دويتشه فيله : ” حامل الشموع المقوس ” .. زينة عيد الميلاد العريقة في ألمانيا

تقع منطقة “إرتسغبيرغه” الجبلية شرقي ألمانيا، على الحدود مع التشيك، وتستقطب الكثير من السائحين، حيث تشتهر البلدات الواقعة في المنطقة بالحرف التقليدية، خاصةً صناعة حوامل الشموع المقوسة، التي تزدهر مع قرب الاحتفالات بأعياد الميلاد.

وفي منتصف النهار، يتهافت السياح الذين يزورن مدينة “يوهان غيورغن شتات/ Johanngeorgenstadt” في ولاية سكسونيا على التقاط الصور لهيكل زخرفي كبير في وسط المدينة، تم نحته تحت قوس معدني كبير، بيد أنه بحلول الليل، يصبح المظهر رائعاً وخلاباً، حيث تضاء الشموع الكهربائية على الهيكل، ما يضفي على المكان ميزة خاصة.

وبالإضافة إلى كونها منتجعاً للرياضات الشتوية، فإن هذه المدينة تفتخر بكونها المكان الذي يتم فيه تصنيع حوامل الشموع المقوسة، التي تُعرف باللغة الألمانية باسم “Schwibbogen” أو “شفيب بوغين”، إذ أن المدينة هي موطن لأكبر حامل شموع قائم بذاته في العالم.

ويرغب السياح في التجمع حول هذا الحامل الذي يبلغ عرضه 14,5 متراً وطوله 25 متراً، ويحتوي هذا القوس الضخم على مجموعة من الشموع الكهربائية الكبيرة التي تضيء مختلف الأشكال المنحوتة عليه، وهو الأمر الذي يثير إعجاب السائحين.

ويقول سائح: “جئت إلى هنا من قبل، لكن في كل مرة يبدو لي أن حامل الشموع قد أصبح أطول”، فيما تقول صديقته: “هذا الحامل يجعلك تشعر بأنك صغير الحجم، إذا وقفت بجواره مباشرة”.

ورغم ضعف حركة السياحة جراء قيود كورونا، إلا أن شغف الألمان بحاملي الشموع المقوسة لا يضعف، حتى في ظل أوضاع صعبة تسببت فيها الجائحة.

ومع اقتراب أعياد الميلاد، يقوم الكثيرون في المنطقة أو حتى أي بلدة في العالم بوضع زينة الـ”كريسماس” أمام المنزل وفي النوافذ لإسعاد المارة.

ومع اقتراب أعياد الميلاد، فإن هذه المنطقة الشهيرة بالفن اليدوي الخزفي تكتسب ميزة فريدة، وهو ما يشير إليه فريدريك غونتر، الذي يرأس رابطة الحرفيين وصانعي الألعاب.

ويقول، في مقابلة مع شبكة “DW” الإعلامية، إن “منطقة إرتسغبيرغه تتميز بصناعة حوامل الشموع المقوسة التي لها شهرة كبيرة عن غيرها من المنتجات التي تصنع في المدينة”.

ويضيف: “يمكن رؤية هذه الحوامل وهي معلقة في نوافذ المنازل، لذا يمكن القول أنها تعد سفراء منطقتنا ومنتجاتنا”.

وفي ظل هذه الشهرة الكبيرة لحوامل الشموع المقوسة في هذه المنطقة، يتساءل كثيرون عن سبب هذه الشهرة وكيف بدأت القصة؟.

توم بوته، أحد أبناء المدينة والذي يهوى النحت على الخشب، يعد من بين القلائل الذين يملكون إجابة على هذا السؤال، بسبب شغفه واهتمامه بتاريخ المدينة.

ويوضح، في مقابلة مع شبكة “DW”، أن “أول حامل شموع مقوس صُنع في عام 1740 في هذه المدينة بواسطة حداد يدعى يوهان تيلر، وكان هذا الحامل بمثابة شكر وعرفان لعمال المناجم الذين كان يعمل معهم، ومنذ ذلك الحين، بدأت صناعة حوامل الشموع في المدينة”، لكن لا يعرف أحد ما الذي ألهم تيلر لصنع حامل للشموع بهذا الشكل.

وفي هذا السياق، يقول بوته: “إذا سألت أي شخص عن السبب وراء ذلك، وما الذي يرمز إليه حامل الشموع المقوس، فإن  80% من الناس سيجيبون بأن القوس تم تصميمه على غرار مدخل نفق التعدين”، لكنه لا يتفق في هذا الرأي، إذ يعتقد أن الشكل يعود إلى أشكال الأقواس التي كانت في كنيسة مدينة “يوهان غيورغن شتات/ Johanngeorgenstadt” القديمة، والتي التهمها حريق كبير منذ زمن بعيد، مضيفاً أنه يعتقد أن صانع أول حامل شمع مقوس عام 1740، استوحى هذا الشكل عندما ذهب إلى هذه الكنيسة، بيد أن إيغور ينتسن، الذي يعمل في متحف الفن الشعبي الساكسوني في دريسدن، لديه رواية أخرى، إذ يعتقد أن الأمر يعود إلى حفل الزفاف الأسطوري لفريدريك أوغسطس، ناخب ساكسونيا، من ابنة الإمبراطور النمساوي عام 1719.

ويضيف بأن العديد من سكان المنطقة، خاصةً عمال المناجم، استمتعوا بالأجواء الاحتفالية التي استمرت لعدة أسابيع، بما في ذلك مشاهدة الأوبرا والحفلات التنكرية والزخارف الجميلة، ويبدو أنهم شاهدوا مباني أقيمت لاستعراض كبير، يضم أقواساً ربما كانت مصصمة لحمل شموع.

وعلى مدى القرون الماضية، كانت زينة عيد الميلاد الشهيرة، خاصةً حوامل الشموع المقوسة، تُصنع من المعادن، بيد أن الخشب أصبح منافساً قوياً للمعدن في هذه الصناعة، وفقاً لما ذكره توم بوته، وقال: “منذ أربعينيات القرن الماضي، بدأ العمال في صناعة حوامل شموع مقوسة من الخشب، لذا ظهرت العديد من الزخارف والأعمال اليدوية الخشبية الأخرى مثل كسارة الجوز”.

وتحظى حوامل الشموع المقوسة الخشبية بشعبية كبيرة أيضاً لأن سعرها يكون أقل، مقارنةً بالحوامل التي تصنع من المعدن.

أما عن التسويق، فيقول فريدريك غونتر، الذي يرأس رابطة الحرفيين وصانعي الألعاب، إن معظم حوامل الشموع المقوسة تُنتج بشكل أساسي للسوق الألمانية، ويضيف بأنه “فيما يتعلق بالأسواق خارج ألمانيا، هناك بعض المشكلات الفنية التي يجب مراعاتها فيما يتعلق باختلاف الجهد الكهربائي في ألمانيا وغيرها من الدول الأخرى، لذا يتعين صنع حوامل تناسب متطلبات هذه الدول”، فعلى سبيل المثال، يقول غونتر إن السياح الأمريكان الذين يشترون هذه  الحوامل يجب إبلاغهم بأنهم سيحتاجون مصابيح إضاءة خاصة لإضاءة حوامل الشموع.

وخلال أزمة جائحة كورونا، أثرت حركة السياحة الضعيفة على عمليات البيع، فيما لجأ التجار إلى الإنترنت لبيع المنتجات.

ويقول غونتر:  ”إن المنتجين الذين يمتلكون سلعاً كثيرةً، يقومون ببيع هذه المنتجات عبر الإنترنت ولا يتأثرون كثيراً بالقيود، لكن بالنسبة إلى تجار التجزئة الذين لديهم متاجر تقليدية، فإن قيود كورونا تمثل مشكلةً كبيرةً، بسبب غياب السياح”.

هاردي غراوبنر – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها