كيف أدت أنانية الدول المتقدمة لظهور ” أوميكرون ” ؟

أنانية الدول المتقدمة هي السبب في ظهور متغير أوميكرون الذي يجتاح العالم، فسبب عدم عدالة توزيع اللقاحات تحور هذا المتغير في القارة الإفريقية المحرومة بشكل بشع من اللقاحات.

إذ يقول الخبراء إن متغير أوميكرون مرتبط بعدم المساواة في اللقاحات، وأنهم حذروا الدول الغنية من هذا المصير، واليوم فإن منظمة الصحة العالمية تقول إن نصف أوروبا ستصاب بأوميكرون.

ومنذ ظهور الجائحة، دعا العلماء والأكاديميون والنشطاء، الدول الغنية إلى توزيع اللقاحات على بلدان العالم، لا لحماية الناس في هذه البلدان فحسب، وإنما أيضاً للحد من مخاطر ظهور متحورات جديدة بإمكانها مقاومة اللقاحات في جميع بلدان العالم، لأن ترك دول العالم الثالث من دون اللقاحات سيؤدي إلى انتشار الفيروس بشكل كبير، ما يزيد فرص تحوره.

ورغم هذه التحذيرات المتكررة من خطورة عدم عدالة توزيع اللقاحات، يبدو أن هذا ما حدث بالضبط. فقد ظهر متحور أوميكرون الجديد في جنوب إفريقيا بعدد كبير من الطفرات، يقول الخبراء إنها قد تمكّنه من الانتقال بسهولة أكبر وربما إضعاف المناعة الموجودة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة “إندبندنت” البريطانية.

أولئك الذين دقوا ناقوس الخطر كرروا نفس الشعار: لا أحد بأمان حتى يصبح الجميع بأمان، ولكن أنانية قادة الدول المتقدمة جعلتهم لا يستمعون، وبينما يوزعون جرعات ثالثة ورابعة من اللقاح تركوا الدول الفقيرة في مأساة.

قالت أندريا تايلور، مساعدة مدير البرامج في مركز ديوك العالمي للابتكار الصحي، وهي هيئة رائدة في مجال إمدادات اللقاحات العالمية: “إن إفريقيا في الوقت الحالي هي حاضنة فائقة بشكل أساسي”، حسبما نقل عنها تقرير لموقع CNBC الأمريكي.

وقالت إن ظهور متغير جديد هو بالضبط ما يحذر منه الخبراء منذ شهور. “لقد رأينا ما حدث مع الهند، ما أدى إلى ظهور متغير الدلتا. وقلنا، “انظر، هذا سيحدث في إفريقيا حيث يوجد انتقال غير متحكم فيه”.

تم اكتشاف متغير أوميكرون، ويبلغ معدل التطعيم الكامل 35% منها. هذا المعدل أعلى من معظم دول إفريقيا، ويبدو أنه مدفوع برهاب اللقاحات، وليس نقص الإمدادات.

لكن الخبراء يقولون إن هذا لا يعني أن البديل تحور في جنوب إفريقيا، فقط الدولة لديها تكنولوجيا اختبار وتسلسل أفضل من جيرانها.

وقال تايلور وخبراء آخرون إنه من المرجح أيضاً أن يكون أوميكرون قد نشأ في أماكن أخرى في إفريقيا، والتي عانت عادةً للحصول على ما يكفي من اللقاحات وسط التدافع المحموم الذي يهيمن عليه نصف الكرة الشمالي على الإمداد.

قال الدكتور سيث بيركلي، الرئيس التنفيذي لشركة قال Gavi، تحالف اللقاحات، الشريك الرائد في برنامج مشاركة اللقاحات العالمي COVAX، في رسالة بالبريد الإلكتروني “سنمنع ظهور المتغيرات فقط إذا كنا قادرين على حماية جميع سكان العالم، وليس فقط الأجزاء الغنية”، “يحتاج العالم إلى العمل معاً لضمان الوصول العادل للقاحات الآن”.

وأعاد هذا الجدل تركيز الانتباه على عدم المساواة في اللقاحات العالمية -الذي يقول تيلور إنه “أسوأ من أي وقت مضى”- والاتهامات بأن الدول الغنية كانت تدخر لنفسها العقاقير.

تظهر عدم عدالة توزيع اللقاحات بشكل فج عندما نعرف أنه لم يتم تطعيم ما يقرب من نصف سكان العالم حتى الآن، وفي أفقر الدول فقط حوالي 5.7% من الأشخاص حصلوا على اللقاح الأول. هذا لا يُعرّض الناس للخطر دون داعٍ فحسب، بل يسمح للفيروس بالاستمرار في الانتشار والطفرة.

وبحسب موقع “عربي بوست”، تلقت البلدان منخفضة الدخل، ومعظمها في إفريقيا، 0.6% فقط من حوالي 8 مليارات حقنة تم إعطاؤها، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. قالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي إن واحداً فقط من كل أربعة من العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية في القارة الإفريقية تم تطعيمهم بالكامل.

على النقيض من ذلك، قامت الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى بتطعيم الجميع باستثناء المترددين وغير المؤهلين، وتقوم الآن بنشر الجرعات المعززة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في اجتماع في جنيف، الإثنين: “لا يمكن لأي دولة التطعيم للخروج من الوباء بمفردها”. “كلما طال عدم المساواة في اللقاحات زادت فرصة انتشار هذا الفيروس وتطوره بطرق لا يمكننا التنبؤ بها أو منعها، نحن جميعاً في هذا معاً”.

مع إنتاج 1.5 مليار جرعة شهرياً الآن بدأت تحديات إمداد اللقاحات العالمية بالتراجع أخيراً، والسباق مستمر لحماية العالم، حيث يهدف COVAX إلى تقديم 800 مليون إلى مليار جرعة بحلول نهاية العام، حتى لو كان هذا المتغير يتفوق على دلتا في مراوغة اللقاحات، لكن ليس هناك دليل قاطع على أن اللقاحات الحالية لم تعد تحمي الناس وتنقذ الأرواح.

تبرعات الولايات المتحدة باللقاحات جاءت أكثر من أي دولة أخرى، حيث شحنت 235 مليون جرعة من 1.1 مليار جرعة تعهدت بها. وتقول أيضاً إنها ستتبرع بمبلغ 4 مليارات دولار لـCOVAX، فيما كان الاتحاد الأوروبي متخلفاً كثيراً في هذا المضمار.

المشكلة أنه كلما ازدادت الإصابات ازدادت الطفرات، ومعها تزداد احتمالية امتزاج هذه الطفرات بطريقة تشكل تهديداً، واليوم مع الانتشار الهائل لأوميكرون وضعف التطعيم في العالم الثالث، فهذا معناه فرصة لمزيد من التحورات التي قد تكون أشرس مما سبق.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها