أسوشييتد برس : مقطع مصور لمجزرة ينكأ جرح عائلات السوريين المفقودين ( فيديو )

لسنوات طويلة، بقي أفراد عائلة صيام متشبثون بأمل عودة ابنهم وسيم الذي كانوا يعتقدون أنه معتقلٌ في أحد سجون الحكومة السورية، حيث كان فُقد عند حاجز عسكري قبل نحو عقد من الزمن.

وفي لحظة تفيض وجعاً وقهراً، انتُزعَ الأملُ من صدور عائلة صيام، إذ لامست نظرات أفرادها صورة وسيم حين ظهر في مقطع مصوّر، تمّ تسريبه حديثاً، وهو يخطو خطواته الأخيرة نحو حتفه.. كان وعشرات الرجال معصوبو الأعين ومقيديو الأيدي يُساقون إلى حفرة كبيرة ويلقون فيها واحداً تلو الأخر بعد رميه بالرصاص ثم أُشعلت النيران في الحفرة لتصعد منها الجثث دخاناً وبعض رماد.

مسرح الجريمة كان في منطقة زليخة بحي التضامن جنوب دمشق، والقاتلون كانوا عناصر من قوات الأمن السوري، أما الضحايا الذين قضوا في هذه الجريمة المروّعة، فهم سوريون وفلسطينيون، بعضهم أطفال.

سهام صيام والدة المغدور وسيم شاهدت مقطع الـ”فيديو” الذي كان تمّ تصويره قبل نحو تسع سنوات، ونشر على نطاق واسع ضمن الأوساط السورية في أواخر شهر نيسان/أبريل الماضي، تقول: “لقد فجعنا وتهتكت قلوبنا”.

وفي حديث مع مراسل وكالة “أسوشييتد برس” في ألمانيا، حيث لجأت سهام مع عائلتها هرباً من جحيم الحرب التي عاشتها سوريا خلال العقد الثاني من القرن الحالي، تقول الأمّ المكلومة: “لقد قتلوه بدم بارد.. لا يمكن لأم أن تتحمل رؤية ابنها يتعرض للموت بهذه الطريقة”.

وكانت المقطع المصوّر أثار، حين تمّ نشره على الشبكة العنكبوتية”، أثار موجة عارمة من الأسى والخوف في أوساط عائلات عشرات آلاف السوريين الذين اختفوا خلال الحرب الأهلية السورية، فيما اندفع الآلاف لإجراء مسح دقيق في اللقطات بحثاً عن قريب أو صديق اختفى خلال الحرب.

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية نشرت في السابع والعشرين من شهر نيسان/أبريل الماضي تقريراً مصوراً أظهر قيام عناصر من المسلحين التابعين لقوات الحكومة السورية في منتصف شهر نيسان/ أبريل من العام 2013 بإعدام 41 مدنيا، بينهم 7 نساء وعدد من الأطفال، ثم تمّ إضرام النيران في جثثهم.

وأوضحت “الغارديان” في تقريرها أن المقطع المصوّر وقع بيد عنصر من القوات الحكومية السورية فقام بتسريبه على أمل أن يساعده ذلك في الحصول على حقّ اللجوء خارج بلاده، ووصل المقطع المصوّر إلى الناشطة السورية أنصار شحود والبرفيسور الهولندي أوميت أوغور في مركز الهولوكوست والإبادة بجامعة أمستردام، حيث عملَ الباحثان مدة 3 سنوات على متابعة القصة والعثور على الشخص الذي يظهر وهو يقوم بقتل المدنيين وحرق جثثهم كما بدا واضحاً في مقطع الفيديو.

يقول المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، محمد العبد الله لـ”أسوشييتدبرس”: “حتى وإن لم تشاهد العائلات في المقطع المصوّر قريباً لها اختفت آثاره في الحرب، فإن الصوّرالمروعة ستبقى محفورة في أذهانهم إلى الأبد، وسوف يسألون أنفسهم دائماً عما إذا كان قريبهم قد واجه المصير نفسه”.

ويُطلق على شبكة السجون السورية، اسم “الصندوق الأسود” إذ لا يمكن الوصول إلى أية معلومات تتعلق بالمعتقلين داخله، كما لا يمكن معرفة من قضى منهم ومن لا يزال على قيد الحياة.

تقول سهام، إنّها وزوجها يشاهدان المقطع المصوّر كل يومٍ لرؤية اللحظات الاخيرة التي عاشها ابنهما قبل أن يفارق الحياة، ذلك المقطع الذي تم تصويره بعد يومين من اختفاء وسيم عند نقطة تفتيش بالقرب من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جنوب دمشق، وهو أبٌ لطفلين وكان حينها في التاسع والثلاثين من عمره.

ويُظهر المقطع المصوّر الذي تبلغ مدته 6 دقائق و43 ثانية عناصر فرع المخابرات العسكرية السورية “227” سيء السمعة، مع طابور من عشرات المخطوفين داخل مبنى مهجور في حي التضامن الذي كان بمثابة منطقة تماس بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة.

وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، لا يزال 102207 شخصاً في عداد المفقودين، بعد أكثر من 11 عاماً على بدء الصراع في سوريا، وتعدّ الحكومة السورية هي المسؤول الأكبر عن حالات الاختفاء القسري، إذ فقد 86792 شخصاً واختفى عدد غير معروف منهم في متاهة السجون الغامضة، فيما كان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤولا عن 8648 حالة اختفاء، وجماعات المعارضة المسلحة عن 2567 حالة، وتعدّ قوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن اختفاء البقية. (EURONEWS)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها