المستجد، لا تبدو الفتاة السويدية كايسا فيكينغ (الصورة)، البالغة من العمر 21 عاما، منزعجة من إمكانية قضائها مزيدا من الوقت بمفردها، في مسكنها المؤلف من غرفة نوم واحدة في مدينة أوبسالا.
وتقول فيكينغ في هذا الشأن: “نجيد بشدة البقاء في المنزل، ولسنا اجتماعيين للغاية مقارنة بالحال في الثقافات الأخرى، وهو ما يجعل الأمر أكثر يسرا بالنسبة لنا. أعكف خلال بقائي في المنزل على القيام بأشياء مثل ترتيب خزانة ملابسي، وأمارس أيضا تدريبات رياضية، كما أقرأ وأطالع بشكل أكبر”.
ولا يشكل طابع حياة هذه الفتاة استثناء في السويد، فغالبية المنازل هناك، لا تضم بين جدران كل منها سوى ساكن واحد.، وتحتل السويد المركز الأول على هذا الصعيد في أوروبا، بحسب بيانات وكالة “يوروستات” المختصة بالإحصائيات، والتابعة للاتحاد الأوروبي.
في السياق نفسه، يترك غالبية السويديين منازل ذويهم للإقامة بشكل مستقل، وهم بين الثامنة عشر والتاسعة عشر من العمر، وهو ما يقل كثيرا عن متوسط العمر السائد في الاتحاد الأوروبي بشكل عام في هذا الشأن، والذي يبلغ 26 عاما.
ويرى بعض الخبراء أن أنماط معيشة مثل هذه السائدة في السويد، ربما ستساعد على كبح جماح تفشي وباء كورونا، في البؤر التي يستشري فيها بشكل كبير، بما في ذلك دول مثل إيطاليا وإسبانيا، يشيع فيها وبنسبة أكبر، أن تتجمع العائلات كبيرة العدد تحت سقف واحد، على النقيض مما يحدث في المجتمع السويدي.
ويقول بيورن أولسِن، أستاذ الأمراض المعدية في جامعة أوبسالا: “بالطبع ستنتشر العدوى بشكل سريع، إذا كنت تتحدث عن أسرة مؤلفة من أجيال عدة. لدينا الكثير من الأشخاص، ممن يعيش كل منهم بمفرده في استوكهولم والمدن الكبرى في السويد، وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة انتشار الفيروس قليلا”.
وقد أولى خبراء آخرون اهتماما أكبر، للطريقة التي يتصرف بها الكثير من السويديين بالفعل، خلال وجودهم في الأماكن العامة. فالأعراف التي يلتزمون بها في هذا الصدد، تجعلهم يتحاشون الجلوس بالقرب من الآخرين في وسائل النقل العام، كما أنه من غير المألوف أن تراهم وقد انخرطوا في الثرثرة، مع غرباء عنهم في المقاهي والمحال التجارية.
وتقول لولا أكينميَد أوكريستروم، التي ألفت من قبل كتابا بشأن الثقافة السويدية، إننا إذا تحدثنا عن مفهوم “التباعد الاجتماعي”، فسنجد أن السويديين يلتزمون به من الأساس، وأنهم يمنحون كذلك “بعضهم بعضا قدرا كبيرا للغاية من التباعد الجسدي، وذلك قبل حدوث التفشي الوبائي لفيروس كورونا المستجد بوقت طويل”.
وأضافت الكاتبة أن السويديين اعتادوا كذلك “البقاء في منازلهم، عند شعورهم بأدنى قدر ممكن من الصداع”، وهو ما يعني أن من سيشعرون منهم بأعراض خفيفة ناجمة عن الإصابة بكورونا، سيكونون أميل لأن يلوذوا بالمنزل.
إذا انتقلنا إلى الحديث عن الجهود الرسمية المبذولة في السويد لمواجهة انتشار كورونا، سنجد أنها ذات طابع مثير للجدل. فهذا البلد لا يتعامل مع الأزمة عبر تبني إجراءات صارمة لمواجهتها، كما تفعل دول مجاورة له – مثل الدنمارك – سجلت حتى الآن مثله تماما عددا محدودا من حالات الوفاة. فاستراتيجية السلطات السويدية تقوم في الوقت الحاضر، على السعي لإبطاء وتيرة تفشي الفيروس، على نحو هادئ ومنضبط، والتركيز في الوقت ذاته على حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر في المجتمع.
ويعني ذلك أن تبقى المدارس – التي ينتظم فيها الطلاب الأقل من 16 عاما – مفتوحة، جنبا إلى جنب مع غالبية المحال التجارية. وينطبق الأمر نفسه على المطاعم، التي لا تزال تواصل تقديم خدماتها كالمعتاد للزبائن، سواء كانوا يرغبون في تناول وجباتهم بداخلها، أو يطلبون وجبات “تيك أواي” لتناولها في منازلهم مثلا.
لكن طُلِبَ من العاملين في هذه المطاعم، عدم السماح للزبائن بالقدوم لأخذ وجباتهم من على المناضد التي يصطف العمال خلفها. غير أن السلطات في السويد حظرت في الوقت ذاته إقامة كل المناسبات والفعاليات والأحداث، التي تشهد تجمع أكثر من 50 شخصا.
في السياق نفسه، طلبت الحكومة السويدية من مواطنيها اتباع نصائحها لهم، وتحمل المسؤولية الجماعية بشكل طوعي، من أجل إبطاء وتيرة تفشي الوباء، بما يشمل العمل من المنزل كلما أمكن – خاصة من جانب القاطنين في العاصمة – وتجنب التنقلات والتحركات غير الضرورية، فضلا عن ضرورة أن يلجأ من يشعر بأعراض مرضية أو من يزيد عمره على 70 عاما إلى العزل الذاتي.
وقال رئيس الوزراء السويدي، ستيفان لوفين، في أول كلمة متلفزة يوجهها للأمة منذ اندلاع الأزمة: “نحن كراشدين بحاجة إلى أن نكون كذلك بكل معنى الكلمة. لا لنشر الفزع والذعر أو الشائعات. هذه الأزمة تواجهنا جميعا بحق، لكن على كل فرد منّا مسؤولية جسيمة”.
وحتى هذه اللحظة، يشير رد فعل السويديين على الأزمة إلى ثقتهم – بوجه عام ومنذ أمد بعيد – في سلطات بلادهم. فقد كشف استطلاع للرأي، أجرته إحدى كبريات المؤسسات المتخصصة في هذا المجال في السويد، أن غالبية مواطنيها شاهدوا كلمة رئيس وزرائهم وأبدوا موافقتهم على مضمونها، وقالوا إنهم يؤمنون بقدرة وطنهم على التعامل مع الأزمة الحالية بكفاءة.
وتقول شركة “إس إل” للنقل العام في استوكهولم إنها رصدت، خلال الأسبوع الماضي، تراجع عدد الركاب بنسبة 50 في المئة في قطارات الأنفاق، والقطارات التي تعمل بين وسط العاصمة وضواحيها.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ثلاثة أرباع السويديين يحتفظون، في بعض الأحيان على الأقل، بمسافة لا تقل عن متر واحد بينهم وبين الآخرين. فضلا عن ذلك، يعمل ثلث سكان استوكهولم من المنزل، وذلك في وقت تُقدِّر فيه منطقة المال والأعمال والمشروعات في المدينة – والتي تمولها بلدية العاصمة – بأن نسبة من يلجؤون إلى هذا الخيار في الشركات الكبرى هناك، تزيد على 90 في المئة.
ومع أن السويديين لم يندفعوا لإجراء عمليات شراء بشكل مفرط للسلع والمنتجات، بدافع الذعر والهلع كما حدث في باقي الدول، فإن لولا أكينميَد أوكريستروم تقول إنه كان من المفاجئ “أن نرى اندفاعا أوليّا جنونيا، باتجاه تخزين ورق المرحاض في السويد، وهي إحدى أكبر دول العالم إنتاجا له”.
لكن كل ذلك لا ينفي أن من بين السويديين، من لا يأخذون أزمة كورونا على محمل الجد. فـكايسا فيكينغ تقول : “لا أزال أرى الكثير من الناس، يكشفون على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم يستضيفون حفلات أعياد ميلاد، قد يزيد عدد من يحضرونها على 50 شخصا، وأرى من لا يزالون يخرجون للسهر في الملاهي الليلية، ويعتقدون أن لا مشكلة في ذلك. لذا أرى جازمة أن هناك مشكلة ما تزال قائمة هنا، رغم أن طبيعتها مختلفة عما تشهده الدول الأخرى”.
ويقول كريستوفر كورنيير، وهو شاب في التاسعة والعشرين من العمر يعمل في مجال الصحافة التليفزيونية في استوكهولم، إن “الناس يحرصون على محاولة التجمع في بيوت بعضهم البعض، بل والقيام بذلك بالفعل. وربما يعود ذلك إلى محدودية التواصل الاجتماعي الذي يحظى به المرء من خلال عمله”.
ويضيف كورنيير بالقول إن غالبية من يعرفهم يعملون حاليا من المنزل، مشيرا إلى أن أصدقائه يحاولون في الوقت ذاته “التصرف بشكل مسؤول، من خلال الذهاب إلى الحانات، في مجموعات لا تضم كل منها أكثر من شخصين أو ثلاثة، وعبر تجنب المناطق الأكثر اكتظاظا بالناس”.
ودعا كثير من خبراء مكافحة الفيروسات – ومن بينهم البروفيسور بيورن أولسِن – الحكومة في السويد إلى أن تحذو حذو نظيراتها في دول العالم الأخرى، عبر “إغلاق كل ما يمكن إغلاقه” بأسرع ما يمكن. وأعرب أولسِن عن معارضته لتوقعات هيئة الصحة العامة في السويد، بأن يكتسب مواطنو البلاد وبسرعة حصانة ضد الفيروس، قائلا إن ذلك قد يستغرق أكثر من عام. وأبدى شكوكه كذلك في إمكانية أن تتقلص معدلات تفشي الوباء خلال شهور الصيف الأكثر دفئا.
ولا ينفرد أولسِن بهذه الرؤى. فكاتبة مثل لولا أكينميَد أوكريستروم، تتبنى بدورها موقفا مُنتقدا للنهج الذي تتبعه السلطات السويدية حاليا في الأزمة، وذلك “في ضوء تزايد عدد حالات الإصابة والوفاة في مختلف أنحاء العالم”. لكنها تقول في الوقت نفسه إن الدعم الكبير الذي تلقاه الحكومة السويدية من جانب مواطنيها، قد يكون مفيدا إذا قررت السلطات في نهاية المطاف، المضي على درب الإغلاق العام، الذي تسير عليه دول أخرى.
وتوضح رأيها في هذا الإطار بالقول: “غالبية السويديين يثقون في أن حكومتهم تضع صالح المجتمع نصب عينيْها، وسيتفاعلون بشكل إيجابي مع أي إجراءات أكثر صرامة” قد يتم فرضها.
على أي حال، سيحكم التاريخ وحده على ما إذا كانت التوجهات السياسية والعلمية التي تنتهجها السلطات السويدية في الوقت الحاضر حيال الأزمة الراهنة، ستُبطئ من تفشي الوباء أم لا. لكن لا شك في أن ممارسات العمل السائدة في هذا البلد وشغف مواطنيه بالتكنولوجيا، يشكلان أمرين مفيدين بالفعل، فيما يتعلق بدعم الجهود المبذولة هناك، لإبقاء عجلة الإنتاج دائرة ودفع المجتمع لمواصلة حياته على نحو معتاد.
فلدى هذه الدولة الإسكندنافية أحد أكثر الاقتصادات الرقمية تقدما بين بلدان الاتحاد الأوروبي، وتشيع في أرجائها روح الابتكار بقوة. وتشير بيانات “مؤسسة الإنترنت السويدية”، وهي هيئة مستقلة تعمل في مجال الخدمة العامة وتُعنى بتطوير خدمات الإنترنت في البلاد، إلى أن ثلثيْ السويديين يعملون من منازلهم – من الأصل – عبر الشبكة العنكبوتية؛ لبعض الوقت على الأقل. وتفيد المؤسسة بأن ثلث هؤلاء تقريبا، يمارسون ذلك بشكل يومي أو أسبوعي.
وتتناغم مميزات خدمة الإنترنت في السويد، من حيث كونها سريعة وتُقْدَم بتقنية النطاق العريض، مع ما هو منتهجٌ هناك من سياسات على الصعيد الاجتماعي وفي مجال العمل في الشركات. إذ تشجع تلك السياسات العمل على نحو مرن وعن بعد، كجزء من دعم نمط حياة، يتسم بأنه أكثر توازنا ومساواة بين الجنسين.
وقد أسهم ذلك، بحسب رأي ستافان إنفاشون الرئيس التنفيذي لمنطقة المال والأعمال والمشروعات في استوكهولم، في الانتقال بسلاسة من نمط العمل التقليدي، إلى نمط آخر تزيد فيه نسبة العمل عن بعد. ويقول: “يتم تبني هذا الأسلوب من جانب كل الشركات القادرة على تطبيقه، ويُجدي نفعا كذلك”.
ورغم حرص إنفاشون على الإشارة إلى أن وباء كورونا لا يزال يوجه “ضربة قاسية بحق” للاقتصاد السويدي، في ضوء أنه تسبب في حدوث عمليات تسريح للعمال، بشكل يفوق ما جرى في غمار الأزمة المالية التي شهدها العالم في العقد الأول من القرن الجاري، فإنه يلفت النظر أيضا، إلى التعاون الوثيق السائد بين الشركات والمؤسسات في البلاد حاليا، ما يساعد السويد على مواجهة التحديات المستجدة الناجمة عن الأزمة.
ومن بين الأمثلة على هذا التعاون، تقديم مؤسسة بحثية خاصة تمويلا لدورات تدريبية على القيام بمهام التمريض، تم توفيرها لآلاف من العاملين المُسرحين من شركة الخطوط الجوية الإسكندنافية “إس آيه إس”، وهو ما يتيح الفرصة لهؤلاء الأشخاص، لتقديم المساعدة لفرق العمل في المستشفيات.
بجانب ذلك، يمد عمال من شركة “سكانيا” لتصنيع السيارات يد العون لإحدى الشركات الطبية، لكي تنتج عددا أكبر من أجهزة التنفس الصناعي. أما متاجر السوبر ماركت، فتسعى حاليا بنشاط لتوظيف من فقدوا أعمالهم جراء الأزمة، من العاملين في الفنادق وأماكن استضافة المؤتمرات والفعاليات المختلفة.
وقد أشاد البعض بنجاح مسؤولي الشركات العاملة في استوكهولم في اتخاذ الكثير من القرارات المهمة لمواجهة الأزمة الراهنة رغم انعدام قدرتهم على عقد اجتماعاتهم بالشكل التقليدي حاليا.
ويتفق إريك إنيلاو-نيلسون، الرئيس التنفيذي لـ “نورخين”، وهو صندوق استثماري يدعم المشروعات التي تتوخى صالح المجتمع في أنشطتها، مع هذه الرؤية قائلا إن السويد “بُنيت على تاريخ من التعاون والتآزر، وهو أمر يبرز ويتألق في أوقات مثل هذه”.
وقد دشن “نورخين” مؤخرا منصة على شبكة الإنترنت، يتلقى من خلالها طلبات الحصول على تمويل، من الشركات الناشئة التي تركز في مشروعاتها على حل المشكلات الناجمة عن أزمة الوباء. وأبدى إنيلاو-نيلسون سعادته بالقدر الهائل، الذي تتلقاه المؤسسة من مبادرات ودعم وردود فعل، من جانب متطوعين وشركات وشركاء لها كذلك. ومن بين هذه المبادرات، إنشاء شركة للتعلم الإلكتروني، وتطوير تطبيق يوفر خدمة تسليم الغذاء مجانا لمنازل المتقاعدين.
بطبيعة الحال، ستتحدد ملامح المرحلة المقبلة فيما يتعلق بأزمة وباء كورونا، بناء على مدى انتشار الفيروس. وقد حذرت هيئة الصحة العامة في السويد من أن “الأسوأ لم يأت بعد” بالنسبة لهذا البلد الإسكندنافي.
فبينما تثور مخاوف منذ أمد طويل، بشأن ما إذا كانت المستشفيات السويدية جاهزة للتعامل مع الطلب المتزايد المتوقع على الأَسِرَة ومعدات العناية المركزة، تركز مزيد من النقاشات في الآونة الأخيرة، على مدى كفاءة السلطات، في نقل المعلومات الخاصة بالوباء للمواطنين.
وفي هذا الإطار، يطالب بعض الخبراء ببلورة إرشادات أكثر دقة وتحديدا، تساعد السويديين على فهم كيف يمكنهم إدارة شؤون حياتهم في ظل الظروف الراهنة. وقد أعربت الرابطة الطبية السويدية عن قلقها إزاء عدم كفاية الجهود المبذولة لتوفير التعليمات والإرشادات للسكان الذين لا يتحدثون اللغة السويدية، وذلك بعدما سُجِل عدد كبير من حالات الوفاة وسط الجالية الصومالية المقيمة في استوكهولم، وذلك على نحو لا يتناسب مع حجمها السكاني. ويتعرض أبناء هذه الجالية لمخاطر أكثر من غيرهم، على صعيد إمكانية الإصابة بكورونا، في ضوء أنهم يعيشون في منازل مكتظة بقاطنيها.
من جهة أخرى، فبينما يشعر سويديون عاشوا طويلا بمفردهم مثل كايسا فيكينغ، بالثقة في أن بوسعهم الحفاظ على روحهم المعنوية عالية وحالتهم المزاجية طيبة، عبر التواصل مع أقاربهم وأصدقائهم من خلال تطبيقات مثل “فيس تايم”، يساور القلق آخرين إزاء إمكانية تفاقم مستويات شعورهم بالوحدة، إذا انتهى بهم المطاف للبقاء في المنزل، حال تطبيق إجراءات الإغلاق الكامل في البلاد.
من بين هؤلاء كريستوفر كورنيير، الذي بدأ مؤخرا في العيش وحيدا للمرة الأولى، إذ يقول: “يمكن أن يؤثر ذلك على ما يشعر به السويديون” حيال الحياة من حولهم، خاصة أنهم يتوقون دائما، في مثل هذا الوقت من العام، لأشعة الشمس والتفاعل الاجتماعي بعد انقضاء شهور الشتاء الطويلة. ويشير إلى أن حرمانهم من كل ذلك، قد يؤدي إلى “آثار جانبية حزينة”.
وتتبنى لولا أكينميَد أوكريستروم رأيا مشابها، إذ تقول: “سيكون الجزء الأكثر صعوبة بالنسبة للسويديين، أن يتفاعلوا عقليا وذهنيا مع الوضع، إذا تم تطبيق إجراءات إغلاق كامل، وذلك بالنظر إلى أننا نتحدث عن مجتمع يزدهر، عندما يكون أبناؤه في الهواء الطلق ووسط الطبيعة”.
ومن هذا المنطلق، يمكن أن تشكل عوامل مثل ثقة السويديين في حكومتهم وقدرتهم على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتكيفهم مع العمل الجماعي، مقومات شديدة الأهمية تساعد البلاد في التعامل مع أزمة الوباء الآخذة في التفاقم. لكن المشكلة أن في أوقات أزمات مثل هذه التي نعيشها الآن؛ ندرك جميعا أن لا شيء محتوما أو مضمونا على الإطلاق.
مادي سافج – بي بي سي[ads3]