صناعة السيارات تراهن على رائحة المطهرات في زمن الكورونا
تشير أرقام حوادث سرقة السيارات في مدينة نيويورك حالياً إلى أن السيارات فقدت جاذبيتها بالنسبة للكثيرين من سكان المدينة في زمن الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس كورونا.
ورغم أن معدلات السرقة وعمليات السطو لا تعتبر مؤشرا اقتصادياً يعتمد عليه فإنها ليست المؤشر الوحيد على مرونة الطلب على السيارات، في ضوء التراجعات الأخيرة في مبيعاتها.
وإذا لم يواصل معدل البطالة في الولايات المتحدة ارتفاعه، فقد تتعافى مبيعات السيارات بوتيرة أسرع، من المبيعات الأخرى، خاصة إذا قدم موزعو السيارات حوافز مالية مناسبة للعملاء وتطبيق إجراءات الصحة العامة الصارمة التي تزيل مخاوف العملاء من احتمالات تعرضهم للعدوى بفيروس كورونا المستجد نتيجة تعاملهم مع معارض السيارات.
ويرى المحلل الأمريكي كريس بريانت في تقرير له نشرته وكالة “بلومبرغ” للأنباء أنه بمجرد رفع القيود على حركة الناس في الولايات المتحدة وإلغاء أوامر البقاء في المنازل لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد، “سنسعى إلى استعادة استقلالية حياتنا الشخصية مع استمرار حماية عائلاتنا من الفيروس وهو ما يمكن أن يجعل امتلاك سيارة خاصة بنفس أهمية ارتداء قناع الوجه الواقي من الفيروسات”.
ورى بريانت أن الموقف الآن بالطبع سيء للغاية، فخسائر شركات صناعة السيارات تتواصل مع استمرار توقف المصانع في الولايات المتحدة عن العمل، والشركات الأصغر والأضعف التي تعمل في مجال صناعة مكونات السيارات وكذلك الوكلاء والموزعون يواجهون شبح الانهيار بسبب تداعيات إجراءات الإغلاق الوطني، كما تستعد البنوك وشركات التمويل التابعة لمجموعات صناعة السيارات لزيادة عدد حالات الإفلاس والتوقف عن سداد اقساط السيارات.
ومع استمرار غلق أبواب معارض السيارات في مختلف أنحاء العالم، تتسارع وتيرة تراجع المبيعات، ومن المتوقع أن تكون أرقام المبيعات خلال نيسان الحالي أسوأ من أرقام الأشهر الماضية.
في الوقت نفسه، فإن استئناف تشغيل خطوط إنتاج السيارات بعد فترة التوقف الطويلة الحالية سيكون تحدياً كبيراً، فإجراءات حماية العمال في المصانع لا تمضي بشكل كامل، كما يمكن أن تؤدي سلاسل توريد مستلزمات الإنتاتج العابرة للحدود إلى تعقيدات غير متوقعة، وبخاصة إذ استمر انتشار فيروس كورونا المستجد على نطاق واسع في بعض الدول.
لكن النظرة المستقبلية للمبيعات ليست قاتمة تماماً، فمبيعات السيارات تحسنت في الصين، مع العودة السريعة المفاجئة للعملاء إلى معارض السيارات بمجرد إعادة فتح أبوابها، وتخفيف القيود المفروضة على السفر في الصين.
وبحسب بريانت، فإن هذا أمر منطقي، لأن المواطنين الذين اعتادوا في الماضي التكدس في الحافلات والقطارات المزدحمة قد يشعرون بعدم الارتياح لفترة من الوقت من مثل هذا الزحام، خاصة وأن انتشار فيروس كورونا المستجد، ارتبط بالزحام.
ورغم أن التخلي عن وسائل النقل الجماعي سواء في الصين أو في غيرها من دول العالم أمر مروع من الناحية البيئية والمرورية، قد يشعر الناس بعد أي أزمة صحية كبرى، بقدر أكبر من الأمان عندما يتحركون بسياراتهم الخاصة، كما أن هذا الموقف لا يبشر بالخير بالنسبة لشركات خدمات النقل الذكي التي كانت تمثل بديلا عمليا أقل تكلفة لامتلاك سيارة خاصة، كما أن المخاوف من العدوى يمكن أن تجعل الناس أشد ترددا في ركوب الطائرات للسفر إذا كانت وجهتهم قريبة نسبياً خلال العامين الحالي والمقبل، وهو ما يعني زيادة جاذبية السيارات الخاصة.
وبالطبع، فإن ملايين الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم بسبب جائحة كورونا لن يكونوا قادرين على شراء سلع عالية السعر مثل السيارات خلال الشهور المقبلة، وخاصة وأن أشد المتضررين من الجائحة هي الفئات الأضعف مالياً، ولكن ربما يكون الوضع أفضل بالنسبة لشريحة السيارات باهظة الثمن في السوق، خاصة وأن أصحاب الدخول الأعلى لن يعانوا من مشكلات مالية كبيرة عند التفكير في شراء سيارة جديدة.
في الوقت نفسه، فإن المطاعم والمقاهي والمنتجعات السياحية قد تحتاج إلى فترة أطول قبل أن تستعيد حالتها الطبيعية، خاصةً إذا ظل التباعد الاجتماعي قاعدة متبعة بين الناس، وفي هذه الحالة، ستكون الرغبة أقوى في الاعتماد على السيارات الخاصة لقضاء الوقت والمحافظة على التباعد الاجتماعي.
من ناحية اخرى قد يجد المشترون المحتملون للسيارات ما هو أكثر من العروض المالية المغرية من جانب الشركات، فهناك دعوات للحكومات على جانبي المحيط الأطلسي من أجل إطلاق برامج حكومية لتحفيز مشتريات السيارات مثل البرنامج الذي يعرف باسم “المال مقابل إعدام السيارة القديمة” والذي حقق نجاحاً كبيراً في الماضي في زيادة مبيعات السيارات.
ووفقًا لهذا البرنامج، تقدم الحكومة مبالغ مالية في صورة إعفاءات ضريبية لأصحاب السيارات التي يزيد عمرها عن عدد محدد من السننوات مقابل شراء سيارات جديدة وإعدام هذه السيارات القديمة.
ورغم أن الحوافز الحكومية تتجه بشكل أساسي نحو تشجيع مشتريات السيارات صديقة البيئة مثل اليسارات الهجين والكهربائية، فإن الاعتبارات البيئية اليوم قد تكون أقل أهمية.
وفي ألمانيا، التي حققت فيها إجراءات مكافحة الفيروس نتائج جيدة، تستعد معارض السيارات لفتح أبوابها قريباً، رغم استمرار غلق المطاعم، حيث تقول شركات السيارات إن شراء السيارة من المعرض أقل خطورة من الذهاب إلى المتاجر لشراء السلع الأساسية كما هو الحال الآن.
أخيرا فإن رائحة السيارات الجديدة التي كان يتطلع المشترون إلى استنشاقها ستكون بنكهة المواد المطهرة المعتمدة على الكحول، في المستقبل المنظور، ولكن تهدئة مخاوف المشترين من مخاطر العدوى يمكن أن تساعد في إحياء صناعة السيارات وإنقاذ آلاف الوظائف. (DPA)[ads3]