دويتشه فيله : ألمانيا و الانتخابات الأمريكية .. مراهنة على بايدن و قلق من بقاء ترامب !
هل وصلت العلاقات بين ضفتي الأطلسي غلى أدنى مستوياتها في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟، النائب بيتر باير، من كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي في البرلمان الألماني (بوندستاغ) لا يحتاج للتفكير طويلاً للإجابة على هذا السؤال، ففي أغسطس 2018، وصل الأمر إلى أدنى مستوى، عندما وصف دونالد ترامب الأوروبيين كأعداء، و”هنا تم تجاوز الحد”، يقول باير، منسق العلاقات الأطلسية للحكومة الالمانية في “بوندستاغ”.
ويضيف لشبكة “DW” الإعلامية: “لا نريد سماع ذلك من أي أحد، وبالأحرى من رئيس أمريكي”.
وخلال السنوات الأربع لفترة حكمه، تغير الكثير بين واشنطن وبرلين، يقول باير، لا سيما فيما يتعلق بأسلوب التواصل، “كنا في الحقيقة متعودين بأن ننسق المواقف فيما بيننا، وهنا وجب علينا تعلم الكثير”، فمثلاً عندما أعلن ترامب عن نيته سحب وحدات أمريكية من ألمانيا، “علمنا ذلك من خلال مقال صحفي في وول ستريت جورنال، ثم سيطر الصمت طوال أسبوع”، يصف باير العلاقة وأسلوب التعامل الجديد لإدارة ترامب.
وحتى العلاقة الشخصية بين دونالد ترامب والمستشارة أنغيلا ميركل تبدو مضطربة، فتاجر العقارات والفيزيائية لا يختلفان فقط في الأسلوب، حيث أنه صاخب وهي هادئة، بل حتى سياسياً بينهما فارق كبير.
وسواء تعلق الأمر بحماية المناخ والتجارة العالمية وسياسة اللجوء أو مؤخراً في أزمة كورونا، فنادراً ما كان هناك في برلين تطلع لحصول تغير في السلطة في واشنطن كما هو الحال الآن، وهذا لا ينطبق فقط على النخبة السياسية، فحسب استطلاعات للرأي يتمنى فقط نحو 13% من الألمان أن يحكم ترامب لولاية ثانية، وفقط أنصار حزب البديل من أجل المانيا الشعبوي يتمسكون في غالبيتهم بترامب، فأكثر من ثلثيهم يأمل في فوز ترامب، لكن يجب ألا ننسى أن أنصار حزب البديل الشعبوي يبقون أقلية.
“كل شخص عاقل يتمنى فوز جو بايدن في الثالث من تشرين الثاني”، يقول يوهانس كيندلر (74 عاماً)، الذي عايش الأوقات الذهبية للصداقة الألمانية الأمريكية، وكان مستشاراً حكومياً في المستشارية الألمانية في عهد الرؤساء الأمريكيين، ريغان وبوش الأب وكلينتون.
ويذهب كيندلر الآن بالدراجة الهوائية إلى الحي الأمريكي السابق في مدينة بون، فالشوارع هنا أوسع من مثيلاتها في باقي المدينة وتحمل أسماء جون إف كندي ومارتن لوثر كينغ، وبعد الحرب كان يسكن هنا في العاصمة السابقة للجمهورية الاتحادية الألمانية ضباط وموظفو السفارة الأمريكية، وتحول الاحتلال إلى صداقة.
وكيندلر كان يلعب التنس مع أصدقاء أمريكيين، وكان يحل ضيفاً على النادي الأمريكي للتنس بجانب نهر “الراين”، وعندما يمر اليوم بالدراجة قبالة النادي، فإنه يتخيل انهياراً للعلاقات الألمانية الأمريكية، فالبناية التي حل بها سابقاً جون إف كندي ورونالد ريغان كضيوف، متداعية اليوم، ورسوم الغرافيتي واضحة على جدرانها والأبواب الخشبية متهالكة، وفي عام 1999، تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن الحي في بون، وأصبحت برلين عاصمة ألمانيا بعد توحيدها.
“أسوأ من هذا غير ممكن”، يقول كيندلر لشبكة “DW” الإعلامية، ولا يعني بذلك تهالك مبنى النادي الأمريكي، بل الرئيس الأمريكي الحالي، لكن “ما يتم إغفاله هو علاقة الشعوب، فهي أفضل مما هي عليه بين مراكز السلطة”، وحتى اليوم، هناك العديد من الأمريكيين من بين أصدقاء كيندلر، فإذن الواجهة فقط هي المتداعية والأساس سليم.
“لدي قلق من أن يتآكل أساس أو ركائز هذا الجسر الأطلسي ويُخدش”، يقول النائب البرلماني بيتر باير، وفي النهاية يجب القول إن العالم تغير مبدئيا، “هذا ما رفضنا طويلاً النظر إليه، لأنه متعب، كان دوماً مريحاً في العقود الأخيرة المرح تحت مظلة الأمريكيين وعيش حياة رغيدة، هذا لم يعد ممكناً”، وفي حال فوز بايدن، ستتحسن العلاقة مع واشطن بالتأكيد، لكن حتى هو سيطلب من الألمان تحمل المسؤولية، كما يرى باير مثلاً، بالنظر إلى نفقات الدفاع، “طلبات الولايات المتحدة الأمريكية منا ستكون على الأقل بنفس القدر التي هي عليه في عهد دونالد ترامب”.
هذا ما تراه أيضا فرنتسيسكا برانتنير، المتحدثة باسم كتلة حزب الخضر للشؤون الأوروبية في البرلمان الألماني، وتقول لشبكة “DW” الإعلامية إن “النزاعات في جوارنا المباشر هي نزاعات أوروبية، وحتى مع رئيس ديمقراطي سنتحمل في المستقبل المسؤولية”، وتضيف: “لذلك يجب علينا رسم سياستنا الخارجية الألمانية على نحو أوروبي، ويجب علينا وضع الجوانب الأوروبية المشتركة في المقدمة حتى نبقى قادرين على العمل كألمان وأوروبيين”.
لكن فيما يتعلق بموضوع حماية البيئة، تراهن برانتنير على بايدن، ففي الوقت الذي يشك فيه دونالد ترامب باستمرار في تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، يعتزم منافسه بايدن أن يجعل من الولايات المتحدة حتى عام 2050 محايدة فيما يتعلق بانبعاثات الكربون والتأثير على المناخ.
“لدي بالفعل الأمل في أن تتم تقوية اتفاقية باريس لحماية المناخ من جديد”، تقول برانتنير، وتأمل في “صفقة خضراء عبر الأطلسي واستثمار مشترك في تكنولوجيات حديثة ونفرض مستويات مشتركة بالنظر إلى انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون”.
وتحت شعار “رائع معاً”، احتفلت وزارة الخارجية الألمانية في السنة الماضية بالصداقة الألمانية الأمريكية، وتم حينها النظر كثيرًا إلى الخلف، لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت موطناً مبشراً، وفي أيام الهجرة كبلد موعود لملايين الألمان الفقراء، وبعد الحرب العالمية الثانية كنموذج للحرية والرفاهية والتقدم، وفي عام 1990 ساهمت في تحقيق الوحدة الألمانية.
وهل المستقبل أيضاً سيأتي بأشياء رائعة مشتركة؟، الكثير سيكون مرهوناً بقضية ما إذا كان الرجل المقبل في البيت الأبيض سينظر إلى ألمانيا كعدو أو كشريك!.
بيتر هيله – دويشته فيله[ads3]