دويتشه فيله : هكذا سيقضي المسلمون في ألمانيا شهر رمضان في زمن كورونا !
للعام الثاني على التوالي يحل شهر رمضان على المسلمين تحت وطأة تدابير مكافحة وباء كورونا، وكما في العام الماضي، سيصاحب شهر الصيام هذا العام أيضاً عدد من القيود والإجراءات للتصدي للوباء، وعلى المسلمين التخلي عن الكثير من العادات والروحانيات الخاصة بشهر الصيام.
هنا في ألمانيا يتطلع حوالي خمسة ملايين مسلم لاستقبال هذا الشهر، غير أن قيود وإجراءات التصدي للوباء في ألمانيا تتجه حالياً نحو المزيد من التشدد، بسبب تصاعد عدد الإصابات والوفيات، فكيف سيقضي مسلمو ألمانيا شهر رمضان هذا العام في ظل استمرار تفشي وباء كورونا؟.
لمحة موجزة عن بعض المعلومات والإجراءات التي تتبعها المساجد في ألمانيا هذا العام
قبل بداية رمضان وكما في العام السابق تجدد النقاش في ألمانيا حول تأجيل الصيام بسبب استمرار جائحة كورونا، غير أن المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، أعلن في وقت سابق عن أن التأجيل العام للصيام ليس مطروحاً للنقاش، لكن كل من يعاني من الإصابة بفيروس كورونا معفى من شرط الصيام، لأن سلامة الجسد هي أولوية قصوى من وجهة النظر الدينية.
ونقلت وكالة الأنباء الكاثوليكية (KNA) عن المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا وعن مهند خورشيد، الباحث وأستاذ الدراسات الإسلامية من مونستر، تشديدهما على ضرورة استبعاد مرضى كورونا وغيرهم من المرضى من الصيام، وبحسب تعاليم الدين الإسلامي، فإنه يمكن للمرء تعويض الصيام بنوع من التبرعات في مثل هذه الحالات.
من جانبه، أوضح عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا (ZMD)، في تصريح لقناة “DW” الناطقة باللغة العربية على أن من ظهرت عليه أعراض الإصابة بكورونا، يعد في حالة المرض، وذلك عملاً بالنص القرآني: “ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر”، وأضاف اليزيدي: “ديننا دين يسر، ولا يكلف الإنسان أكثر من طاقته، ولذلك من كان مريضاً ولديه أعراض كورونا أو أعراض مرض غيره، يجوز له الإفطار وقضاء تلك الأيام بعد التعافي”.
إلى جانب عبادة الصوم، يرتبط شهر رمضان عند المسلمين بالصلاة، وبالأخص صلاة التراويح التي ترتبط بهذا الشهر فقط، وتعد أحد أهم العبادات المستحبة والتي تصلى عادةً جماعةً في المسجد بعد صلاة العشاء، لكن حظر التجمعات يسري على صلوات الجماعة في ألمانيا منذ منتصف آذار الماضي بسبب أزمة كورونا، غير أن بعض الولايات الألمانية خففت من هذا الإجراء.
وقد طرح المجلس التنسيقي للمسلمين بألمانيا (KRM) العام الماضي خطةً تتألف من 16 بنداً لفتح تدريجي وحذر للمساجد.
ومن بين أبرز تلك الشروط التي وافقت عليها السلطات الألمانية مع ممثلي المسلمين ألا يتجاوز عدد المصلين 50 شخصاً داخل المساجد، مع ضرورة احترام التباعد لمسافة متر ونصف على الأقل بين شخص وآخر، وتعقيم الأيادي ووضع الكمامات، إضافةً إلى جلب كل شخص لسجادته الخاصة.
وهذه الإجراءات ستبقى ساريةً خلال هذا العام أيضاً، كما يقول عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، ويوضح: “الإجراءات هذا العام مثلها مثل العام الماضي، فيها تأهب وحيطة، لكي لا تتفشى هذه الجائحة في المجتمع.. المتغير هو وجود احترافية أكثر في التعامل مع الاجراءات الصحية”، وأضاف اليزيدي: “صحة الإنسان تبقى فوق كل المعايير، ولذلك نحاول في مساجدنا أن نجمع بين التعبد والروحانيات في هذا الشهر الكريم مع الحيطة والحذر على سلامة الناس أجمعين”.
من جانبه، قام المجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا (KRM) بتحديث الخطة، التي تضم دليلاً متكاملاً عن الإجراءات التي تتبناها المساجد، وهذا الدليل يمكن إيجاده على الموقع الإلكتروني للمجلس.
وتختلف اللوائح المعمول بها في المساجد، لكن جميع المؤسسات الدينية تراعي لوائح كورونا، وستتم الصلاة في المساجد لكن مع مراعاة قواعد المسافة والنظافة، وعلى سبيل المثال، يجب على من يصلون في المسجد المحافظة على مسافة متر ونصف من بعضهم البعض، و ارتداء الكمامة أثناء الصلاة، وبالإضافة إلى ذلك، ستقتصر صلاة التراويح، التي تتضمن عادة عشرين ركعة، خاصةً في العديد من المساجد التركية في ألمانيا، على ثماني ركعات هذا العام، وهذا ينطبق على المساجد التي تنطوي تحت جمعية “ديتيب” التركية، أكبر جمعية إسلامية في ألمانيا، كما جاء في بيان سابق صدر عن الجمعية.
ومن جهة أخرى، ترغب العديد من المساجد في إقامة الخطب الدينية والصلوات بشكل افتراضي طيلة شهر رمضان.
وفي ظل النقاش الحالي في ألمانيا حول ضرورة فرض إغلاق عام وموحد على جميع أنحاء البلاد، هناك احتمال كبير بأن يتم اعتماد إجراءات غلق أكثر صرامة خلال الأيام القليلة المقبلة، بسبب تصاعد أعداد الإصابات والوفيات بهذه الجائحة في ألمانيا، كما يقول أمين عام المجلس الأعلى للمسلمين، ويضيف: “علينا الصبر والتجاوب مع الإجراءات الرسمية، وشهر رمضان هو شهر الغفران والعبادة وشهر قراءة القرآن والتراويح، ولكن الدين أتى للإنسانية ولحفظ صحة الإنسان، وأولوياتنا دائماً تجعل سلامة وصحة الإنسان في مركز اهتمامنا”.
ويضيف اليزيدي أنه في حالة لم تسمح الإجراءات بإقامة صلاة التراويح في المساجد، فهناك الرخصة الشرعية بالصلاة في البيوت وإحياء الأجواء الرمضانية ضمن إطار الأسرة الصغيرة، ونحن مأجورون بحسب نوايانا واجتهادنا في تحقيق سلامة الإنسان التي تبقى فوق كل اعتبار”. (DW)[ads3]