قصة لاجئ سوري احتجز و رحل 13 مرة من اليونان
قالت الكاتبة ياسمين كاي في مقال نشرته صحيفة “لوتون” (Le Temps) السويسرية إنه بمساعدة 3 منظمات، وهي “فورنسيك آركيتكتشر” (Forensic Architecture) و”هيومن رايتس 360″ (Human Rights 360) وشبكة العمل القانوني العالمية، قدّم السوري فادي الجاسم مؤخرا شكوى ضد اليونان إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لانتهاكها حقه في الحياة.
كما تضمنت الشكوى الاتهام بأعمال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، فضلا عن محاولة الإخفاء القسري التي تعرض لها، وهو ما يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحماية كل الأشخاص من الإخفاء القسري.
وذكرت الكاتبة أنه في أغسطس/آب 2020، سألت الصحفية كريستيان آمانبور من “سي إن إن” (CNN) رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عن مزاعم الإعادة القسرية غير القانونية للمهاجرين إلى تركيا، والتي نفذتها الشرطة اليونانية وحرس الحدود في عرض البحر وعلى طول نهر ماريتسا أو إفروس منذ شهور. كما يقال إن عناصر من الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل شاركوا في هذه العمليات.
ونفى كيرياكوس ميتسوتاكيس ذلك تماما؛ إلا أنه، وفقا للصحيفة، لا يمكنه فعل ذلك في الوقت الحالي، بعد أن تعددت التقارير والشهادات والشكاوى ضد حرس السواحل وحرس الحدود والشرطة اليونانية. كما تعد الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل أيضا محور تحقيق داخلي طالبت به المفوضية الأوروبية. ونشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة لمجلس أوروبا مؤخرا تقريرا صادما عن نظام احتجاز المهاجرين في اليونان وممارسات الإعادة القسرية.
لكن رحلة فادي الجاسم هي خير دليل على الممارسات “الدنيئة والإجرامية” لشرطة الحدود اليونانية. فقد مثلت شهادته، على غرار العديد من الشهادات الأخرى، موضوع تحليل دقيق من قبل معهد فورنسيك آركيتكتشر المتخصص في إعادة بناء تسلسل الحقائق بناء على جلسات الاستماع وبيانات الهاتف الجوال وصور الأقمار الصناعية.
وبينت الكاتبة أن صاحب الشكوى، فادي الجاسم، هو لاجئ سوري (26 عاما) يعيش في ألمانيا منذ 2015، وهو من دير الزور، البلدة التي فر منها بعد دخول تنظيم الدولة إليها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قرر الذهاب إلى اليونان للعثور على شقيقه البالغ من العمر 11 عاما المفقود في ضواحي ديموتيقة في منطقة إفروس (شمال شرق البلاد). وللقيام بهذه الرحلة، كان فادي يمتلك أوراقا صالحة تسمح له بالسفر بشكل قانوني. وتظهر وثائقه أنه لاجئ في ألمانيا، وبالتالي كان وجوده في الاتحاد الأوروبي قانونيا.
وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، اعتقله 3 من رجال الشرطة اليونانية في محطة ديموتيقة للحافلات. استجوبوه عن أصوله وفحصوا أوراقه؛ لكنهم قرروا مواصلة الاستجواب في مركز الشرطة قبل أن ينقلوه في حافلة صغيرة إلى مكان مجهول كان كوخا موجودا في الطبيعة. وهناك، صادروا جواز سفره ومفاتيح شقته في ألمانيا ومحفظته وهاتفه. كان رجال الشرطة اليونانية برفقة رجال يتحدثون الألمانية. وضعوه في زنزانة مع أشخاص آخرين منهم رجال ونساء وأطفال. وفي إحدى الليالي، نُقل الجميع إلى الساحل، وعندما أُعطيت الإشارة، وُضع مع عشرات الأشخاص على متن قارب دُفع به إلى الشاطئ المقابل. بعد ساعة، اعتقلهم الجيش التركي.
في تركيا، عاش فادي بلا أوراق ومال، وفي معظم الأحيان بلا مأوى. طلب المساعدة من السفارة الألمانية؛ لكن دون جدوى. بعد 12 محاولة لعبور نهر إفروس، تمكن من العبور إلى الأراضي اليونانية في ديسمبر/كانون الأول 2017. وفي أثينا، التقى بمحام دلته عليه منظمة “هيومن رايتس 360” غير الحكومية، التي ساعدته في إجراءاته في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بعد 3 سنوات من مغادرته ألمانيا، حصل أخيرا على وثيقة سفر لألمانيا في مايو/أيار 2020، وجدد تصريح إقامته الألماني.
وبحسب فادي، فقد اعتقلته الشرطة واحتجزته ورحلته لمجرد أنه سوري ويتحدث العربية. كان لهذه التجربة تأثير كبير على صحته، فقد أصبح فادي يعاني من مشاكل خطيرة في القلب، وخضع لعملية جراحية مؤخرا. وما زال شقيقه (15 عاما) مفقودا، هل مات خلال عملية إعادة قسرية؟ يظل ذلك ممكنا.
من هم الأفراد الناطقون باللغة الألمانية في مركز الاعتقال؟ يرجح التحقيق الذي أجراه معهد “فورنسيك آركيتكتشر” أنهم من أعوان الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل.
برا وبحرا، يشارك أعوان هذه الوكالة في الاعتقالات على حدود الاتحاد الأوروبي يوميا. فضلا عن ذلك، تعتبر الوكالة على علم بعمليات الإعادة القسرية غير القانونية؛ لكنها متورطة أيضا فيها، وهو ما أكده تحقيق أجرته مجلة “دير شبيغل” الألمانية، ومثل هذه الاتهامات ليست بحديثة. ففي عام 2019، اتهمت الوكالة بارتكاب أعمال عنف في بلغاريا والمجر واليونان، وطالبت المفوضية الأوروبية مؤخرا بإجراء تحقيق، وسيتعين على الوكالة الإجابة على أسئلة البرلمان الأوروبي. (aljazeera)
[ads3]