في تركيا .. أفغاني يلتقي والده بعد فراق 10 أعوام
في مدينة “نوشهر” التركية (وسط)، عاش المواطن الأفغاني “مصطفى عباس” فرحة لمّ شمله مع والده، الذي فقده في طريق الهجرة الذي سلكاه للنجاة بنفسيهما من الحرب الأهلية في أفغانستان.
فقد مصطفى (20 عامًا) قبل أكثر من 10 سنوات، أعمامه الثلاثة في اشتباكات مسلحة شهدها ولاية “لوكر” الأفغانية (وسط) خلال الحرب الأهلية، وكان وقتها لا يزال في المدرسة الابتدائية.
بعد تلك الحادثة، غادر مصطفى البلاد مع إخوته الأربعة وأمه بقيادة والده، الذي كان يناضل من أجل توفير حياة آمنة لأفراد أسرته، بعيدًا عن أجواء الحرب والموت.
استقرت عائلة مصطفى في باكستان لمدة عام تقريبًا، قبل أن تفقد الاتصال مع رب الأسرة عباس (والد مصطفى) وأحد أبنائه ويدعى جواد، خلال اضطرابات تزامنت مع عبورهما إلى إيران بشكل غير قانوني في إحدى الليالي.
وصل مصطفى، الذي انقسمت عائلته خلال رحلة الهجرة، إلى اليونان عبر تركيا ثم إلى السويد مع أشقائه الثلاثة ووالدته، وذلك بعد مكوثهم جميعًا في إيران لفترة من الوقت.
وبعد أن أكمل تعليمه في السويد، حيث استقروا في أعقاب قبول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين طلبات لجوئهم، بدأ مصطفى العمل كمساعد تربوي في مدينة كارلسكرونا السويدية (جنوب)، والتي واصل منها تقفي أثر والده وشقيقه الأكبر، اللذان لم يتلق معلومات عنهما منذ سنوات.
قرر مصطفى السفر إلى إسطنبول، بعد تعرفه على والده من خلال صورة فوتوغرافية التقطها مواطن أفغاني لجأ إلى السويد، مع والد مصطفى بالصدفة في إسطنبول قبل ثلاث سنوات.
وبعد أن تقدم بطلب إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة في العاصمة التركية أنقرة، علم مصطفى من خلال بيانات إدارة الهجرة، أن والده ما يزال على قيد الحياة وأنه يعيش في مدينة “نوشهر” وسط تركيا.
تواصل مصطفى مع مديرية الهجرة في نوشهر للتأكّد من صحة المعلومات المتعلقة بوالده، في الوقت الذي كان يسارع فيه بالتوجه إلى نوشهر من أجل لقاء والده الذي بحث عنه لسنوات، ويأس في بعض الأحيان من العثور عليه أو معرفة أي معلومات عن مصيره.
وبعد عقد كامل من الفراق، عانق مصطفى والده عباس بحرارة، عندما التقيا في غرفة الانتظار بمديرية إدارة الهجرة بمدينة نوشهر، في لحظة عاطفية مليئة بالمشاعر الإنسانية التي تختزل عمق المأساة الأفغانية.
قال مصطفى إنه لم يستطع النوم في الليلة التي أعقبت تلقيه اتصالًا من موظفي إدارة الهجرة التركية، أكدوا من خلاله أن والده لا يزال على قيد الحياة.
وحول الأحداث التي عاشها منذ خروجه من وطنه الأم وحتى وصوله إلى السويد، قال مصطفى: بعد خروجنا من أفغانستان، مكثنا لمدة عام في باكستان، عندما عبرنا إلى إيران ذات ليلة، لم نتمكن من العثور على أبي وأخي. افترقنا بين الجموع التي كانت تعبر الحدود.
وأضاف: مكثنا في إيران لمدة عامين مع والدتي وإخوتي قبل ذهابنا إلى السويد. قبلتنا السويد كلاجئين وأصبحنا مواطنين سويديين في عام 2019.
تابع: لم نتمكن من الحصول على أية معلومات عن أبي وشقيقي اللذين اختفيا منذ سنوات. عندما وصل أحد الأصدقاء الأفغان إلى السويد قبل فترة، أخبرنا أنه التقى بوالدي في اسطنبول قبل 3-4 سنوات.
وأردف: حاولت العثور على عنوان والدي من خلال التقدم إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة في تركيا، ولم نكن وقتها نعرف ما إذا كان والدي ما زال على قيد الحياة.
وأشار مصطفى أنه رأى صورة فوتوغرافية لوالده مع صديقه الذي جاء إلى السويد قادمًا من إسطنبول، وأنه أدرك وقتها أن والده ما زال على قيد الحياة، لكنه لم يتمكن من الحصول على معلومات حول مصير شقيقه.
وتابع: لا نعرف ما إذا كان شقيقي في باكستان أو إيران أو أي مكان آخر، أو ما إذا كان على قيد الحياة. وأتابع التطورات التي تشهدها بلدي أفغانستان بكثير من الأسف والحزن. وآمل الحصول على معلومات عن مصير شقيقي جواد في أقرب وقت ممكن.
مأساة إنسانية حقيقية
من ناحية أخرى، قال الأب “عباس م” إنه بحث لسنوات عن أفراد عائلته، لكنه لم يتمكن من الحصول على معلومات حول مصيرهم ومكان وجودهم، ما تسبب له الكثير من المعاناة.
وأضاف عباس لمراسل الأناضول، أن عائلته عاشت مأساة إنسانية حقيقية، تضاف إلى مأساة اللجوء والعيش بعيدًا عن الوطن الأم، وقال: كنت دائمًا أدعو الله أن أكون قادرًا على التواصل مع أطفالي. الحمد لله عثرت على عائلتي مجددًا. وآمل أن نتمكن من العثور قريبًا على ابني الأكبر جواد.
وأشار عباس إلى أنه فقد ثلاثة من إخوته قبل أكثر من 10 سنوات خلال الحرب الأهلية في أفغانستان، ما اضطر للذهاب إلى باكستان مع عائلته.
وختم عباس بالإشارة إلى أنه تقدم إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل تيسير سفره إلى السويد ولم شمله مع بقية أفراد أسرته، (ANADOLU)[ads3]