ألمانيا : جدل حول منح امتيازات لمن تطعم ضد فيروس كورونا !

في ألمانيا، يُسمع حالياً في وسائل إعلام ومن بعض السياسيين الكثير من الانتقاد لسياسة كورونا.

“ألمانيا كانت في خريف هذه السنة مثل البطل في الحرب ضد الجائحة”، كما قال السياسي من الخضر، يانوش دامين، عضو لجنة الصحة في البرلمان الألماني، وأضاف لـشبكة “DW” الإعلامية: “لكننا خسرنا التقدم وأصبحنا الآن في تأخر”.

والانتقاد يطال حالياً الانطلاقة المتعثرة للتطعيم الجماعي، ويوجد للوهلة الأولى قليل من اللقاح وفي بعض الأماكن مثل برلين كمية قليلة جداً خلافاً للوعود المقدمة، وغير واضح إلى حد الآن متى يمكن تطعيم الناس الذين يرغبون في ذلك. وبموازاة ذلك يدور نقاش ينظر إلى المستقبل بصفة متسرعة، وكيف يمكن التعامل مع الأشخاص الذين أصبحوا بعد تطعيم أو بفضل عدوى متجاوزة لوقت طويل يتمتعون بمناعة؟، وهل يمكن لهم العيش بصفة عادية أحسن من الذين لم يتلقوا التطعيم بعد؟.

وصوت شهير في النقاش يعود لرئيس “لجنة اللقاح الدائمة” الموجودة في وزارة الصحة الألمانية، وهي اللجنة التي تُعد اقتراحات التطعيم لديها مستويات طبية عادية في البلاد.

“يجب الحديث حول امتيازات من حصلوا على اللقاح”، كما قال الرئيس توماس ميرتينس لشبكة “دويتشه فيله”، وأضاف: “أعتقد شخصياً أن الامتيازات ممكنة في التعاملات الخاصة عندما يكون اللقاح متوفراً للجميع”، أي مثلاً في المطاعم ودور سينما وأثناء المهرجانات أو لدى شركات الطيران، “الامتيازات لا يجب أن تكون موجودة في الأمور ذات الأهمية العامة، أي داخل المستشفيات ومباني البلديات أو حركة النقل العام”.

ولدى الحكومة الألمانية وبعض البرلمانيين فكرة مختلفة في هذا السياق، “لا لمعاملة خاصة لمن تلقى اللقاح”، كما ذكر وزير الداخلية هورست زيهوفر.

وبعض النواب البرلمانيين أثاروا فكرة فرض حظر قانوني، “كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي تبحث حالياً إجراءات قانونية من شأنها إلغاء المعاملة غير المتساوية لغير الملقحين والملقحين من قبل الاقتصاد الخاص”، كما قال المتحدث القانوني باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يوهانس فيشنر، في مقابلة مع صحيفة “فيلت”.

وفي هذه القضية، “هناك شعور بالحيرة”، كما اعترف وزير الصحة الألماني ينس شبان.

ومن خلال وزارة الصحة، عُلم بأنه تم طرح فكرة اعتماد شهادة مناعة، وهذا أثار أولًا معارضةً قويةً داخل الرأي العام، وقرر الوزير شبان على إثرها الاتصال بـ”مجلس الأخلاق” حتى تتمكن حلقة الخبراء من إصدار حكم في المسألة، والنتيجة لم تكن واضحة، بعد مشاورات طويلة في أيلول، ونصف المجلس يمكن له تصور اعتماد شهادة مناعة إذا كان وضع البيانات واضحاً في بعض الحالات التي يمكن تنظيمها قانونياً، والكتلة المضادة لشهادة المناعة رفضتها، ليس فقط “بسبب عدم الثقة العلمية، بل حتى لأسباب أخلاقية وعملية”، فبعض الأشخاص قد يواجهون مثلاً منعهم من زيارة مؤسسة تعليمية.

ورئيسة مجلس الأخلاق قالت في مقابلة مع شبكة “دويتشه فيله” بأنها تعتبر الامتيازات للملقحين في هذه الفترة بالذات من بداية التطعيم غير مجدية لبلوغ الهدف والنقاش كله “ساخن”، فالبلاد تكافح في النهاية مع الحجر الصحي الثاني وموجة جائحة قوية، وهنا يجب التركيز على ما يربط بين الناس، وسواء تعلق الأمر بشهادة المناعة أو شهادة تلقيح، وهنا يلتقي نقاش الأيام الماضية مع الجدل الجاري حول امتيازات ممكنة لأشخاص ملقحين.

“السؤال المهم: هل الشخص الملقح يبقى معرضاً للعدوى، وبالتالي ناقلاً للفيروس؟ يبقى بدون جواب”، كما أوضح ميرتينس من لجنة التطعيم، ويعني أنه من المحتمل أن يصاب شخص غير ملقح بالعدوى في حفل مثلاً بالرغم من أن جميع الضيوف الآخرين ملقحين، وحتى أثناء المؤتمر الصحفي الحكومي في برلين قيل بأنه ليس هناك معرفة حول تاريخ جاهزية البينات في هذه المسألة.

الوضع غير سهل، ولذلك يفضل بعض علماء الفيروسات عدم المشاركة في النقاش الحالي، وفي أجزاء داخل الاقتصاد تزداد حالة عدم الصبر بسبب الخسارات في العائدات في الشهور العشرة الماضية من الجائحة، فالاتحاد البافاري للفنادق والمطاعم يمكن له تصور قواعد مرنة للأشخاص الملقحين، وشركة الطيران السترالية أعلنت أنها ستقبل في بعض الرحلات فقط الأشخاص الملقحين.

وبلدان أخرى تعتمد أسلوب تعامل أقل تردداً، فالحكومة البريطانية تفكر في حلول فنية ومنع رافضي التطعيم مثلاً من دخول المطاعم، وفي الولايات المتحدة، تعمل بعض الشركات، مثل “IBM”، على إصدار دفاتر تلقيح رقمية، وأعلنت روسيا أنها ستدرج ابتداء من كانون الثاني هذا النوع من الدفاتر، ورئيس بلدية موسكو عرض على الملقحين تسهيلات في الحياة اليومية.

ومع عملية التطعيم الجماعي المنطلقة في ألمانيا يُراد في الأفق الوصول إلى “مناعة قطيع”، وهذا سيمثل العودة إلى الحياة العادية، لكن من أجل الوصول إلى ذلك وجب أن يخضع 60 حتى 70% للتطعيم، “والوصول إلى هذا الوضع سيتطلب شهورًا ويرتبط بالعوامل المعروفة (جرعة اللقاح ومراكز التطعيم والمشاركة في التطعيم)”، كما أفاد ميرتينس.

وفي حال حصول تحول لدى الفيروس واكتسابه عدوى أكبر، فإن قيمة مناعة القطيع يجب الرفع من مستواها، وقد يتفجر تحت ظروف أخرى نقاش آخر حول إلزامية التطعيم، التي ترفضها الحكومة الألمانية حالياً بقوة.

كاي ألكسندر شولتس – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها