ألمانيا : أكثر من 600 إسلاموي خطير يمثلون تهديداً للأمن الداخلي
واحداً على الأقل من الجناة في هجوم فيينا كان معروفاً لدى الشرطة، فالشاب البالغ من العمر 20 عامًا، الذي قُتل مساء الاثنين، أثار الانتباه، لأنه حاول عدة مرات، بدون نجاح، الالتحاق بتنظيم “داعش” الإرهابي. لكن السلطات لم تتوقع منه تنفيذ هجوم إرهابي.
وهذا يختلف عن الأشخاص الـ 627 الذين يُصنفون من طرف سلطات الأمن الألمانية كعناصر خطيرة، منذ مطلع أيلول 2020، وبينهم أيضاً السوري، عبد الله ه، البالغ من العمر 20 عامًا، والذي هاجم في الـ 4 من تشرين الأول في مدينة دريسدن زوجين مثليين جنسياً بسكين مطبخ وأصابهما بجروح بليغة، وأحد الرجلين توفي بعدها بوقت قصير.
والسلطات تعتبر “حالة التهديد في ألمانيا على مستوى مرتفع، وألمانيا تواجه التهديد في نطاق هدف مباشر لمنظمات إرهابية”.
وتقرير المخابرات الداخلية (هيئة حماية الدستور)، المنشور في مطلع تموز 2019، يتحدث عن مخططات اعتداءات محبطة تؤكد خطورة الوضع القائم، ويعتبر جهاز المخابرات الداخلية بشكل خاص “العناصر المنفردة المتأثرة بالمنظمات الإرهابية خطيرة”، لأنه من الصعب التعرف عليهم مسبقا.
مفهوم العنصر الخطير تداولته أوساط الشرطة، وفي الأثناء يوجد تفسير موحد على مستوى ألمانيا، ويُذكر أن “العنصر الخطير هو شخص تبرر بعض الحقائق إلى الافتراض بأنه سيقوم بتنفيذ جرائم ذات دوافع سياسية”.
ومن بين تلك الحقائق، تندرج معلومات الأجهزة الأمنية أو أقسام أمن الدولة التابعة للشرطة، ولا يحق سجن العناصر الخطيرة ما دام لا يمكن تحميلها مسؤولية فعل يستوجب العقاب، فقوانين الأمن الألماني، لا سيما القانون الجنائي، يعتمدان على الأفعال وليس التوجه الفكري او الخطورة، لكن العضوية في تنظيم إرهابي تعتبر جريمة جنائية، كما أنه محظور “الإعداد ودعم جرائم خطيرة على أمن الدولة”.
وإلى جانب العناصر الخطيرة تراقب سلطات الأمن كذلك 500 من “الأشخاص المعنيين”، وقد يكونون أشخاصاً قياديين وداعمين أو فاعلين داخل المشهد الإرهابي، ويُعتقد أيضًا أنهم قادرون على دعم اعتداءات إرهابية أو تنفيذها، وقد يكونون ببساطة عناصر تواصل أو عناصر مرافقة للعناصر الخطيرين، ومن بين الـ 300 عنصر المتشدد العائدين من سوريا والعراق إلى ألمانيا تم في الأول من تموز إحصاء 109 كعناصر خطيرة و90 كأشخاص معنيين.
وفي المجمل/ تقدر الحكومة الألمانية أن الإرهاب الإسلاموي في ألمانيا يمكن له الاعتماد على طاقة نحو 30000 من الأشخاص، والغالبية، أي 12000، تنحدر من الوسط السلفي.
كل عنصر خطير يخضع لوحده لتقييم السلطات الأمنية، وبناء على هذا التقييم تُتخذ إجراءات مختلفة، وسلطات الشرطة جد متحفظة في إعطاء معلومات عن جدول إجراءاتها التي تشمل أساليب المراقبة الفنية والمراقبة المستمرة من قبل قوى الشرطة، وفي حالة التواصل مع العنصر الخطير يتم إبلاغه بأن الشرطة تراقبه وتعتبر الوضع جدياً، والمراقبة التامة تكون جد مرتبطة بالشخص المعني، وبحسب جهاز المخابرات، فإن هناك حاجة إلى 25 حتى 30 شرطي لمراقبة شخص ما وبالتالي هي تُنفذ فقط في حالات متفرقة.
وفيما يخص الجاني في دريسدن، فقد تم التخلي عن المراقبة المستمرة، وعبد الله هـ أُطلق سراحه فقط في أيلول، قبل وقت قصير من ارتكاب جريمته، وكان قد أمضى فترة عقوبته وشارك في برنامج نبذ الراديكالية، لكن الشاب البالغ من العمر 20 عاما ظل راديكالياً وخطيراً، ولذلك وجب عليه يومياً المثول أمام الشرطة، وجهاز المخابرات وضع كاميرا خفية أمام مدخل شقته، وحقيقة أنه اشترى قبل الهجوم في متجر بدريسدن مجموعة سكاكين، فهذا على ما يبدو لم تعلمه السلطات.
وبعد اعتداءات إرهابية، يدور دوماً النقاش حول إجراءات ترحيل العناصر الخطيرة، فبعد القتل بالسكين في دريسدن مثلاً، فكر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في إلغاء قرار وقف ترحيل العناصر الخطيرة إلى سوريا.
وبغض النظر عن السؤال المبدئي، ومفاده هل يكون أخلاقياً ترحيل عناصر لم يصدر بحقها حكم قضائي إلى منطقة حرب، فإن عمليات الترحيل إلى سوريا تتضمن جملة من الإشكاليات العملية، وفي المقام الأول، هو أن برلين لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دمشق، ولا توجد قنوات رسمية مع السلطات هناك.
وبشكل عام، يتم ترحيل العناصر الخطيرة، فمنذ 2017، يتم تبني إحصائيات في هذا المجال، وحتى نهاية 2019، كان عددهم بالتحديد 90 عنصراً خطيراً وشخصاً معنياً، وعمليات الترحيل تكون في الغالب صعبة وطويلة الأمد، وهذا ما تكشفه حالة أنيس عمري، الذي تسبب اعتداؤه في سوق عيد الميلاد بوسط برلين في مقتل 12 شخصاً، أكبر عدد من الضحايا في ألمانيا في 2016، كما أن عمري كان يتنقل بـ14 هوية مختلفة على الأقل، ولم تنجح السلطات الأمنية الألمانية في الحصول على وثائق هوية له من تونس إلا بعد يومين من وقوع الاعتداء.
لكن غالبية العناصر الخطيرة في ألمانيا لديها جواز سفر ألماني.
ماتياس فون هاين – دويتشه فيله[ads3]