سوري تدرّب على السباحة لمسافات بعيدة في ساحل اللاذقية تحضيرا للهجرة إلى ألمانيا

يبدو معتز لبابيدي الشاب الدمشقي مشغولا بتحضير أموره الشخصية قبيل أيام قليلة من ساعة الصفر، أو ما أسماها بـ”لحظة” الفراق التي سينطلق فيها نحو ألمانيا الاتحادية. هو حلم الهجرة يراوده منذ عام ونصف تقريبا عندما استقرت قذيفة هاون في منزله الكائن في حي المزرعة بدمشق.

استقرار القذيفة حينها دفع معتز لاتخاذ قرار لا رجعة فيه بأن الرحيل عن بلاده هو الفرصة الوحيدة لحياة أخرى. منذ ذلك الحين انكب معتز على إيجاد فرصة الهجرة إلى القارة العجوز حيث لا تسقط قذائف الهاون وحيث الماء والكهرباء والوقود ومصادر الطاقة متوفرة، هكذا يفكر معتز وآلاف آخرون من أبناء سوريا.

ألقى معتز وراءه كل شيء، عدل عن مشروع الخطوبة الذي يسيطر أصلا على والديه، رغبة منهما في رؤية أحفاد لهما، نسي دكانة والده الكائنة في سوق ساروجة لبيع الأقمشة، الوجهة إلى ألمانيا من دون سواها، والهدف مغادرة سوريا.

أنهى معتز قبل عام دراسة إدارة الأعمال، لكنه سيدخل أرض الألمان ـ إن كتب له الوصول ـ لاجئا يطلب مأوى ولقمة تسد جوعا فقط. حدثه أصدقاء سبقوه عن مصاعب الرحلة ومخاطرها، حدثوه عن أشهر قاسية من الألم والعزلة سيقضيها في بلاد الزعيم بسمارك قبل أن يُتاح له شق صغير جدا في باب الاندماج داخل المجتمع الألماني. حدثته والدته ربة المنزل كم سيؤلمها فراقه، وأن هجرته إلى ألمانيا ستقصم ظهر والده، كل ذلك لم يغير في قرار معتز الشاب المندفع والمكسور في آن معا، الطامح والتائه في الوقت نفسه.

يقول معتز (25 عاما) : لا مجال للتراجع عن تلك الخطوة، أعلم أن ما سأقدم عليه محفوف بالمخاطر ومليء بالمفاجآت والمصاعب لكنني لن أتراجع. بات كل تفكيري في ألمانيا، تم ترتيب كل شيء ولم يبق سوى التنفيذ. أنا مقتنع بأن قدري قد سبقني إلى هناك. لا تنقصني سبل العيش هنا في سوريا فأحوالنا ميسورة إلى حد ما، لكنني متيقن بأن مستقبلي ليس هنا بل في ألمانيا.

يكشف معتز خلال حديثي معه أنه وعلى مدى الشهرين الفائتين من فصل الصيف، قضى وقتا غير قليل في مسابح دمشق لتعلم العوم والغطس والسباحة لمدة طويلة، وأنه تدرب على تحمل المياه الباردة واجتهد كثيرا لتحسين لياقته البدنية وقدرته الجسمانية. ليس هذا فقط، بل توجه إلى مدينة اللاذقية الساحلية واتفق مع مدرب محترف وقضى عشرة أيام يتمرن فيها في منطقة وادي قندل على السباحة البعيدة في مياه البحر المتوسط هناك. لم يفاجئني هذا الكلام لاسيما في ظل مخاطر الموت غرقا التي ستحيط به عندما سيكون ومن معه من المهاجرين على متن قارب مطاطي في عرض البحر، وسط موج هائل من كل الاحتمالات.

سيتوجه معتز حسبما يقول إلى بيروت ومنها سيطير إلى تركيا وتهريبا سيتوجه إلى اليونان على الأغلب إلى جزيرة كوس، ومن ثم تهريبا نحو إيطاليا، لتتولى بعدها مجموعة متخصصة تهريبه برا إلى الأراضي الألمانية، الجماعة التي ستتولى نقله من دمشق إلى ألمانيا أخبرته بأن وصوله إلى هدفه قد يستغرق بين عشرين يوما إلى شهر كامل. لكنها أبلغته أنه حتما سيصل إلى المانيا وفق ما قاله معتز لصحيفة “القدس العربي”.

وأضاف: تواصلت مع شخص سوري مقيم في مدينة إزمير التركية عبر فيسبوك يعمل في مجال تهريب اللاجئين السوريين إلى ألمانيا والسويد ودول أخرى أرشدني إليه صديق وصل إلى السويد تهريبا من خلاله، وأن التكلفة المتوقعة لعملية تهريبه تزيد عن سبعة آلاف دولار لأنها مضمونة حسب وعد المهرب المقيم في إزمير.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد