ثبات روسي في دعم الأسد : أوان التغيير لم يحن
ترافق تفاقم الخلاف بين عائلة الأسد وآل مخلوف وظهور مقالات في مواقع إخبارية روسية غير بعيدة عن سياسة موسكو تنتقد الفساد في النظام السوري، مع تكاثر الأحاديث عن توجه أو رغبة روسية في إبعاد رئيس النظام بشار الأسد. وبدا في الآونة الأخيرة أن عدداً من المعارضين السوريين كانوا من بين أبرز الذين ذهبوا بعيداً في البناء على ما ينشر من مقالات في بعض المواقع الروسية، متوهمين أن الأسد قد انتهى سياسياً. ووجدت هذه القراءات من يسخر منها في موسكو، لأن الجو السياسي مناقض لما يشيعه معارضو النظام، خصوصاً أن لروسيا حساباتها الخاصة في الملف السوري، بالتالي فإن استعجال المعارضة في البناء على خلافات النظام وبعض المقالات لاستخلاص أن نهاية الأسد في الحكم قد اقتربت، عكس ليس فقط حالة الضعف التي تعاني منها بل أيضاً عدم قدرتها على قراءة السياسة بشكل صحيح.
في السياق، شدّدت مصادر روسية على ثبات موقف الكرملين بشأن القضية السورية عبر التنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية إضافة إلى “الحكومة الشرعية” في دمشق. وفي حين سخر مصدر مقرّب من وزارة الخارجية الروسية من تحديد مصادر في المعارضة السورية تواريخ لموعد الإطاحة بالأسد وإبعاد إيران من سورية بناء على تقارير صحافية “ملفقة” وأخرى لا تعبر عن الموقف الرسمي الروسي، نفى مصدر آخر وجود أي علاقة لروسيا بالأزمة المتصاعدة بين النظام ورجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وأشار إلى أن “مشروع روسيا في الشرق الأوسط وتدخلها في سورية أكبر بكثير من مجرد ربح بضعة مليارات من الدولارات، فهذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية للأمن القومي الروسي ودور موسكو العالمي”.
وفي مقابل من يقلّل من أهمية تمسك موسكو بشخص الأسد تحديداً، هناك رأي في موسكو يفيد بأن روسيا لن تجد أفضل من رئيس النظام السوري في الظروف الحالية ليكون أداة طيعة لتحكّمها بسورية ولتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، نظراً لضعف سلطة الأسد حالياً وإدراكه أنه يدين في بقائه في الحكم للتدخل الخارجي، الروسي والإيراني خصوصاً. وتعترف أوساط روسية مقرّبة من السلطة في موسكو، بأن تركيبة النظام السوري وطريقة عمله تجعلان من الصعب جداً إيجاد بديل عن رأسه (بشار الأسد) تكون له قدرة معقولة على إمساك الحكم والمؤسسات الرسمية الرئيسية.
وأوضح خبير روسي مقرّب من دوائر صنع القرار في موسكو لكنه طلب عدم ذكر اسمه، أن “الموقف الروسي ثابت بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية عبر التنسيق مع الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع”، مشدّداً في اتصال مع “العربي الجديد”، على أن “اهتمام روسيا لا ينصبّ أساساً على مصير الرئيس بشار الأسد بل على إنقاذ بنيان مؤسسات الدولة السورية”. وأشار الخبير إلى أن “بعض التقارير الإعلامية تم فهمها بشكل خاطئ، بعد المبالغة في التركيز على جزء منها وبناء تحليلات تحدد مواعيد وهمية للإطاحة بالأسد وإخراج إيران من سورية”. ولفت إلى أن “جزءاً من الحملات على فساد النظام بما فيه الأسد محق وذو مصداقية، لكن بعضها لا يمكن التعويل عليه، خصوصاً أنها بدأت من مواقع مدعومة من أطراف متورطة اقتصادياً وعسكرياً في الصراع السوري، ولا تعبّر بالضرورة عن موقف الخارجية أو الكرملين (في إشارة إلى التقارير التي نشرتها وكالة الأنباء الفدرالية الروسية التابعة لطباخ الكرملين وممول مجموعات فاغنر للمرتزقة يفغيني بريغوجين، وتناقلتها الوكالات الأخرى”. وخلص الخبير إلى القول إن “موسكو مصرّة على أن أي تغيير في السلطة في دمشق، يجب أن يتم بإرادة السوريين وضمن انتخابات وليس عبر عمليات عسكرية”، لافتاً إلى أن “الاستحقاق المقبل هو رئاسيات عام 2021، ويمكن للجميع التنافس، بمن فيهم الأسد، لتحديد اسم الرئيس المقبل لسورية”.
في السياق، برز ما كتبه رئيس معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فيتالي ناعومكين، نافياً وجود تغيير في سياسة روسيا بشأن سورية. ناعومكين، الذي ساهم بشكل كبير في الإعداد لمؤتمر سوتشي في يناير/ كانون الثاني 2018، أكد في مقال أنه “لا يمكن الوثوق بأخبار وسائل الإعلام التي تفيد بأن روسيا متورطة في نوع من النزاعات بين مجموعات داخل الطبقة السياسية السورية أو أنها تضغط على شخص ما فيها، من أجل الحصول على منافع اقتصادية”، إلا أنه أكد أن محاربة الفساد والفقر من بين الأولويات الروسية في سورية.
سامر إلياس – العربي الجديد[ads3]