بعد ارتكاب جريمة مروعة تحت تأثيره .. ألمانيا : خبراء يدقون ناقوس الخطر بشأن الاضطرابات النفسية و العقلية التي يعاني منها متعاطو الحشيش
في وقت سابق من العام الجاري، عثرت شرطة مدينة هامبورغ الألمانية في إحدى الشقق السكنية على جثتين مشوهتين بدرجة كبيرة، لسيدتين.
وأثبتت المحاكمة التي أعقبت تلك الجريمة، قيام شاب يبلغ من العمر 29 عاماً، بخنق صديقته وتقطيع جسدها، وقتل والدته، بعد أن سدد لها 63 طعنة.
ومع ذلك، فقد أثبتت التحريات أنه كان غير مسؤول من الناحية الجنائية عن ارتكاب الجريمة، حيث أنه كان يعاني من إحباط شديد بسبب معاناته من فصام في الشخصية.
وجاء في شهادة أحد خبراء الطب أن الاضطراب العقلي الذي كان يعاني الجاني منه، كان ناتجاً عن تعاطيه مخدر الحشيش (القنب) لمدة طويلة، وأرسلته المحكمة إلى مؤسسة نفسية آمنة.
وفي الحكم الذي صدر بحق الشاب، وجهت القاضية رئيسة المحكمة مناشدةً عامةً بعدم الاستهانة بمخاطر تعاطي الحشيش والماريغوانا.
وأشارت إلى أن تعاطي هذه المخدرات، ذات التأثير النفسي على متعاطيها على المدى الطويل، ينطوي على خطر الإصابة بأمراض عقلية خطيرة، ومن الممكن أن يؤدي، في حالات مثل استخدام مخدر الكوكايين، إلى الإصابة بالفصام، وذلك في صفوف أشخاص طبيعيين تماماً، ولكن لديهم استعداد وراثي للإصابة به.
ويشار إلى أن الحشيش يُصنع من راتنج نبات القنب، بينما يتم تحضير الماريغوانا من أزهارها وأوراقه الجافة.
ويعد المكون النشط لكليهما هو “رباعي هيدروكانابينول” (تي إتش سي)، الذي يكون محتواه أعلى بكثير في الحشيش.
ويحذر الدكتور راينر توماسيوس، وهو طبيب نفسي للأطفال، والمدير الطبي للمركز الألماني لأبحاث الإدمان في الطفولة والمراهقة، الذي يتخذ من مستشفى “جامعة هامبورغ إيبندورف” مقرًا له، من أن الاستخدام المنتظم للقنب يتضمن مخاطر صحية عالية على الشباب والمراهقين على وجه الخصوص.
ويقول إن هناك دراسة حديثة، تمت باستخدام تقنيات التصوير على البشر وإجراء تجارب على الفئران، أوضحت أن مادة “رباعي هيدروكانابينول” تعمل على إضعاف نمو الدماغ، مما يؤدي إلى ضعف معدل الذكاء واليقظة والقدرة على التركيز.
ويوضح أن المادة تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالاضطراب النفسي، مستشهداً بدراسة أوروبية للحالات والشواهد نُشرت في عام 2019 بمجلة “ذا لانسيت سايكاتري” الطبية.
ووجدت الدراسة أنه بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يستخدموا القنب أبداً، فإن متعاطي المخدر بصورة يومية كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب نفسي بواقع 2ر3 مرة أكثر، وترتفع النسبة إلى 8ر4 مرة أكثر في حال استخدموا نوعاً عالي الفعالية من الحشيش (يزيد تركيز مادة “رباعي هيدروكانابينول” فيه عن 10%) بصورة يومية .
وكتب مؤلفو الدراسة: “تُظهر نتائجنا أنه في المناطق التي يكون فيها الاستخدام اليومي للقنب، أو استعمال المخدر عالي الفعالية، أكثر انتشاراً بين عامة السكان (مثلما يحدث في أمستردام ولندن وباريس)، يكون هناك زيادة في حالات الاضطراب النفسي”.
وتقول إدارة الصحة الوطنية البريطانية إن تعاطي الحشيش بصورة منتظمة يزيد من خطر الإصابة بمرض نفسي، مثل الفصام، وأن تعاطي القنب يزيد أيضا من خطر تعرض الأشخاص المصابين بالفصام بالفعل، بانتكاسة، ومن الممكن أن يجعل الأعراض النفسية أسوأ.
وتوصلت دراسة أجراها المركز الطبي في “جامعة أولم” بألمانيا، إلى أنه خلال الفترة بين عام 2011 وعام 2019، شهد قسم الطب النفسي والعلاج النفسي في الجامعة التابع لها زيادة بنسبة ثمانية أضعاف في عدد المرضى المقيمين الذين تم علاجهم من اضطراب نفسي متعلق بتعاطي القنب، وهي قفزة وصفها توماسيوس بأنها “مذهلة للغاية”.
ويقول توماسيوس إن إحصاءات الشرطة من الدول التي يكون فيها استخدام القنب للأغراض الترفيهية، قانونياً، كما هو الحال في العديد من الولايات الأمريكية، تشير إلى زيادة عدد جرائم العنف المرتبطة بالمخدرات، لكنه يضيف أن درجة مصداقية الإحصاءات غير واضحة.
ويشار إلى أن الفترة بين عام 2010 و2019، شهدت ارتفاع عدد البالغين في دول الاتحاد الأوروبي (الذي يضم في عضويته 27 دولة)، بالاضافة إلى المملكة المتحدة والنرويج وتركيا، الذين أبلغوا عن تعاطيهم للقنب خلال الشهر السابق، بنسبة 27%، بحسب دراسة أجراها باحثون من ألمانيا والمملكة المتحدة وأسبانيا.
ونُشرت الدراسة في شهر أيلول في مجلة “ذا لانسيت ريغونال هيلث – يوروب”، واستندت إلى بيانات متاحة للعامة.
وفي نصف جميع الدول التي تم شملها الفحص، كانت نسبة متعاطي المخدر، المسمى بالتعاطي “عالي المخاطر”، في الشهر السابق بصورة يومية أو شبه يومية، أعلى بنسبة 20% أوأكثر.
وتشير الدراسة إلى أن الاستخدام المكثف يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة باضطرابات نفسية وضعف إدراكي حاد وحدوث إصابات في المرور ومشاكل في الجهاز التنفسي ونتائج سيئة أثناء فترة الحمل، وغيرها من المشاكل. (DPA)[ads3]