ألمانيا : تمديد الاعتماد على النووي لم يعد مستبعداً
أعاد خفض شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا مسألة الطاقة النووية إلى طاولة النقاش. وفي الوقت الذي تسعى البلاد إلى التخلّي عن هذه الطاقة، يبدو أن تمديد الاعتماد عليها لم يَعُد مستبعداً. وأعلنت الحكومة الألمانية، الاثنين، أنّها ستقرر «في الأسابيع المقبلة» إمكان تمديد العمل في المحطّات النووية الأخيرة الموجودة في البلاد، التي كان من المقرّر وقفها في نهاية العام الحالي.
وأفاد الناطق باسمها أنها تنتظر نتيجة «اختبار التحمّلٍ الجاري حالياً» لمعرفة مستوى السلامة في هذه المحطّات، ولتتمكّن من تحديد موقفها النهائي بناء عليه. وإذا قررت البلاد تمديد عمر محطات الطاقة الثلاث المتبقية، سيشكل ذلك تحولاً من حيث الطاقة مع تداعيات سياسية كُبرى.
وقبل أسابيع قليلة، أعلنت برلين أن ألمانيا ستلجأ إلى الفحم الذي كان من المقرر أن يتمّ التخلص منه عام 2030، للتعويض عن تراجع صادرات الغاز الروسي. جاء هذا بعدما خلُص الاختبار الأول في مارس إلى أنّ محطات الطاقة النووية الثلاث التي لا تزال تعمل في ألمانيا لم تكن ضرورية لضمان أمن الطاقة في أكبر اقتصاد أوروبي. وتنتج هذه المحطات حالياً 6% من صافي إنتاج الكهرباء في ألمانيا.
كانت المستشارة المحافظة السابقة أنغيلا ميركل هي التي ألزمت ألمانيا التخلّص التدريجي من الطاقة النووية، تحت ضغط الرأي العام بعد كارثة فوكوشيما في 2011، لكن منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ساء الوضع في البلاد على مستوى الطاقة خصوصاً. ودفع ارتفاع أسعار الطاقة والخشية من نقص الغاز الروسي فريق ميركل السياسي إلى إعادة النظر في محرّمات الطاقة النووية، وصار يطالب ببقاء محطّات الطاقة الأخيرة قيد الاستعمال لفترة أطول من المخطّط لها.
وقال فريدريتش ميرتس رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي (الحزب الذي تنتمي إليه ميركل) نهاية الأسبوع الماضي «أولئك الذين قرّروا البقاء في مجال الطاقة النووية» مثل فرنسا، «ليسوا بالضرورة أكثر غباءً» من الألمان. ويتصاعد الضغط ضمن إطار الائتلاف الحكومي نفسه، خصوصاً من الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي.
وقال مايكل كروسه المسؤول في الحزب لـ«بيلد» «يجب تمديد عمر المحطات النووية إلى ربيع 2024. إنها الفترة التي قد نواجه خلالها نقصاً في الطاقة». حتى على مستوى حزب الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين، باتت التعليقات حول الطاقة النووية أقل تشدّداً.
أعلنت نائبة رئيس البوندستاغ (البرلمان) كاترين غورينغ إيكارت، العضو في حزب الخضر، التي تتمتّع بنفوذ قوي، أن فكرة إطالة عمر محطّات الطاقة النووية التي لا تزال في الخدمة، ستظلّ خياراً في حال حدوث حالة طوارئ حقيقية، وأشارت إلى أن بعض المؤسسات المهمّة، مثل المستشفيات ستواجه صعوبات في العمل حال عدم اللجوء إلى هذا الخيار.
ولمّح ممثلو الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر في ميونيخ وساكسونيا السفلى إلى هذا الاحتمال أيضاً، رغم أنّ هاتين المدينتين تضمّان المحطتين النوويتين «إيسار 2» و«أمسلاند». أمّا الثالثة «نيكارفيستهايم 2» فموجودة في بادي-فورتمبورغ. حتى وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك التي تنتمي إلى حزب الخضر، اعتبرت أن «حالة الطوارئ» التي تواجهها ألمانيا تقتضي «التفكير في حلول».
وبخلافها، قالت زميلتها وزيرة المناخ فرانتسيسكا برانتنر من حزب الخضر، إنه من أجل اتخاذ قرارها، «ستأخذ برلين في الاعتبار الوضع الصعب الذي تجد فرنسا نفسها فيه، لأن عدداً كبيراً جداً من محطات الطاقة النووية لا يعمل» بسبب مشكلات تقنية. (AFP)[ads3]