مسدسات ” ذكية ” تسعى للتخفيف من أعداد قتلى السلاح بأميركا

تدخل مسدسات “ذكية” مصممة لتحديد من يمكنه الضغط على الزناد سوق الأسلحة الأميركية المزدهرة هذا العام، والهدف منها الحد من عدد ضحايا الأسلحة النارية، فيما يواجه المشرعون الفدراليون طريقاً مسدوداً بشأن تنظيم حمل السلاح على مستوى الولايات المتحدة.

وتثير فائدة هذه التكنولوجيا ومدى موثوقيتها بالإضافة إلى المعارك السياسية حول تنظيم حمل الأسلحة النارية، جدلاً منذ عقود، لكن مؤيّديها يقولون إنها فرصة لمنع الأطفال والمجرمين والأشخاص الذين لديهم ميول لإيذاء النفس، من الضغط على الزناد.

لكن هل سيقدم المشترون على هذه الأسلحة الذكية؟ وهل ستنجح التكنولوجيا في عالم الواقع وتوفر مزيداً من السلامة؟ إنهما سؤالان قد يبقيان بلا جواب حاسم على مدى سنوات.

وقال آدم سكاغز، كبير المستشارين ومدير السياسات في مجموعة “غيفوردز” لمكافحة انتشار الأسلحة: “لا يمكنني معرفة ما إذا ستكون المسدسات الذكية إيجابية أو سلبية، أو إذا ستواجه الفشل نفسه الذي منيت به الأسلحة الذكية الأخرى في الماضي”.

ويستخدم النظام الذي تقدمه شركة “سمارت غانز” التي يملكها رائد الأعمال توم هولاند رقائق “رفيد” (وهي بطاقات تحديد الترددات اللاسلكية، على غرار الشارات التي يستخدمها كثر في سياراتهم لدفع الرسوم الإلكترونية) مثبتة داخل حلقات.

وعندما يمسك صاحب السلاح مسدسه بيده التي يضع فيها حلقة متصلة، تُفتح آلية أمان ما يمكّنه من إطلاق النار.

وصممت شركة هولاند هذه التكنولوجيا خصوصاً للشرطيين الذين يخشون من أن يستولي مشتبه به على مسدسهم فيما يقبضون عليه، والأهالي الذين يخشون من أن يعثر أطفالهم على أسلحتهم النارية ويستخدمونها.

وقال هولاند لوكالة “فرانس برس”: “إن الأمر يتعلق فقط بسلامة السلاح. بالنسبة إلى المشترين الذين يريدون سلاحاً أكثر أماناً، يمكنهم الحصول على هذه الأسلحة الذكية إذا كانوا يشعرون بحاجة ماسة إلى حماية أنفسهم”.

ويتوقع هولاند أن يبدأ بيع مسدساته التي قال إنها قيد التجربة من قبل شرطيين في أنحاء الولايات المتحدة، للمدنيين بحلول أبريل أو مايو المقبلين.

ويعيش حوالي 40% من الأميركيين البالغين في منزل فيه أسلحة، وفقاً لـ”مركز بيو للبحوث”.

وسجّلت مبيعات الأسلحة النارية رقما قياسيا في العام 2020 مع بيع نحو 23 مليون قطعة، وفق مجموعة “Small Arms Analytics & Forecasting” للاستشارات.

وساهمت جائحة كورونا والاحتجاجات ضد التمييز العنصري في ارتفاع حاد في جرائم القتل عام 2020 في الولايات المتحدة، مع بقاء معدلاتها دون الذروة التي شهدتها في تسعينات القرن الماضي.

كما أن حوادث إطلاق النار في المدارس وفي الأماكن العامة جذبت الانتباه إلى الموضوع بقوة، لكن أكثر من نصف عدد القتلى بالأسلحة النارية، الذي يبلغ حوالي 40 ألفا سنوياً، حالات انتحار.

وقالت جينجر تشاندلر المؤسسة المشاركة لشركة “لودستار ووركس” لصناعة الأسلحة الذكية، إن نظام المصادقة هو بمثابة حاجز مادي ضد الحوادث وحالات الانتحار والجرائم، لكنه أيضاً بمثابة حاجز نفسي.

وأوضحت قائلةً: “في لحظة توتر، يلتقط الشخص المخوّل السلاح الناري، لكن عليه القيام بهذه الخطوة الإضافية التي تمنحه وقتاً ليفكر ويتساءل: هل أريد فعلاً القيام بذلك؟”.

وتطور شركتها مسدسا عيار 9 مليمترات سيكون متاحاً في السوق بحلول العام 2023، يمكن تفعيله بثلاث طرق: عبر تطبيق يحمّل على الهاتف، أو باستخدام رمز سري أو عن طريق مستشعر بصمة الإصبع.

تصل هذه الشركات بعد سنوات من الاضطرابات بشأن الأسلحة “الذكية”.

ففي العام 2000، اتفقت شركة “سميث أند ويسون” لصنع الأسلحة النارية مع إدارة الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون على إجراء إصلاحات للحد من عنف السلاح شملت تطوير أسلحة ذكية، لكن المشروع لم ير النور بعد تدخل عنيف من لوبي حقوق حمل السلاح النافذ في أميركا.

وفي العام 2002، أثار قانون لولاية نيو جيرزي كان من شأنه حظر المسدسات، التي لا تتمتع بنظام مصادقة المستخدم، ضجة كبيرة وقد أعيدت صياغته في العام 2019 لمطالبة متاجر الأسلحة في الولاية ببيع الأسلحة الذكية بمجرد أن تصبح متاحة تجارياً.

كما أن الضربة التي تلقتها الشركة الألمانية “أرماتيكس” التي طورت مسدساً ذكياً، أثرت سلباً على هذه التقنية. ففي العام 2017، تمكن أحد المقرصنين من اختراق نظام الأمن باستخدام مغناطيس.

وفيما يلقى مفهوم السلاح الذكي دعماً من دعاة تنظيم حمل الأسلحة، أشار بعض الخبراء إلى أنه يبقى رغم ذلك سلاحاً فتاكاً.

وقال دانيال ويبستر مدير “مركز جونز هوبكنز لسياسة وبحوث السلاح” لوكالة “فرانس برس” إن “فكرة السلاح الذكي برمّتها تتجاهل الطريقة الأكثر شيوعاً التي تستخدم فيها الأسلحة للقتل في الولايات المتحدة، وهي انتحار الشخص الذي اشتراها”.

غير أن هذه التكنولوجيا لديها جاذبية خصوصاً فيما يبدو أن الاستقطاب السياسي يضمن عدم وجود قيود فدرالية جديدة على بيع وحمل الأسلحة في المستقبل القريب.

وقال غاريث غلايزر المؤسس المشارك لـ”لودستار” إن الشركة حاولت تجنّب الانزلاق في الجدل السياسي حول الأسلحة، مضيفاً “إنه حل بديل. نفضل أن تبقى الحكومة بعيدة عن هذا الموضوع وأن تسمح للمستهلك بالاختيار”. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها