دويتشه فيله : الجائحة تحرم عشاق الكرنفال من الاحتفالات التنكرية في ألمانيا

للعام الثاني على التوالي، يحكم فيروس كورنا قبضته القوية على منطقة نهر الراين، معقل احتفالات الكارنفال في ألمانيا، إلا أنه دون شك، كان هذا العام أسوأ من قبله، إذ اختفت مظاهر الاحتفالات تماماً وغاب المتنكرون والمتنكرات عن شوارع المدن، وعوضاً عن ذلك، يجوب الناس الشوارع والكمامات الواقية على وجوههم وكأنه الزي التنكري الذي فرضته الجائحة على الجميع دون استثناء.

تطور زاد من احباط المتمسكين بهذا التقليد السنوي، والذي يعود إلى قرون خلت.

وعادةً ما تستمر الاحتفالات نحو أسبوع، بدءا من “خميس النسوة”، وصولاً إلى “أربعاء الرماد” الذي تحرق فيه “دمية المعاصي” في هذه “الأيام المجنونة”، ويقضي المحتفلون الأيام التي تسبق “أربعاء الرماد”، والتي تمثل بداية الصوم الكبير، في أجواء مرحة، حيث يتخلى الناس عن القواعد المعتادة، ويسخرون من السلطة، ويرتدون الأزياء ويشربون كما لو أنه لا يوجد غد.

ويصادف يوم الاثنين (15 شباط) موعد “موكب اثنين الزهور”، والذي يمثل ذروة الاحتفالات في مدن الكرنفال الكلاسيكية، على غرار كولونيا ودوسلدورف وماينز، وفيه تمطر السماء حلوى وهدايا على الأطفال وعلى ضيوف الموكب قاطبة، برميها من على مركبات الموكب تيّمناً بأن يعم الخير على الجميع.

ومع مرور السنين أصبح “موكب اثنين الزهور” حركة اقتصادية رئيسية في المناطق الكرنفالية وشركاتها وجمعياتها المشاركة في هذا الموكب، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما أنّ “موكب اثنين الورود” يعد حدثاً ثقافياً بامتياز، ففيه تُرسل عبر مجسمات توضع على العربات رسائل سياسية تهم الشأن العالمي والمحلي ورسائل اجتماعية إلى العامة والمسؤولين، لكن اليوم لن يحدث أي شيء من هذا، فالجائحة أطاحت بهذا العيد المحلي الكبير.

وكانت آخر مرة حدث فيها ذلك في دوسلدورف وماينز في عام 2016، عندما تمّ إلغاء المسيرات بسبب رياح عاتية، وفي كولونيا، لم يتم إلغاء الكرنفال منذ عام 1991، عندما تم إلغاؤه بسبب حرب الخليج، بل حتى اعتداء هاناو الذي راح ضحيته عشرة أشخاص لأسباب عنصرية، وهزّ ألمانيا إلى اليوم، لم يمنع المنظمّين حينها من إطلاق “موكب اثنين الورود”.

واليوم، مع كورونا، الأمر مختلف، فالتجمعات البشرية ممنوعة تماماً، ولهذا حاول المنظمون في حركات إبداعية تقديم عروض ولو بسيطة احتراماً لهذا التقليد.

ففي إشارة صغيرة لبدء الموسم، تبث محطة غرب ألمانيا الإقليمية “WDR” موكبًا كرنفاليًا مصغرًا في مدينة كولونيا في شكل عرض للدمى مع تقليص التواجد البشري إلى أقصى حد، ولهذا الغرض، تمّ نصب صورة خلفية للمدينة القديمة بطول 32 متراً في قاعة بناء العربات التابعة للجنة كرنفال كولونيا.

وفي هذا الموكب المصغر لن تغيب القضايا الهامة، وعلى رأسها بطبيعة الحال كورونا، حيث تعرض مجسمات وصور لأهم خبراء الفيروسات وعلى رأسهم النائب عن الحزب الاشتراكي والخبير الصحي كارل لاوترباخ، وخبير الفيروسات الشهير كريستيان دروستن، الذي زادت شعبيته بقوة مع انتشار الوباء.

ورغم حظر الاحتفالات في ظل الإغلاق العام المفروض إلى غاية السابع من  آذار القادم، لم يمتثل عديدون للقوانين وخرجوا إلى الشوارع أو نظموا على المستوى الشخصي احتفالات داخل البيوت، ما زاد الضغط على الشرطة، التي أعلنت، الاثنين، أنّ 111  شخصاً على الأقل سيواجهون غرامات تصل إلى 250 يورو لتجمهرهم في أماكن خاصة وعامة.

وأضافت أن دورياتها في كولونيا على سبيل المثال كانت مشغولةً خلال عطلة نهاية الأسبوع بسبب تجمهر أفراد للاحتفال بالكرنفال في تحدٍّ لقيود فيروس كورونا. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها