الغاز يهدد ألمانيا بالركود و مصانعها بالتوقف .. لا قدرة على امتصاص التداعيات
قال روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني “إن بلاده ستتجه نحو نقص في احتياجاتها من الغاز إذا استمر انخفاض الإمدادات الروسية على المنوال نفسه”، مضيفا أنه “سيتعين إغلاق بعض الصناعات إذا لم يكن هناك ما يكفي في الشتاء”.
ووفقا لـ “رويترز”، ذكر هابيك في تصريحات، أن هناك احتمالا محدودا لتقديم مزيد من الإعانة للشركات والأشخاص المتضررين من نقص الغاز، محذرا من أنه لن يتسنى امتصاص جميع التداعيات.
ورفعت ألمانيا الخميس “مستوى الإنذار” في إطار خطتها الطارئة لتأمين إمدادات الغاز ردا على نقص الإمدادات الروسية، لكنها لم تسمح للمنشآت بتحميل العملاء أسعار الطاقة المرتفعة.
وهذا الإجراء أحدث تصعيد للأزمة بين أوروبا وموسكو منذ الحرب، الذي كشف عن اعتماد القارة على إمدادات الغاز الروسي وتسبب في بحث محموم عن مصادر طاقة بديلة.
وتعد هذه الخطوة إشارة رمزية إلى حد بعيد للشركات والأسر، لكنها تشكل تحولا رئيسا في سياسة ألمانيا التي تقيم علاقات قوية في مجال الطاقة مع موسكو منذ الحرب الباردة.
بدوره، حذر رئيس الوكالة الاتحادية للشبكات في ألمانيا، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم الخدمات الأساسية التي تشمل إمدادات الغاز، من أن روسيا قد تقدم على وقف تدفق إمدادات الغاز إلى ألمانيا بشكل تام.
وقال كلاوس مولر في تصريحات أمس، “إن الوكالة لا تستطيع أن تستبعد وقف الإمدادات الروسية، وهذا هو السبب وراء قرار وكالة الشبكات الاتحادية بوضع سيناريوهات متنوعة”.
وأوضح مولر أن “معظم هذه السيناريوهات ليست رائعة، وسينتج عنها وجود كميات ضئيلة من الغاز بنهاية الشتاء، أو خلال الخريف أو الشتاء بالفعل – وهو موقف صعب للغاية”.
وقامت روسيا بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة بخفض كميات الغاز المتدفق إلى ألمانيا من خط أنابيب “نورد ستريم 1” عبر بحر البلطيق، ما أثار حالة من القلق في ظل الإغلاق المقرر للخط لإجراء عمليات صيانة في 11 تموز (يوليو) المقبل، حيث غالبا ما يتم قطع إمدادات الغاز لعدة أيام. لكن القلق يساور كثيرين هذه المرة بشأن هل ستعاود روسيا ضخ الغاز مرة أخرى بعد إنجاز عمليات الصيانة.
وأعلنت الحكومة الألمانية، الخميس، “مرحلة الإنذار” في خطة الطوارئ المتعلقة بالغاز في أعقاب تراجع تدفق إمدادات الغاز من روسيا بشكل كبير، ودعا مولر المستهلكين إلى ترشيد استخدام الغاز حيثما كان ذلك ممكنا.
وأثار تراجع تدفقات الغاز المخاوف هذا الأسبوع من أن ألمانيا ربما تتعرض لركود إذا توقفت الإمدادات الروسية تماما.
وقال هابيك في بيان سابق “يجب ألا نخدع أنفسنا، خفض إمدادات الغاز يعد هجوما اقتصاديا علينا من جانب روسيا”.
وتابع “نأمل أن نتجنب تقنين الغاز، لكن ذلك ليس أمرا مستبعدا.. من الآن فصاعدا، الغاز سلعة نادرة في ألمانيا.. وبالتالي نحن مضطرون إلى تقليل استهلاك الغاز كوننا بالفعل في الصيف حاليا”.
ويعني “مستوى الإنذار”، وهو المرحلة الثانية من خطة الطوارئ المكونة من ثلاث مراحل، أن السلطات تري خطورة عالية في نقص الإمدادات على المدى الطويل. وتنص الخطة على بند يسمح للمنشآت بتحميل قطاع الصناعة والأسر الأسعار المرتفعة على الفور.
وأكد أن ألمانيا لم تصل بعد إلى هذه المرحلة، لكن يمكن العمل بهذا البند إذا شحت الإمدادات واستمر ارتفاع الأسعار.
وكان من المتوقع الانتقال إلى المرحلة الثانية حين خفضت شركة غازبروم الروسية تدفقات الغاز عبر خط الأنابيب “نورد ستريم2” إلى 40 في المائة فقط من طاقتها الأسبوع الماضي.
ولا تزال ألمانيا، التي تواجه خفضا في شحن الغاز من روسيا، في المرحلة الأولى من الخطة منذ أواخر آذار (مارس) التي تشمل مراقبة أشد صرامة للتدفقات اليومية وتركز على ملء منشآت تخزين الغاز.
وتنفي روسيا أن يكون خفض الإمدادات متعمدا. وقال الكرملين “إن روسيا تفي بدقة بجميع التزاماتها تجاه أوروبا”.
بدورها، تتخذ الشركتان الألمانيتان “بي إم دبليو” الألمانية للسيارات، و”باسف” الكيميائية خطوات بشأن استهلاكهما للغاز، ردا على تراجع الإمدادات من روسيا التي دفعت ألمانيا إلى تفعيل المرحلة الثانية من خطتها الطارئة، بحسب وكالة “بلومبيرغ” للأنباء.
وقالت باسف وهي أكبر شركة كيميائية في أوروبا التي تعتمد على الغاز للإنتاج والكهرباء في بيان أمس الأول، “إنها قد تخفض الإنتاج، حيث إنها تتوقع ارتفاع الأسعار أكثر نظرا لآن المرافق تشتري مزيدا”.
يشار إلى أن شركات الكهرباء ملزمة بتغطية العقود المبرمة مع المستهلكين.
وأضافت “بي إم دبليو” وهي أكبر شركة مصنعة للسيارات الفخمة في العالم، “إنها قد تتمكن من شراء الكهرباء من أطراف ثالثة بدلا من تشغيل محطات التي تعمل بنظام التوليد المشترك التي تعمل بالغاز، في خطوة للمساعدة على خفض الاستهلاك”.
وقالت شركة السيارات “إنها تدير المحطات التي تجمع بين التدفئة والطاقة في كثير من مواقعها وتبحث كيفية التحول إلى مصادر أخرى”. وتصاعد المأزق الأسبوع الماضي عقب خفض حاد في خط الغاز الرئيس لألمانيا، وتعريض احتياطيات الشتاء للخطر.[ads3]