بعد تعليقها العمل بمكابح الديون .. ألمانيا تواجه لحظة استيقاظ بشأن الإنفاق العام
قال كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني، إن حكومة بلاده ستواجه “لحظة استيقاظ” بشأن الإنفاق العام المقبل عندما تتم إعادة فرض القيود الدستورية على الاقتراض.
وبحسب وكالة “بلومبيرج” للأنباء، أضاف الوزير في تصريحات أمس، “علينا إعطاء الأولوية لخطط الائتلاف الحاكم، لا يمكن تنفيذ كل شيء على الفور”.
وعلقت ألمانيا العمل بما يسمى مكابح الديون على مدار ثلاثة أعوام لمواجهة تداعيات الجائحة، وتعتزم البلاد تطبيق المكابح العام المقبل، حيث من المتوقع أن يتقلص صافي الدين الجديد إلى 7.5 مليار يورو.
ووصف ليندنر ذلك بـ”السيناريو الواقعي”، إذ إن الحكومة في حاجة إلى تجنب الإنفاق، الذي يؤجج التضخم، مشيرا إلى أن دعم المنازل الجديدة أو السيارات الكهربائية قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وقال ليندنر، إن الميزانية ستستفيد من انتهاء صلاحية الإنفاق المرتبط بالجائحة بحلول العام المقبل على أقصى تقدير، داعيا إلى إنهاء اختبارات كورونا المجانية هذا العام.
وفي سياق متصل، تواجه صناعة الهندسة الميكانيكية الألمانية انخفاضا في مستويات إنتاجها المتوقعة للمرة الثانية في العام الجاري، متأثرة بتعطل سلاسل الإمداد على المستوى العالمي.
وقال كارل هويسجن، رئيس اتحاد شركات صناعة الآلات في ألمانيا لصحيفة “فيلت آم زونتاج”، إن الوضع تدهور بشدة في فترة قصيرة من الوقت، وفقا لـ”الألمانية”.
وأكد قبيل معرض هانوفر ميسي التجاري الدولي، إنه لم يعد من الممكن تحقيق توقعات النمو لـ 2022، الذي تم خفضه من 7 إلى 4 في المائة، في آذار (مارس).
وأرجع هويسجن السبب في هذا التراجع، إلى عدة مخاطر، من حرب أوكرانيا، إلى الإغلاقات في الصين، والتضخم، وتضرر سلاسل التوريد.
وأكد أن الشركات تعاني نقصا في أشباه الموصلات ومكونات إلكترونية قليلة أخرى، لكن الوضع أيضا يصبح خطيرا مجددا بالنسبة للمعادن والبلاستيك، حيث إن الإغلاق في الصين له تأثير أكثر خطورة في هذا”.
وأضاف أنه بالنسبة للشركات، فإن حظر الغاز الروسي سيتسبب في تفاقم الوضع أكثر.
ورغم الحرب الجارية في أوكرانيا، تتوقع الصناعة الألمانية أن تنمو صادراتها هذا العام 2.5 في المائة.
أوضح زيجفريد روسفورم، رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، أن هناك شرطين لتحقيق ذلك، أحدهما يتطلب تراجع مشكلات سلاسل التوريد بشكل ملحوظ في النصف الثاني من العام.
وأكد أن الشرط الثاني يتمثل في عدم وجود حظر على واردات الغاز من روسيا، إذ إن من شأن ذلك أن يعرقل النمو ويدفع الاقتصاد إلى الركود”، وفقا لـ”الألمانية”.
وأشار إلى أن نمو الصادرات قد ضعف بالفعل بسبب الحرب، وتعطل سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار المواد الخام.
وقبيل افتتاح المعرض الصناعي، أبدى روسفورم تفاؤلا بوجه عام، قائلا “أتطلع إلى المستقبل على نحو متفائل إلى حد ما، رغم أنني أعلم أن هذه الحرب ليست مأساة إنسانية فحسب، بل إنها تشكل أيضا تحديات هائلة لشركاتنا”. ويتطلع روسفورم إلى معرض هانوفر، حيث يجرى تبادل الأفكار بين عديد من المتخصصين، على حد تعبيره.
ودعا هوبرتوس هايل، وزير العمل الألماني، إلى انعكاس زيادة التضخم أيضا في اتفاقيات الأجور. وقال الوزير، الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في تصريحات أمس إنه لن يتدخل في المفاوضات، “لكنني سأقول بصراحة إن تحديد أجور لائقة سيساعد أيضا في تخفيف تطورات الأسعار هنا في ألمانيا”.
وأشار الوزير إلى أن التضخم الحالي، وهو الأقوى منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لم يكن ناتجا عن طلبات مفرطة للأجور، بل نتيجة أسعار الطاقة والاضطرابات في سلاسل التوريد. وفي نيسان (أبريل) الماضي، ارتفعت أسعار المستهلكين 7.4 في المائة على أساس سنوي. ويعتزم مكتب الإحصاء الاتحادي نشر الأرقام الخاصة بشهر أيار (مايو) غدا الإثنين، فيما يتوقع الخبراء أن يصل معدل التضخم إلى 7.6 في المائة.
وبسبب التضخم، الذي تعانيه البلاد، قل حماس المستهلكين في ألمانيا للهليون الأبيض، الذي يعد طعاما ربيعيا شهيا، ما دفعهم إلى الحرص على تقليل إنفاقهم عليه لمصلحة الإنفاق على الخدمات.
ويعد الهليون – خاصة من النوع الأبيض – من المنتجات الغذائية المميزة في المطبخ الألماني، إلى جانب الشنيتسل “شرائح اللحم أو الدجاج المنزوع العظم مغطى بالبقسماط ومقلي” والنقانق والبطاطا المقلية.
ويبدأ موسم الهليون من منتصف نيسان (أبريل) حتى حزيران (يونيو)، عندما تبدأ أكشاك الخضر في بيعه، وتخصص مطاعم قوائم كاملة له. وقال كلاوديو جليسر، من شركة أبحاث السوق الزراعية “إيه إم آي” بون، إنه تم تسجيل حجم شراء أقل بكثير حتى الآن هذا الموسم.
وسجلت الجمعية الألمانية لأبحاث المستهلك “جي إف كيه” اتجاها مماثلا أيضا، إذ يقول جليسر إن الهليون هو “خضراوات يمكن الاستغناء عنها”، يربطها كثيرون بارتفاع الأسعار، مشيرا إلى الاتجاه العام الحالي للعملاء نحو شراء المنتجات الأساسية والسلع التي ليس لها علامة تجارية.
وأوضح جليسر: “كثير من الناس ينتبهون إلى إنفاقهم، وما يتبقى بعد استهلاك الوقود، وما عليهم ادخاره لتسديد فواتير أعلى في المستقبل”، موضحا أن المستهلكين الأقل تضررا من ارتفاع الأسعار ينفقون الآن مزيدا من الأموال على الخدمات، مثل السفر.[ads3]