دويتشه فيله : كيف يعزز الإنترنت التطرف اليميني ؟

نعلم الآن أن “توبياس ر” الرجل الذي يقف وراء الهجوم الإرهابي الدموي الذي وقع يوم الأربعاء (19 شباط الماضي) في هاناو في غرب ألمانيا، قد نشر مقاطع فيديو عنصرية على الإنترنت، وهي تردد جنباً إلى جنب بيانه المزعوم بعض نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة المنتشرة على شبكة الإنترنت اليوم، ومن الواضح أنه أحد الأفراد الذين جرى دفعهم الى التطرف عبر الإنترنت.

يشير تحليل أجرته وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية عام 2019 إلى أنها تكافح لتتبع “الذئاب المنفردة” المتطرفة.

ويُزعم أن كثيراً منهم قد تطرف ليس من خلال الانخراط مع جماعات اليمين المتطرف المعروفة، وإنما بشكل منفرد.

وفي الصيف الماضي، أطلقت الوكالة وحدة عاملة لمراقبة السلوك المتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة تهديد التطرف عبر الإنترنت.

وترى مؤسسة “أماديو أنطونيو”، ومقرها برلين، والتي تعمل على مواجهة التطرف اليميني، أنه يمكن للأفراد أن يصبحوا متطرفين بسهولة عبر الإنترنت.

ويقول ميرو ديتريتش، الذي أشرف على دراسة استغرقت عامين لمحتوى الوسائط الاجتماعية المتطرفة، إن هناك “شبكةً من المحتوى على الإنترنت تخاطب المجموعات المستهدفة المختلفة وتجذبهم إلى عالم بديل (متطرف)”.

ويقول ديتريتش، منذ نشأة الإنترنت، تعلم النشطاء اليمينيون المتطرفون، على الرغم من “التجربة والخطأ”، تأطير المحتوى ورعايته لجذب المتطرفين، ويقول إن هؤلاء النشطاء سارعوا بتجربة منصات جديدة على الإنترنت واعتمادها، وكذلك إنتاج مردود مادي، على سبيل المثال من خلال إعلانات “يوتيوب”، والتبرع، وحملات التمويل الجماعي.

ويجادل بأن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يتواصلون بشكل متزايد مع بعضهم البعض على شبكات “Dark social”، والتي يصعب مراقبتها.

ووفقاً لدراسة مؤسسة أماديو أنطونيو، هناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر التطرف عبر الإنترنت، أحدها خوارزمية التشغيل التلقائي في “يوتيوب”، والتي على الرغم من أنها قد ضبطت إلى حد ما، فإنها ما تزال تميل إلى الترويج لمحتوى مثير للجدل.

وعامل آخر هو القدرة على إنشاء دردشات المجموعة مع 200 ألف مستخدم على خدمة “تيليغرام ماسنجر”، غير أن تطبيق “واتساب” يحدد عدد المستخدمين في مجموعة الدردشة بـ 256 شخصاً على الأكثر، ويسمح تطبيق “تيلغرام” أيضاً للمستخدم بالعثور على مستخدمين آخرين، ويمكن أن توفر كلتا الميزتين منصةً كبيرةً لنشر المحتوى المتطرف.

وتشير الدراسة أيضاً إلى أن المتطرفين على “إنستغرام” قد بدأوا في نشر أيديولوجيتهم من خلال استخدام “هاشتاغات” شعبية، كما أن “حركة الهوية” قد بدأت في نشر محتوى متطرف يميني ولكن بطريقة مختلفة، وعلاوةً على ذلك، بدأ المتطرفون في إنشاء منصاتهم الخاصة على الإنترنت والتي تعمل بشكل فعال على إيقاف أي شخص لا يشاركهم نظرتهم للعالم.

ووجدت الدراسة أن تأثير “غرفة الصدى” هذه يعزز طريقة تفكيرهم.

وبحسب الدراسة، فالعديد من أولئك الذين يجتمعون على هذه المنصات يعتبرون أنفسهم “صليبيو العصر الحديث”، الذين يجب عليهم إنقاذ “العالم الغربي”.

تشير الدراسة إلى أن الروايات المسمومة، مثل تلك التي تدعي أن الألمان يهجرون من قبل الأجانب، من شأنها أن تنتشر بسهولة عبر الإنترنت. عندما يصادف المستخدمون محتوى مثير للريبة عبر الإنترنت يؤكد مثل هذه الروايات، يشعرون بشكل متزايد بالتهديد ويصبحون أكثر انفتاحاً على الحلول الجذرية.

وتشير الدراسة إلى أن الأوساط اليمينية المتطرفة في مختلف البلدان تستخدم الإنترنت للتواصل مع بعضها البعض، وتستخدم اللغة الإنكليزية كلغة مشتركة للتواصل فيما بينهم.

والإرهابيون اليمينيون المتطرفون يتعلمون ويستلهمون من بعضهم البعض، الأمر الذي قد يحفز آخرين على ارتكاب جرائم مماثلة.

منذ هجوم أندرس بريفيك الإرهابي في عام 2011، بات من الشائع أن يترك الإرهابيون المتطرفون اليمينيون بياناً.

ومنذ هجمات كرايست تشيرش في عام 2019، قام العديد من المتطرفين ببث جرائمهم.

تفيد الدراسة أنه من خلال بث أعمالهم الوحشية، يسعى هؤلاء الإرهابيون إلى جذب اهتمام وسائل الإعلام والانترنت، وبينما يبدو أنهم مثل “الذئاب الوحيدة أو المنفردة”، فإنهم في الواقع مرتبطون بشبكة واسعة من المتطرفين المتشابهين في التفكير.

كاي أليكساندر شوتس – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها