بعد 30 عاماً على الوحدة .. ألمانيا منارة عالمية للسياحة و السفر رغم كورونا

استعادت ألمانيا وحدتها في 3 تشرين الأول 1990، وتحديداً بعد عام تقريباً من سقوط جدار برلين، في 9 تشرين الثاني 1989، والذي شكّل بداية انطلاق الجهود الوطنية للترويج لألمانيا كوجهة سياحية مميزة لملايين السياح حول العالم والراغبين باكتشاف وجهات سفر جديدة وخوض تجارب طبيعية وثقافية مميزة.

واستقطبت البنية السياحية في كافة أرجاء البلاد رؤوس الأموال العامة والخاصة في السنوات التالية، واستثمرت الحكومة الاتحادية ما يقارب 40 مليار يورو في تطوير الطرقات وخطوط السكك الحديدية، كما ساهمت شركات الضيافة المحلية والعالمية إلى جانب رواد الأعمال المستقلين في بناء قطاع الضيافة وتقديم تجربة طعام تتسم بالتنافسية العالية، واليوم، تقدم ألمانيا لضيوفها أكثر من 50 ألف مرفق للإقامة، تضمّ ما يزيد على 3.7 مليون سرير فندقي على امتداد البلاد.

ودعمت شركات السياحة والسفر الألمانية متوسطة الحجم الاقتصاد الألماني بمبلغ 105 مليارات يورو (ما يعادل 4% من حجمه)، وأمّنت ما يقارب 3 ملايين فرصة عمل، كما حصلت ألمانيا في عام 2019، مرةً أخرى، على المرتبة الثانية في تصنيف الوجهات السياحية الأكثر شعبية بالنسبة للأوروبيين، باستقطابها 60.8 مليون رحلة، لتأتي بذلك بعد إسبانيا وتتقدم على إيطاليا وفرنسا.

وقالت بترا هيدورفر، الرئيسة التنفيذية للمجلس الوطني الألماني للسياحة: “ثلاثون عاماً من وحدة ألمانيا كانت كفيلة لتظهر تأثير نمو الاقتصاد وتطوير المواقع السياحية في تعزيز جاذبية ألمانيا بالنسبة للسياح”.

يركز المجلس الوطني الألماني للسياحة على مزيج المدن والثقافة وتسليط الضوء على جمال الطبيعة ومناطق الجذب كعناصر أساسية عند الترويج للسياحة في ألمانيا.

واليوم، تعدّ ألمانيا الوجهة السياحية الثقافية والحضرية المفضلة في أوروبا على مدار العام، ويأتي هذا الإنجاز ثمرة ثلاثين عاماً من الاستثمار في تجديد المعالم السياحية ذات الأهمية التاريخية والثقافية في الولايات الاتحادية الشرقية ومناطق الجذب السياحية الحديثة في مدن الولايات الغربية.

وتضم ألمانيا 46 موقعَ جذبٍ مدرجاً في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ويمكن العثور على ثلث هذه المواقع في الولايات الفيدرالية الألمانية الجديدة.

وتواصل البلاد تعزيز جاذبيتها كوجهة سفر مميزة لعشاق الطبيعة والنشاطات الاستثنائية بفضل شبكة واسعة من مسارات المشي الجبلية، والتي يزيد طولها عن 200 ألف كم، إلى جانب 70 ألف من المسارات الطويلة الخاصة بركوب الدراجات. كما يصنّف ما يزيد على 30% من المساحات الطبيعية في ألمانيا كمحميات طبيعية.

وتندرج الطبيعة والمناظر الطبيعية ضمن معايير القرار الأربعة، التي يعتمدها السياح العالميون لزيارة ألمانيا. وبهذا تصنّف ألمانيا كثاني وجهة سفر طبيعية بين وجهات السفر، التي يفضلها الأوروبيون حول العالم.

وعلاوةً على ذلك، تحظى ألمانيا بمكانة مرموقة في قطاع السياحة والسفر الدوليين، إذ تعدّ الوجهة العالمية الأولى لاستضافة المعارض التجارية والوجهة الأوروبية الرائدة في مجال المؤتمرات والاجتماعات.

وأضافت بترا هيدورفر: “يتوجب علينا الآن الحفاظ على هذه المكانة التنافسية في السياحة الوافدة من خلال اعتماد استراتيجية استثنائية للتعافي من جائحة كوفيد-19، مرتكزين على سمعة ألمانيا كوجهة سياحية مفضلة توفر العديد من العروض المميزة”.

يعتمد المجلس الوطني الألماني للسياحة على تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة والمسؤولية الاجتماعية في البلاد، والتي تندرج في صميم مبادرة الاستدامة للتسويق لألمانيا كوجهة سفر، في سبيل توسيع مكونات جوهر العلامة التجارية وتعزيز الفرص المستقبلية لألمانيا كوجهة سياحية.

ويتجلى ذلك بالأهمية الكبيرة، التي تكتسبها البلاد، فقد أحرزت ألمانيا المركز الخامس في مؤشر أهداف التنمية المستدامة 2020، والذي يتتبّع النجاحات، التي حققتها أكثر من 190 دولة في مجال الاستدامة، وتندرج 4 من مدنها الكبرى بين أفضل 20 مدينة في مؤشر المدن المستدامة الصادر عن شركة “أركاديس”، كما حافظت ألمانيا لعدة سنواتٍ على صدارة مؤشر تنافسية السياحة والسفر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في الجوانب البيئية.

توقف قطاع السفر العالمي بشكلٍ مفاجئ في ربيع 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، ويواجه اليوم قطاع السياحة في ألمانيا نصيبه أيضاً من التحديات غير المسبوقة بالتزامن مع حلول الذكرى الـ30 للوحدة.

وتشير التحليلات، التي أجرتها شركة “توريزم إيكونوميكس”، إلى أن عدد ليالي الإقامات الفندقية ستنخفض بنسبة لا تقل عن 51%، مقارنةً بعام 2019، وهو ما يعادل 44.1 مليون ليلة فندقية للزوار، مما سيعيد أداء القطاع إلى عام 2004.

وعلى الرغم من ذلك، يصنّف مؤشر “إنهولت-إبسوس” للعلامة التجارية للبلاد لعام 2020 ألمانيا على أنها واحدة من أبرز 20 دولة يرغب السياح بزيارتها خلال السنوات الخمس المقبلة، كما أكّد الاستطلاع على مكانة ألمانيا الرائدة في التعامل مع الأزمة، التي تعصف بالنظام الصحي. (al-ain)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها