” أسراب ” المهاجرين اللاجئين ” تنقض ” على كاميرون
ليس #البريطانيّ هو ذاك الشخص المعتاد على أن يسمع كلّ فترة عبارات مثل “أسراب المهاجرين” على لسان أيّ مواطن عادي في دولته. فكيف إذا كانت عبارة كهذه جاءت على لسان رئيس وزراء حكومته ديفيد #كاميرون؟ طبعاً، لن يستطيع هذا الاخير وضع حدّ للبلبلة التي أحدثها تصريحه لتلفزيون “آي تي في” البريطاني الخميس في الثلاثين من تمّوز الماضي حين أكّد أنّ مدينة كاليه آمنة على رغم “أسراب” المهاجرين الذي يريدون العبور من المتوسّط الى #بريطانيا.
في الاساس، من غير المستبعد أن يكون كاميرون الآن في خضمّ إعادة حساباته السياسيّة والاعلاميّة بعد الكلام الذي أدلى به مؤخّراً، لأنّ السياسيّين والصحافيّين وغيرهم أمطروه – ولا يزالون- بانتقادات قاسية وجّهت اليه لتعامله مع المهاجرين بألفاظ لا تستخدم للبشر. الصحافي شاين كروشر لم يتأخر في الردّ على كاميرون فكتب في صحيفة “انترناشيونال بيزنس تايمس”، مقالاً يهاجمه تحت عنوان:” أزمة المهاجرين في كاليه: نؤنسن حيوانات كسيسيل الاسد ونُوحْشِن مهاجرين يائسين”. كروشر اعتبر أنّ كاميرون استخدم التعبير عن عمد و”بقرار سياسي محسوب”. وأيّد ما وصفه المجلس البريطاني للاجئين بأنّه استخدام لغوي يزيل صفة الانسانيّة عنهم، مؤكّداً أنّ هؤلاء الذين يتعرّضون للخطر طوال رحلتهم يريدون ما يريده الشعب البريطاني، أي مجرّد حياة أفضل لهم ولعائلتهم.
الانتقادات القاسية لم تأت من داخل الاوساط السياسية وحسب، بل أيضاً من الكنيسة الانغليكانية على لسان الاسقف تريفر ويلموت الذي اتهم مسؤولين عدّة، بمن فيهم كاميرون، بنسيان إنسانيّتهم. واتهم أيضاً بعض الاعلام بنشر “سموم” هدفها تسويق عدم التسامح تجاه المهاجرين. وتابع موضحاً:”نحن بحاجة الى اعادة اكتشاف معنى أن نكون بشراً وأنّ كلّ فرد من الانسانيّة هو مهمّ.” وشدّد على ضرورة معالجة أزمة المهاجرين لكن بطريقة غير عدائيّة.
الارتدادات لكلام كاميرون لم تكن محلّيّة فقط، بل إقليميّة ودوليّة ايضاً. فنائب عمدة كاليه فيليب مينيوني اتهمه بالعنصريّة، أمّا الممثّل الخاص للامم المتّحدة لشؤون الهجرة بيتر سوثرلند أعرب عن اعتقاده بأنّ موقف كاميرون تجاه الازمة يدلّ على أنّ “الدروس من النازيّة لم يتمّ تعلّمها بعد”.
لكنّ كاميرون لم يكن الوحيد الذي طُبعت تعابيره بالحدّيّة. وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند دخل في الجدل الدائر بقوّة كبيرة ومن أوسع أبوابه، حيث اعتبر أمس في حديث لهيئة الاذاعة البريطانيّة “بي بي سي” أنّ المهاجرين “المغيرين” الافارقة يمثّلون تهديداً للمعايير الاوروبية المتعلّقة بالحياة وسلامة البنية الاجتماعيّة. وأكّد أنّه طالما استمرّت هذه الاعداد الهائلة من المهاجرين بالتدفّق، فإنّ هذا الامر سيشكّل تهديداً لأمن النفق الذي يربط بين بريطانيا وفرنسا مما يعني أنّه يتوجّب إعادة الذين لا يستوفون شروط اللجوء الى بلادهم.
ردود أفعال قابله بها سياسيّو حزب العمّال اتّهمومه خلالها بإثارة الذعر عندما قال إنّ أوروبّا لا تستطيع حماية نفسها إذا أرادت إيواء ملايين المهاجرين من أفريقيا. واعتبروا في الوقت عينه أنّ هذا الكلام يدقّ جرس الانذار ولا يساعد في حل المشكلة، وشدّدوا على أن لا مكان للكلام الذي لا يحترم المعايير الانسانيّة في الخطاب السياسي البريطاني.
والمشكلة في أنّ نظرتي كاميرون و#هاموند عن قرب حل الازمة غير متطابقتين تماماً من الناحية الاجرائيّة، على رغم اتسام خطاب الرجلين بالتشدّد نفسه حيال الازمة. ففي حين يؤكّد الوزير ع أنّ الحكومة سيطرت على المشكلة، فإنّ رئيس الوزراء يعترف بأنّه لا يزال هنالك الكثير من الاجراءات أمام بريطانيا للقيام بها في هذا الاطار.
اللاجئون السوريون
وزير الخارجيّة في حكومة الظل هيلاي بن أكّد أنّه على الحكومة إظهار المسؤولية وحس القيادة الدوليّة في هذه المسألة، مسلّطاً الضوء على وجوب تفكير هاموند أكثر في ما يقوله، ومستشهداً بما يجري بالنسبة الى اللاجئين السوريّين الذين يهربون من بلد مزّقته الحروب. ويؤكّد معارضون عمّاليون آخرون على أهميّة انتباه الحكومة الى ما قدمه المهاجرون الافارقة وغيرهم للمجتمع البريطاني، لا التحدّث بتعابير مخزية.
الصراع بين حزبي العمّال والمحافظين يبدو أنّه لن يتّجه الى الحلحلة القريبة بخصوص أزمة المهاجرين. فالحكومة لا تخفّف تشدّدها إزاءهم ولا إزاء الذين يوظّفونهم. وزير المهاجرين جيمس بروكنشاير هدّد اصحاب العمل البريطانيّين الذين يستخدمون مهاجرين غير شرعيّين باتخاذ اجراءات حازمة ضدّهم. وأكّد أنّ الحكومة ستضرب “بكلّ قوّة” أولئك الذين يؤمّنون العمل للمهاجرين فيما يرفضون توظيف المواطنين المحلّيّين. وربط بين هذا النوع من المستخدِمين وبين الذين يميلون الى خرق سائر قوانين العمل البريطانيّة أكانت متعلّقة بالصحة أو السلامة أو التهرّب من دفع الضرائب. لهذا، يتابع بروكنشاير، سيتمّ “ضرب هؤلاء من كلّ الزوايا، كي تسحب منهم المميّزات غير العادلة التي يحصلون عليها من خلال توظيفهم لمهاجرين غير شرعيّين”.
خلال هذا الصيف، تجمّع حوالي خمسة آلاف شخص في كاليه، بينهم مئات من الذين حاولوا العبور الى بريطانيا عبر النفق، من خلال صناديق الشحن التابعة للقطارات او الشاحنات المختلفة. ولقي حوالي تسعة أشخاص حتفهم أثناء محاولتهم الوصول الى هناك. واستقبلت #اليونان و#ايطاليا وحدهما أكثر من 200000 مهاجر هذه السنة، قسم كبير منهم ينوي التوجّه الى دول #أوروبا الشماليّة من بينها بريطانيا.
اجراءات
إجراءات عدّة اتّخذت وستتّخذ للحدّ من الازمة، أبرزها بناء سياجات جديدة حول المرفأ عبر تخصيص 11 مليون اورو لذلك الهدف، بالإضافة الى استدعاء مئة من عناصر الحرس الحدودي. أمّا التخفيف من الضغط الذي تفرضه الاعداد الكبيرة من المهاجرين القاصرين الواصلين الى بريطانيا من دون ذويهم سيتمّ الوصول اليه، عبر إرسال الدعم المالي الى مجلس مقاطعة كينت في جنوب شرق انكلترّا التي تشهد ارتفاعاً في نسب هؤلاء القاصرين.
التوجّه الرسمي البريطاني الى اعتماد خطاب يتميّز بالحدّيّة تجاه هذه الفئة من الاشخاص بات واضحاً، لأنّ التصاريح المرتبطة بهذه المسألة يطلقها مسؤولون على أعلى المستويات وبفوارق زمنيّة محدودة. ربّما لا يكون كلام كاميرون وهاموند معبّراً عن عنصريّة مستجدّة لدى المسؤولين البريطانيين، هم الذين كافحوا تلك الظاهرة، خصوصاً في ملاعب كرة القدم الانكليزيّة. لكن يتبيّن أنّ هنالك قدرة محدودة لدى الرسميّين في إيقاف موجات المهاجرين من جهة، كما في استيعابهم داخل المجتمع من خلال دمجهم تدريجيّاً في بُناه. وبالتالي يمكن أن تعكس تلك التصريحات رغبة حكوميّة في رفع المسألة من الاطار الداخلي البريطاني الى الاطار الاوروبي الاوسع، فتضغط على الاتحاد كي يجد سياسة شاملة تلزم جميع الدول الاعضاء في الاورو اتخاذ تدابير قانونيّة وأمنيّة تحفظ حق المهاجر في السعي الى حياة آمنة ومزدهرة داخل أوروبا، لكنّها في الوقت نفسه تصون أمنها واستقرارها وقيمها الليبيراليّة التي قامت عليها وازدهرت في ثناياها.
أمّا مدى تأثير هذه القضيّة الشائكة على عودة الهدوء الى الحياة السياسية داخل بريطانيا، فمرهون بالسرعة التي يستطيع من خلالها الحزبان الخروج من دوّامة التصاريح المضادّة، باتجاه تفعيل حوار بين الحكومة والمعارضة لاطلاق خطّة عمل تكبح جماح الازمة وتؤكّد على رياديّة دولة ال”ماغنا كارتا” في احترام حقوق الانسان … أيّ إنسان.
جورج عيسى – النهار[ads3]
بيضلوا أشرف من أشرف إماراتي التي هي بلد الاستعباد والقهر للوافد فحكومه الامارات تعامل غير الاوربيين كالابقار وشعب الامارات هم اكثر شعوب الارض امتهاناً لكرامه الانسان واسغلالا له.