فولكسفاغن الألمانية تتخلى عن فكرة بناء أحدث مصانعها في تركيا

صرفت مجموعة فولكسفاغن الألمانية العملاقة لصناعة السيارات الأربعاء النظر نهائيا عن خططها المتعلقة بإنشاء منصع جديد في تركيا بسبب الأزمة العالمية التي تضرب القطاع بسبب الوباء.

ويعتبر القرار ضربة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان يأمل في استدراج أحد أكبر مصنعي السيارات في العالم بعد أن قدم له كل الامتيازات والحوافز الضريبية والاستثمارية من أجل إقامة وحدة له في البلاد.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المجموعة قولها الأربعاء من مدينة فولفسبورغ إن “القرار يأتي على خلفية تراجع الطلب العالمي على السيارات بسبب أزمة كورونا”. وتعني الخطوة، أن فولكسفاغن قامت بتجميد حوالي 1.3 مليار يورو (حوالي 1.4 مليار دولار) كاستثمارات كان من المقرر ضخها في الاقتصاد التركي خلال السنوات المقبلة.

وقد سجل العملاق الألماني بالفعل فرعا تركيا له في السجل التجاري بمدنية مانيسا برأس مال تبلغ قيمته نحو 164 مليون دولار، ولكن بعد هذه الخطوة يتوقع أن تدخل فولكسفاغن في طريق قانوني لفض هذه المشكلة.

ومن الواضح أن أحلام أردوغان تبخرت في السيطرة على معدلات البطالة بعد قرار المجموعة الألمانية، حيث كان من المتوقع أن يوفر المشروع حوالي 4 آلاف فرصة عمل مباشرة في المنطقة.

وقال متحدث باسم الشركة لصحيفة أوتومبيل فوخه المحلية المتخصصة في صناعة السيارات إنه “لم يكن من الضروري إنشاء مصنع جديد للشركة”. وأوضح أنه سيُجرى تصنيع جميع مشاريع المركبات المخطط لها الآن في مرافق الإنتاج ضمن شبكة فولكسفاغن الحالية.

وقبل تفشي الجائحة، أرادت فولكسفاغن توسيع الطاقة الإنتاجية لنموذج باسات التابع للعلامة التجارية الأساسية ونموذج سوبيرب التابع لعلامة سكودا وسيات الإسبانية التابعة للمجموعة عبر إنتاج نحو 300 ألف سيارة من مصنعها في مانسيا.

ورغم أن تراجع الطلب العالمي أثر على الإنتاج بشكل عام، لكن إلغاء المشروع لا يخلو من علاقة بالسياسات، التي يتبعها أردوغان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأمر الذي زاد مشاكل الاقتصاد التركي.

وأعربت منظمة العفو الدولية عن إشادتها بقرار فولكسفاغن بشأن تجميد خطط إنشاء مصنع للشركة في تركيا، حتى إشعار آخر.

وقال الخبير الاقتصادي بالمنظمة في ألمانيا ماتياس يون، في تصريح لصحيفة هانوفرشيه ألجماينه تسايتونج الأربعاء، “نرحب بأخذ شركات مثل فولكسفاغن الظروف الأساسية لحقوق الإنسان في الاعتبار وبشكل واضح عند اتخاذ قراراتها”.

وقد أجلت فولكسفاغن خلال الخريف الماضي خططا لاتخاذ قرار بشأن المصنع الجديد في مانيسا بالقرب من إزمير، وهي بلدة يهيمن عليها حزب العدالة والتنمية، بسبب العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا.

وتعرضت المجموعة العام الماضي إلى ضغوط داخلية شديدة بدأتها المستشارة أنجيلا ميركل لصرف النظر عن المشروع بسبب الأعمال “المعادية التي يشنها أردوغان على جيرانه”.

وتعهدت نقابة العمال القوية لمجموعة فولكسفاغن في نوفمبر الماضي، بالتصدي لخطة الشركة لبناء مصنع في تركيا حتى يتوقف الاجتياح التركي لشمالي سوريا.

وقال رئيس مجلس الأعمال العالمي لفولكسفاغن وعضو مجلس الإشراف بيرند أوسترلو، في تصريحات نشرتها جريدة خاصة بالنقابة حينها “أريد أن أقول بشكل أكثر وضوحا يرفض ممثلو العمال الموافقة طالما أن تركيا تحاول تحقيق أهدافها السياسية بالحرب والقوة”.

ورغم قرار تجميد إنشاء مصنع جديد في تركيا، أعلنت المجموعة أنها لا تبحث عن موقع بديل، لكن يبدو أن حظوظ دول أوروبا الشرقية الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وهي بلغاريا ورومانيا وصربيا الساعية لمثل هذا النوع من الاستثمار قد انتعشت.

وقال مدير الإنتاج في الشركة أندرياس توستمان “لسنا حاليا بصدد وضع خطط بديلة لمقر المصنع الجديد ولا نزال في مرحلة مراقبة دقيقة”. وحاولت بلغاريا، التي كانت ضمن القائمة القصيرة للدول المرشحة لاستضافة المصنع، العودة للمنافسة على الحصول على الموقع عبر عرض محسن.

وهناك تسريبات تشير إلى أن فولكسفاغن اختارت سلوفاكيا بدلا من تركيا لصنع سياراتها باسات بأحد مصانعها، لكن يتبين من تصريحات المسؤولين في المجموعة أنه لا يوجد قرار رسمي بهذا الشأن حتى الآن.

وصارت تركيا، تحت حكم أردوغان في حاجة ماسة لعودة تدفق رؤوس المال الأجنبية بنفس القدر السابق، بعد ذلك التراجع الحاد الذي تسببت فيه أخطاء الحكومة الحالية، وافتقارها إلى الكفاءة اللازمة.

وينطوي المشروع على أوجه قصور، فبالإضافة إلى أنه يدعم توجهات الرئيس التركي إلا أنه لا ينسجم مع البيئة، حيث أن فولكسفاغن كانت تدرس للتخلص من إنتاج السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي في ألمانيا إلى إحدى دول أوروبا الشرقية.

وهوت العملة التركية في أعقاب التوغل العسكري في سوريا لتصبح الأسوأ أداء بين العملات الرئيسية في العالم، في تحرك يبدو أشد قتامة في ضوء ارتفاع معظم عملات الأسواق الناشئة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها