تمرد على دفع إيجار الشقق في نيويورك و البطالة تتفشى جراء كورونا
قبل أيام على موعد استحقاق الإيجار في الأول من أيار/مايو، طرقت إدارة المبنى باب شقة شون رايلي في بروكلين لمطالبته بتسديد دفعة الشهر السابق، لكنه كحال الآلاف غيره في نيويورك شارك في إضراب، الجمعة، مطالبا بإلغاء الإيجارات مع ازدياد أعداد العاطلين عن العمل.
وبينما لوح رايلي (25 عامًا) وغيره من السكان بلافتات من المبنى الواقع في حي “كراون هايتس”، أحاطت سيارات بمنزل حاكم نيويورك أندرو كومو الفخم في عاصمة الولاية ألباني في إطار تظاهرة تحترم قواعد التباعد الاجتماعي.
ونظمت تحركات مشابهة في أنحاء البلاد حيث أصيب أكثر من مليون شخص بفيروس كورونا المستجد، توفي أكثر من 64 ألفًا منهم.
ويعتقد أن الاحتجاجات التي تزامنت مع عيد العمال كانت أكبر نشاط منسق للمستأجرين في نيويورك منذ ثلاثينيات القرن الماضي عندما تم تنظيم إضرابات واسعة جراء التلاعب بأسعار الإيجارات.
وشارك نحو 12 ألف مستأجر من نحو مائة مبنى في نيويورك، بؤرة كوفيد-19 في الولايات المتحدة، في إضراب الجمعة، وفق أرقام أولية صدرت عن أبرز مجموعة منظمة للحراك “هاوسينغ جاستيس فور أول” (عدالة السكن للجميع).
وقال رايلي وهو عضو في منظمة “الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا”: “لن أكذب. إبلاغ مالك الشقة بأننا لن ندفع الإيجار هو أمر مخيف”.
ويدفع رايلي بالاشتراك مع أربعة أشخاص يقاسمونه الشقة 3100 دولار كل شهر كإيجار.
وقال: “شعرت بالقلق عندما بعثنا هذه الرسالة عبر البريد الإلكتروني، لكن هذا ما علينا فعله في الوقت الحالي”.
ولا يزال رايلي يعمل، لكنه أكد تسريح عدد من زملائه بينما يخشى أن يكون التالي، دون أن يخوض في تفاصيل ماهية عمله خشية أي انعكاسات عليه.
أما جاره ستيفن هندرسون، الذي يتقاسم مع أربعة أشخاص يسكنون معه دفع 3400 دولار كإيجار كل شهر، فانتقل إلى نيويورك من كولورادو الصيف الماضي، وخسر كل فرصه للعمل بشكل حر في صناعة التلفزيون والأفلام.
وحصل هندرسون (24 عامًا) على أول شيك بطالة الأسبوع الماضي، لكنه لا يزال بانتظار مبلغ 1200 دولار وعدت به الحكومة الفيدرالية.
وتجاوز عدد طلبات الإعانة من أشخاص باتوا عاطلين عن العمل منذ بدأت إجراءات العزل في الولايات المتحدة 30 مليونًا.
ويشارك أكثر من نصف السكان في مبنى هندرسون ورايلي في الإضراب.
وقال هندرسون، الذي وضع وشاحًا أسود اللون كقناع: “يحاول كثيرون منا معرفة من أين سنجلب المال لنأكل خلال شهر، فما بالك دفع الإيجار”.
يقدر أن نحو ثلثي سكان نيويورك البالغ عددهم 8,6 ملايين هم من المستأجرين، ويتراوح معدل إيجار شقة من غرفتين بين 2500 دولار في الشهر في كوينز وأكثر من أربعة آلاف دولار في مانهاتن، بحسب موقع “رينت كافيه” المتخصص في هذا المجال.
وفي منتصف آذار/مارس الماضي، أصدر حاكم نيويورك قرارا يشمل الولاية بأكملها، يقضي بتعليق إخلاء المستأجرين حتى 20 حزيران/يونيو المقبل، لكن رايلي اعتبره مجرد محاولة “للتهرب من مواجهة المشكلة”.
وقال: “لن يستعيد الناس الأجور التي خسروها جراء خسارتهم وظائفهم”، مضيفًا أنه يأمل مع شركائه في الشقة وضع خطة للدفع، لكن الوضع يبدو حرجًا ما لم تمد الحكومة يد العون.
ولم يرد المسؤول عن مبناهم على طلب الحصول على تعليق.
وأوضح مالك العقارات والسمسار كالمان زيمرمان الذي يعمل في بروكلين أن “إعفاء (المستأجرين) أمر صعب للغاية” بالنسبة لأصحاب الشقق الذين يحاولون سداد الضرائب على الأملاك والقروض العقارية.
وقال: “أؤيد تمامًا تجميد دفع الإيجارات إذا جمدت الحكومة دفع الضرائب والقروض بالنسبة للمالكين”.
وطرحت النائبة عن ولاية مينيسوتا في الكونغرس إلهان عمر مشروع قانون مؤخرا لإلغاء دفع الإيجارات والقروض في أنحاء البلاد إلى حين انتهاء أزمة كورونا المستجد.
وحظيت بدعم في أوساط نواب ليبراليين بينهم النائبة عن نيويورك ألكسندريا أوكازيو- كورتيز، لكن لم يشر الرئيس الجمهوري دونالد ترامب أو الشخصيات الديمقراطية الكبرى في الكونغرس إلى أن قانونا من هذا النوع مطروح.
ورغم أن احتمالات تجميد الإيجارات تبدو بعيدة، إلا أن رايلي أكد أنه كلما طال أمد الأزمة، “سيتعزز وعي” الناس، متابعا: “سيزداد حراكنا قوة. سنكرر المحاولة إلى أن نربح”. (AFP)[ads3]