دويتشه فيله : كم عدد ناقلي عدوى كورونا غير المرئيين ؟ .. دراسات تقدم الإجابة

أظهرت دراسة حديثة أن عدد المصابين بفيروس كورونادون تطوير أعراض المرض يمثلون تحدياً كبيراً في محاربة الوباء، فالعدوى ينقلها أيضًا الأشخاص المصابون الذين يشعرون بصحة جيدة ويجهلون كل شيء عن مرضهم، وبالتالي، فإن دينامية انتشار الجائحة تعتمد إلى حد كبير على نسبة المرضى الذين لا تظهر عليهم الأعراض، ولكن كم عددهم الضبط؟، سؤال أرق الباحثين وخبراء الفيروسات حاولت عدة دراسات الإجابة عليه منذ البداية. وتراوحت تقديرات الخبراء بين 4 و81%، بمعنى آخر أن لا أحد كان في وضع يسمح له بتقديم تقدير دقيق.

وسبق لباحثين سويسريين عام 2020 أن أجروا دراسة واسعة أظهرت أن ما بين ربع وثلث جميع الإصابات خالية من الأعراض وهي نسبة كبيرة، رغم أنه من باب المستحيل تحديد العدد بشكل دقيق، غير أن باحثين أمريكيين حاولوا الذهاب خطوة إلى الأمام في دراسة نُشرت مؤخرًا في المجلة المتخصصة باللغة الإنجليزية “PNAS”، قدموا فيها أرقامًا جديدة توصلوا إليها من خلال تحليلين منفصلين، ووفقا لتقديراتهم، من المحتمل أن يكون ثلث جميع الإصابات بكورونا تقريبا بدون أعراض نهائيا.

وفي التحليل الأول، قام فريق البحث بتقييم أكثر من 350 دراسة تتبعت عدوى كورونا مخبريًا على مدى فترة زمنية طويلة، ووجد الفريق العلمي أن 35.1% من الأشخاص الذين كانت نتيجة اختبارهم إيجابية لم تظهر عليهم أية أعراض، أما التحليل الثاني فشمل الدراسات التي أجريت على أشخاص كانوا دون أعراض في وقت إجراء الاختبار، ثم أعيد فحصهم، فحافظ 36.9% منهم على وضعهم دون أعراض.

وكشفت نتائج أولية لدراسة حديثة أجريت على مدى بعيد في ثلاثة مستشفيات جامعية ألمانية في كل من كيل وفورتسبورغ وبرلين أن نصف المتعافين من كورونا ظلوا يعانون من أعراض متبقية استمرت حتى بعد تسعة أشهر بعد الإصابة بالفيروس، بل وأحياناً حتى بعد إصابتهم بالفيروس للمرة الثانية في الموجات الوبائية الموالية، ومن هذه الأعراض فقدان حاسة التذوق، والتعب المستمر، وضعف التفكير والتركيز.

وجاءت هذه الدراسة منافيةً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، التي سبق وأن أوضحت أن شخصاً واحد فقط بين كل عشرة مصابين بفيروس كورونا، هو من يعاني من أعراض مستمرة بعد 12 أسبوعاً من الإصابة بالفيروس.

غير أن البروفيسور توماس باهمر، أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، نوه إلى أنه ليس من المؤكد بعد ما إذا كان مرض كوفيد – 19 هو السبب وراء هذه الظاهرة، وذكر باهمر عوامل أخرى من بينها العلاج الطبي المكثف المطول، والضغط النفسي العام الناتج عن الجائحة.

وأجريت الدراسة بتمويل من شبكة الأبحاث الطبية الجامعية في وولاية شلسفيغ-هولشتاين، وهي ما تزال مستمرة منذ تشرين الثاني 2020.

وأكدت دراسة جديدة من إسكتلندا أن الأشخاص الملقحين قادرين على نقل فيروس كورونا، وهذا المعطى كان معروفا منذ بداية حملات التطعيم، ولكن كان هناك افتراض بأن التطعيم من شأنه أن يقلل من خطر انتقال العدوى. وهذا ما أكدته الآن دراسة كبيرة أجرتها هيئة الصحة العامة في اسكتلندا، اعتمادا على تحليل بيانات لما يقرب من 150 ألف طبيب وممرض بين كانون الأول 2020 وآذار 2021، وتم تحليل بيانات أفراد أسر قبل وبعد الإصابة بالفيروس قبل وبعد التطعيم.

وبعد الجرعة الثانية من التطعيم، انخفضت النسبة إلى 2.98 إصابة لكل 100 شخص سنويًا، وبالتالي انخفض خطر الإصابة بشكل ملحوظ بعد التلقيح، وسجل الباحثون أيضًا انخفاض العلاج في المستشفيات بين الملقحين، غير أن الباحثين أكدوا أنه يجب التعامل مع نتائج هذه الدراسة بحذر، فمن الممكن أن يكون تأثير التلقيح أكبر أو أقل من حيث الإصابة بالعدوى، فما يزال هناك نقص في البيانات السريرية تقول الدراسة، وبالإضافة إلى ذلك، تم جمع الكثير من البيانات قبل ظهور سلالة “دلتا”، المعروف بعدواها الشديدة.

وتوصلت دراسة جديدة نشرتها مجلة “لانسيت” العلمية المتخصصة (13 أيلول) إلى أنه “حتى في ضوء التهديد الذي تمثله سلالة “دلتا”، فإن التطعيمات المعززة لكافة السكان ليست خياراً مناسباً في هذه المرحلة من الوباء”، ويذكر أن دولاً مثل إسرائيل بدأت في تقديم جرعات ثالثة لمواطنيها خوفًا من سلالة “دلتا” الأكثر عدوى، في وقت ما تزال فيه إمدادات اللقاح إلى البلدان الفقيرة إما منعدمة أو غير كافية ولم يتلق ملايين الأشخاص بعد حتى التطعيم الأول.

وقام عدد من الباحثين عبر العالم، بمن فيهم خبراء من منظمة الصحة العالمية، بمراجعة الدراسات العلمية ذات الصلة، ووجدوا أن اللقاحات ما تزال فعالة للغاية ضد الأعراض الشديدة لجميع أنواع فيروسات كورونا الرئيسية، ولم تتغير المعطيات بشكل كافٍ لتفادي الاستجابة المناعية للقاحات المستخدمة حاليًا، وبهذا الشأن، قالت آنا ماريا هيناو ريستريبو، من منظمة الصحة العالمية: “بشكل عام، لا تقدم الدراسات المتاحة حاليًا دليلاً موثوقًا به على انخفاض الحماية بشكل ملحوظ ضد الأمراض الخطيرة، وهو الهدف الرئيسي للتطعيم”.

وذهبت دراسة إسرائيلية قصيرة الأمد (16 أيلول) إلى اتجاه مختلف، إذ كشفت أن إعطاء جرعة ثالثة من لقاح “فايزر/ بيونتيك” يقلل بصورة كبيرة الإصابات المرتبطة بكورونا للأشخاص ما فوق الستين عاما.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، نقلا عن وكالة “بلومبرغ”، تحليلا نشرته مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” الطبية، وأظهر أنه بعد 12 يوماً من الجرعة الإضافية، تراجعت معدلات الإصابات المؤكدة في مجموعة حصلت على الجرعة المعززة بمعدل 11 مرة، مقارنةً بمجموعة حصلت على الجرعتين القياسيتين.

ووفقاً لما نقلته الوكالة، فإن معدلات الإصابة بأعراض خطيرة جاءت أقل بنحو 20 مرة في المجموعة الحاصلة على الجرعة المعززة، وأصبحت إسرائيل، في نهاية تموز الماضي، أول دولة في العالم تعطي جرعة ثالثة من لقاحات كورونا لسكانها لتعزيز الأجسام المضادة لديهم، وأعقبتها لاحقاً في ذلك دول أخرى، وتم اتخاذ قرار إعطاء الجرعة الثالثة بعد أن أظهرت بيانات لوزارة الصحة انخفاضاً حاداً في فعالية لقاح “فايزر/بيونتيك”، الذي تعتمد عليه إسرائيل بصورة كبيرة، في الوقاية من العدوى، رغم أنه ما يزال يوفر حماية قوية من الإصابة بأعراض خطيرة.

وما يزال معدل التلقيح في ألمانيا يراوح مكانه وفي حالة ركود، والسبب في ذلك لا يعود فقط للرافضين بشكل قاطع لمبدأ التلقيح، ولكن أيضًا بسبب المترددين، ودراسة حديثة كشفت العوامل التي تمنع هؤلاء من حسم مواقفهم لجهة تقبل التلقيح، وتبلغ نسبة المترددين بين غير الملقحين 51%، ومن الأسباب التي يذكرونها، أنهم، في تقدير المخاطر، يميلون إلى الاعتماد على تقييم الأشخاص الذين تلقوا التلقيح، كما أنهم يميلون إلى البحث عن أكبر عدد من المعلومات المؤيدة والمعارضة للمقارنة بين مزايا التلقيح ومخاطره، كما يذكرون سبباً آخر وهو غياب الشعور لديهم بمكانية استعادة حياة طبيعية بعد التطعيم، أو القدرة على المساهمة في مكافحة الوباء بالتطعيم.

أما الرافضين بشكل قطعي للتطعيم، فيمثلون 43.6% من غير الملقحين في ألمانيا، فلديهم حجج مختلفة،ومن جهة أولى، لديهم مخاوف تتعلق بسلامة اللقاح. ومن جهة ثانية، يعتبرون التطعيم غير ضروري لأنهم يرون أن فيروس كورونا لا يشكل تهديدًا لهم، وأشرفت على الدراسة جامعة إرفورت ومعهد “روبرت كوخ” والمركز الألماني للتثقيف الصحي، بجرد بيانات بين 27 تموز و8 أيلول 2021.

وإذا أصيب أحد الأشخاص بفيروس كورونا، فعليه أخذ مسافة من كلبه أو قطته التي تعيش معه في البيت.

وباحثون من مدينة أوتريخت الهولندية أخذوا عينات دم ومسحات من أنف قطط وكلاب أصيب أصحابها بفيروس كورونا خلال الـ200 يوم الماضية، وجاءت النتائج كالآتي: في 17.4% من الحالات تم العثور على الفيروس، و4.2% من الحيوانات ظهرت عليها أعراض المرض.

والقضاء على جائحة كورونا يقتضي مراكمة المعرفة العلمية الدقيقة في زمن انتشرت فيه عدد من الدراسات الزائفة تسببت في ارتباك كبير، أثر على فهم الرأي العام والنخب السياسية والإعلامية.

وفي هذا السياق، أظهر جرد أجراه خبراء من ألمانيا وسويسرا مدى “فشل البحث الألماني” حول فيروس كورونا في عام في ألمانيا2020، فمن أصل 65 دراسة هناك، 51 لم يتم إتمامها أبداً، فالكثير منها تم إما إجهاضها أو كان عدد المشاركين فيها غير كاف أو كانت أحادية الجانب حسب الخبراء الذين اعتبروا أنه مقارنةً بدول أخرى، فشلت ألمانيا في مشاريع البحث العلمي بشأن الجائحة على الرغم من بدء العديد من الدراسات الخاضعة للرقابة العلمية مع المرضى منذ السنة الأولى للوباء، إلا أن القليل منها فقط تم استكمالها أو استكمالها بنجاح، وفق فريق خبراء يعمل في قسم الأبحاث السريرية في مستشفى بازل الجامعي في سويسرا ومعهد برلين للصحة، وشمل بحثهم 3000 دراسة منذ عام 2020، من بينها 65 أجريت في ألمانيا أو بمشاركة ألمانية.

والبحث أظهر أيضاً خللاً في عدد المشاركين، إذ كان الهدف الأصلي هو مشاركة 106 شخص في المتوسط في كل دراسة، غير أن المعدل الفعلي لم يتجاوز 15 شخصاً، وبهذا الصدد، كتبت صحيفة “فرانكفورته تسايتونغ” (14 أيلول): “بينما أحرزت الأبحاث السريرية حول كورونا تقدمًا في دول أخرى، راوحت مكانها في ألمانيا.. وما هو مزعج بشكل خاص خلال السنة الأولى للوباء، هو بدء الكثير من الدراسات غير أن القليل منها فقط من استمر أو يكلل بالنجاح”. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها