يورونيوز : هجرة للعقول و استنزاف ” خطير ” للأدمغة في تركيا .. و السبب هو التضخم

التضخم الذي تشهده تركيا حالياً والذي بات يلامس حدّ الـ80 بالمائة في أعلى معدّل له منذ ربع قرن، يعد حديث الساعة في البلاد، بل والهاجس الذي بات يؤرق حياة غالبية الأتراك على اختلاف شرائحهم وفئاتهم، ما دفع الكثير منهم للبحث عن سبلٍ يحافظون من خلالها على مستوىً معيشي معيّن لأسرهم وسط انفلات شبح ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

والهجرة إلى الخارج بقصد العمل هي إحدى تلك السبل، لكنّ هذا السبيل ليس مسيّجاً بالورود لجميع الراغبين فيه، وإنما لفئات بعينها، وأبرزها فئة العاملين في الحقل العلمي والإبداعي، أي أن الحديث هنا هو عن هجرة الأدمغة.

تقول الجمعية الطبية التركية، إن العاملين في قطاع الصحة، أخذوا يغادرون تركيا على أمل العثور على عملٍ يؤمّنون من خلاله حياة أفضل من تلك التي يعيشونها حالياً في بلادهم حيث التضخم يرتفع باضطراد.

مئات الأطباء تركوا وظائفهم في تركيا وأخذوا يبحثون عن فرص عمل خارج البلاد، ويؤكد طبيب التخدير في إحدى المشافي الجامعية، تحسين سينار، على أن كثيراً من الأطباء في تركيا باتوا يوماً بعد يوم يقتربون أكثر من خط الفقر.

يقول الدكتور تحسين سينار: إن “واحداً من بين أربعة من أصدقائي الأطباء المقيمين يتّبعون حالياً دورات تعلم لإحدى اللغات الأجنبية الرئيسة، وخاصة اللغة الألمانية، وهؤلاء يكملون إقامتهم التأهيلية هنا ثم يغادرون إلى ألمانيا كأطباء متخصصين”.

ويضيف الدكتور سينار قائلاً: “ثمّة هجّرة للعقول واستنزافٌ خطير للأدمغة، لكنني لا ألقي باللائمة على أصدقائي، ذلك أن المهنة هنا لم يعد لها قيمة حقيقية”، في إشارة منه إلى أنها لم تعد تدّر على الطبيب ما يضمن له حياة كريمة، ولو بالحدود الدنيا.

وفي شهر آذار/مارس الماضين قال الرئيس رجب طيب أردوغان عن هجرة الأطباء: “إذا أرادوا المغادرة، دعوهم يذهبون، أنا اتكلم بصراحة، سنقوم بتوظيف أطبائنا الذين تخرجوا للتو من الجامعات”، لكنّه في وقت لاحق، خفف من نبرته، معرباً عن اعتقاده أن الأطباء الذين غادروا إلى الخارج سيعودون قريباً إلى بلادهم التي تعدهم بـ “مستقبل مشرق” على حد تعبيره.

يقول الباحث والخبير الاقتصادي في جامعة اسطنبول، أنيس أوزكان: “يمكننا القول إن التضخم مرتبط فعلياً بهجرة الأدمغة، بالطبع، قبل التركيز على مسألة التضخم، يتوجّب علينا التركيز أكثر أسباب التضخم”، مشدداً على أن “السبب الرئيس وراء إحداث هذا التضخم هو الواقع السياسي والاقتصادي السيء لتركيا”، على حد وصفه.

وتشهد تركيا حالياً أزمة معيشية متفاقمة في ظل الغلاء وانخفاض قيمة الليرة، تظهر بيانات معهد الإحصاء التركي أن أسعار المستهلكين ارتفعت 4.95 بالمائة، على أساس شهري.

وعلى خلافِ النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، يرى إردوغان أنّ ارتفاع أسعار الفائدة يعزّز التضخم، فعمد بدءاً من شهر أيلول/سبتمبر الماضي إلى خفض أسعار الفائدة من 19 بالمائة إلى 14 بالمائة، وفي شهر نيسان/أبريل الماضي أبقى على أسعار الفائدة ثابتاً للشهر الرابع على التوالي، وذلك على الرغم من ارتفاع التضخم. (euronews)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها