رويترز : رحى الحرب الروسية في أوكرانيا تستمر في الدوران و بوتين يتظاهر بأن الحياة طبيعية

يقترب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من علامة المائة يوم من الحرب التي يرفض تسميتها باسمها ويطلق عليها وصفا آخر، ويبدي تصميما على نقل انطباع بأن عمله يسير كالمعتاد.

وفي الوقت الذي كان فيه جيشه يشق طريقه إلى مدينة سيفيرودونيتسك الأوكرانية هذا الأسبوع، كان بوتين يدلي بحديث قصير في حفل نقله التلفزيون لتكريم الآباء والأمهات في العائلات الكبيرة بشكل غير معتاد.

ومنذ بداية مايو/ أيار، اجتمع، في لقاءات معظمها عبر الإنترنت، مع معلمين ورؤساء شركات النفط والنقل ومسؤولين عن التصدي لحرائق الغابات ورؤساء ما لا يقل عن 12 منطقة روسية، يقع كثير منها على بعد آلاف الأميال من أوكرانيا.

وإلى جانب عدة جلسات لمجلس الأمن القومي وسلسلة من المكالمات مع زعماء أجانب، وجد وقتا للتحدث والإدلاء بكلمة بالفيديو موجهة للاعبين والمدربين والمتفرجين في دوري الهوكي الليلي لعموم روسيا.

ويتوافق ما يبدو أنه روتين جامد وممل مع رواية الكرملين بأنه لا يخوض حربا بل مجرد “عملية عسكرية خاصة” لإعادة جار مزعج إلى رشده.

وعلى الرغم من الأداء الضعيف لجيشه في أوكرانيا وهزيمته في أكبر مدينتين بها، وتكبد آلاف الضحايا غير المعلن عنهم، إلا أن بوتين لا يظهر أي علامة واضحة على التوتر.

وعلى النقيض من الفترة التي سبقت الغزو في 24 فبراير/ شباط، عندما كان يندد بأوكرانيا والغرب في خطابات غاضبة، كان خطابه محددا. يبدو الرجل البالغ من العمر 69 عاما هادئا ومركزا ولديه كل البيانات والتفاصيل.

وبينما يعترف بتأثير العقوبات الغربية، يقول للروس، إن اقتصادهم سيخرج أقوى وأفضل من حيث الاكتفاء الذاتي، بينما سيعاني الغرب من تأثير ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.

مع استمرار الحرب بلا هوادة وغياب أي بادرة على نهايتها، يواجه بوتين تحديا متزايدا للحفاظ على مظهر الحياة الطبيعية.

من الناحية الاقتصادية، سوف يزداد الوضع سوءا مع اشتداد قسوة العقوبات واتجاه روسيا نحو الركود.

وعلى الصعيد العسكري، تقدمت قوات بوتين تدريجيا في شرق أوكرانيا، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها يكثفون إمدادات الأسلحة إلى كييف، بما في ذلك إعلان الولايات المتحدة هذا الأسبوع تزويد أوكرانيا بأنظمة صاروخية متطورة.

ويقول خبراء دفاع غربيون إنه في حالة تعثر الهجوم الروسي، فقد يضطر بوتين لإعلان التعبئة العامة لقوات الاحتياط لتعزيز قواته المستنزفة.

وأوضح جيرهارد مانجوت، الأكاديمي النمساوي الذي التقى ببوتين وراقب سلوكه وسياساته لسنوات طويلة “سيشمل هذا أكثر من مليون شخص في روسيا، وبعد ذلك ستتضح (الأمور) بالطبع لأولئك الذين لم يدركوا بعد أن روسيا تخوض حربا كاملة”.

عندئذ سيصبح من الصعب إقناع جمهور يعتمد بشكل أساسي على وسائل الإعلام الحكومية الموالية للكرملين ولا يزال يجهل حجم الانتكاسات والخسائر الروسية.

لكن مانجوت يقول، إن روسيا لم تصل بعد إلى هذه المرحلة، وقد يستمد بوتين بعض التشجيع من العلامات التي تدل على الإرهاق في الغرب.

وتظهر الانقسامات بين أكثر مؤيدي أوكرانيا تشددا في الموقف، وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا ودول البلطيق، ومجموعة من الدول من بينها إيطاليا وفرنسا وألمانيا التي تضغط لإنهاء الحرب.

وأضاف مانجوت “يعول بوتين على أنه كلما طال أمد هذه الحرب، ستظهر المزيد من الصراعات والانقسامات داخل المعسكر الغربي”.

في هذه الأوضاع، توقفت محادثات السلام مع أوكرانيا منذ أسابيع، ولا يُظهر بوتين أي بادرة تدل على السعي إلى مخرج دبلوماسي. وقالت أولغا أوليكر، مديرة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في مجموعة الأزمات الدولية “لا يزال يعتقد أن الحل العسكري لهذه المشكلة سيكون في صالحه”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها