هل تنجح خطة الاتحاد الأوروبي بخفض استهلاك الغاز الروسي ؟
طلبت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، من الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خفض الطلب على الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة في الأشهر الثمانية المقبلة لتقليص الإمدادات الروسية، ويدرس التكتل إجراء تخفيضات إلزامية في حال الضرورة، عبر الحدّ من تدفئة بعض المباني وتأجيل إغلاق محطّات الطاقة النووية وتشجيع الشركات على تقليل احتياجاتها.
وكانت شركة غازبروم الروسية قد أُوقفت العمل بخط أنابيب غاز نورد ستريم الذي يمر عبره ثلث شحنات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، في 11 تموز/يوليو، “للصيانة الروتينية” التي تنتهي الخميس. في ظل خوف من تمديد الفترة خاصة بعد تخفيض موسكو ضخّ كمية الغاز عبر خط الأنابيب المذكور بنسبة 60 في المئة في الأسابيع الماضية.
تقنين استخدام الغاز بحوالي 15 بالمئة وتفعيل آلية للانذار
وتحسبا لفصل الشتاء، أعدّت المفوضية الأوروبية مجموعة من الإجراءات التي ستُمكّن دول الاتحاد الأوروبي ال27 من مواجهة انقطاع محتمل للإمدادات الروسية التي شكّلت حتى العام الماضي 40 في المئة من وارداتها.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين “روسيا تستخدم الغاز كسلاح. في حال الانقطاع التام، يجب أن تكون أوروبا جاهزة”.
وتنص الخطة التي لا تزال بحاجة إلى مناقشة الدول الأعضاء، على أنه سيتعيّن على كل دولة “بذل كل ما في وسعها” لتقليل استهلاكها من الغاز، بين آب/أغسطس 2022 وآذار/مارس 2023، بنسبة 15 في المئة على الأقل مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية في الفترة نفسها. وسيتعيّن على الدول تقديم تفاصيل خريطة طريق بحلول نهاية أيلول/سبتمبر لتحقيق ذلك.
وتسعى بروكسل إلى تفعيل آلية إنذار للدول السبع والعشرين، تجعل من الممكن تحديد “أهداف ملزمة لخفض الطلب”، في حال وجود “خطر كبير متمثّل في نقصٍ خطير أو ارتفاع استثنائي في الطلب”.
وكانت المفوضية الأوروبية قد قدّمت في الربيع الماضي استراتيجية للتحرّر من المحروقات الروسية، عبر فرض حدّ أدنى لملء مخزون الغاز وتنويع المورّدين وتطوير الطاقات المتجدّدة.
خفض منظّم الحرارة لدرجة واحدة هذا الشتاء
يتخوّف الأوروبيون من مواجهة فصل شتاء صعب على الرغم من زيادة الواردات من النرويج وأذربيجان والجزائر، ومضاعفة شحنات الغاز الطبيعي الأمريكي المسال بمعدّل ثلاث مرات منذ آذار/مارس الفارط.
وقدّرت فون در لايين إمكانية خفض الاستهلاك السنوي للغاز في الاتحاد الأوروبي بنحو 45 مليار متر مكعب، منها حوالي 11 مليار متر مكعب عبر تقليل التدفئة أو تكييف الهواء في المباني. وكانت روسيا قد ورّدت في العام 2020 حوالي 153 مليار متر مكعب إلى الدول السبع والعشرين.
وتطلب بروكسل من الدول اعتماد إجراءات ملزمة لخفض التدفئة وتكييف الهواء في المباني العامة والتجارية، “حيث يكون ذلك ممكناً من الناحية الفنية”.
قال صندوق النقد الدولي، الثلاثاء إن تنويع مصادر الغاز والسماح له بالتدفق بحرية داخل التكتل في حال إغلاق الغاز الروسي سيخفف من الخسائر الاقتصادية، لكن يختلف هذا السيناريو بحسب الدولة: إذ تتأثر المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وإيطاليا بشكل أكبر وخاصة الصناعة.
وتشجّع على استخدام مصادر بديلة للتدفئة في المدن. وتوصي بحملات إعلامية لحث الأسر على خفض منظّم للحرارة بدرجة واحدة هذا الشتاء، ممّا سيوفّر “ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعّب من الغاز سنوياً”.
فيما تستهلك الأسر، ومصالح الخدمات الاجتماعية، والمستشفيات، والشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يتم ضمان التوريد إليها أقل من 37 في المئة من إجمالي استهلاك الغاز. لذا، تستهدف المفوضية استهلاك محطّات إنتاج الكهرباء والصناعات والشركات التي تُعتبر “غير أساسية”وتضم صناعات السيراميك والزجاج والكيماويات، ولكن في بعض البلديات مثل ميونيخ تشمل المخابز المحلية أيضا.
وحذرت منظمة أصحاب العمل الأوروبية “بيزنيس يوروب” من أنّ خفض الإنتاج المفروض على الشركات قد تكون له “آثار اقتصادية كارثية وتأثيرٌ لا رجعة فيه في كثير من الأحيان”، مضيفة أنه يجب أن “يبقى (خفض الإنتاج) الملاذ الأخير”.
“الانتقال إلى الطاقة النووية لفترة مؤقتة”
وتقول بروكسل أنه “يجب إعطاء الأولوية للطاقة المتجدّدة”، فهي تشير في خطّتها إلى أن “الانتقال إلى الفحم أو النفط أو الطاقة النووية قد يكون ضرورياً لفترة مؤقتة”. ومن أجل ذلك، تطلب من الدول الراغبة في التخلّي عن الطاقة النووية المدنية تأجيل مشاريعها القاضية بإغلاق المحطات النووية.
وبالنسبة للصناعات، تشير الخطة إلى وجود حلول بديلة، كما تقترح تقديم “تعويضات” للشركات مقابل خفض الاستهلاك.
وبالنسبة للقطاعات التي ليست لديها فسحة كافية للاستغناء عن الغاز، تعتبر المفوضية الأوروبية أن خفض الطلب تدريجياً بدلاً من انتظار انقطاع مفاجئ، سيكون “أقل تكلفة بكثير”.
ويتمثّل هدف المفوضية في تجنّب إغلاق المصانع وفقدان الآلات التي قد تتعطّل بسبب التوقّف التام. كما أنها تريد الحفاظ على إنتاج السلع الأساسية (المواد الكيميائية والأدوية وما إلى ذلك).
ومن المتوقع أن تُصادق الدول السبع والعشرون الأعضاء في التكتل على خطة المفوضية في اجتماع لوزراء الطاقة الأوروبيين في 26 تموز/يوليو في بروكسل.[ads3]