الثأر يحفز سيدات ألمانيا أمام إنكلترا في نهائي بطولة أوروبا
ترى وسائل الإعلام الألمانية أن منتخب كرة القدم للسيدات، وعلى رأسه القائدة ألكسندرا بوب، والذي يخوض نهائي كأس أمم أوروبا أمام نظيره الإنجليزي على ملعب ويمبلي الأسطوري، في طريقه للثأر من الهزيمة التي تعرض لها رجال ألمانيا في نهائي مونديال 1966 على الملعب ذاته. وكتبت صحيفة بيلد الألمانية أنه “بعد 56 عاما، ألمانيا أمام فرصة للثأر من الخسارة 2 – 4 في نهائي 1966”. وحسب الصحيفة من المتوقع أن يكون هناك 3 آلاف ألماني من بين 90 ألف مشجع منتظر حضورهم في نهائي الأحد.
وأدى فوز منتخب ألمانيا للسيدات في نصف النهائي على فرنسا بهدفين، أحرزتهما بوب مقابل هدف للفرنسيات، إلى إطلاق العنان لتوقعات مباراة الأحد، على الرغم من حقيقة أن إنجلترا هي المرشح الأوفر حظا، فضلا عن كونها البلد المضيف. وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الألمان ما زالوا يتذكرون نهائي مونديال 1966 هذه الأيام، وعلاوة على ذلك بسبب وفاة أوفه زيلر أحد عظماء كرة القدم الألمانية والذي شارك في الخسارة أمام إنجلترا في النهائي المثير للجدل.
وكان المنتخب الألماني قد تقدم مبكرا في نهائي 1966 عبر هيلمت هلر، قبل أن تتعادل إنجلترا بواسطة جيوف هيرست، ويقلب اللاعب مارتن بيترز الطاولة لصالح المنتخب المضيف بتسجيله الهدف الثاني قبل النهاية بـ12 دقيقة. لكن ألمانيا تعادلت قبل نهاية المباراة عبر ولفغانغ ويبر. واحتكم المنتخبان إلى الأشواط الإضافية، وسجلت إنجلترا الهدف الثالث بواسطة هيرست بعد أن ارتطمت الكرة بالعارضة ونزلت على خط المرمى، ليحتسبها الحكم هدفا، رغم اعتراض الألمان الذين رأوا أن الكرة لم تتجاوز الخط، ويبقى هذا الهدف مثيرا للجدل حتى اللحظة.
وخفف زيلر، الذي توفي قبل أيام قليلة عن عمر يناهز 85 عاما، الصدمة الألمانية بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ، وتحديدا في مونديال المكسيك، من خلال المساهمة بأحد الأهداف الثلاثة التي تسببت في إقصاء إنجلترا من الدور ربع النهائي بعد هزيمتها بنتيجة (3 – 2). وانتشرت التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي حول نهائي ويمبلي 1966، مذكّرة بأنه على الأقل هذه المرة ستكون تقنية الفيديو المساعد متاحة لحسم الأهداف المشكوك في صحتها.
أعلن الاتحاد الألماني عن وجود اهتمام هائل يصل إلى مستويات قياسية ببطولة أمم أوروبا للسيدات، وذلك قبل المباراة النهائية بين المنتخب الألماني ونظيره الإنجليزي صاحب الضيافة. وذكر الاتحاد الألماني في بيان أن المتابعة التلفزيونية لمباريات المنتخب تضاعفت، حيث شهدت المباراة الأولى لألمانيا في دور المجموعات أمام الدنمارك متابعة 5.95 مليون مشجع، بينما تابع مباراة المنتخب أمام فرنسا نحو 12.18 مليون مشجع. وجرت إتاحة بث جميع المباريات بالمجان على قناتي “أي.آر.دي” و”زد.دي.إف”.
وأوضح الاتحاد أن قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة به شهدت إقبالا كبيرا، حيث سجل حساب منتخب السيدات على إنستغرام زيادة بنسبة 67 في المئة في عدد المتابعين، كما أن القناة التي أطلقها الاتحاد الألماني على تيك توك سجلت نموا بنسبة 122 في المئة. وكان الاهتمام الهائل واضحا من خلال استطلاع أجراه معهد “يوجوف” لقياس الرأي، ونشرت نتائجه الجمعة، حيث أكد 48 في المئة من 2931 شخصا شملهم الاستطلاع أنهم سيتابعون المباراة النهائية، علما بأن النسبة كانت 36 في المئة قبل دور الثمانية، و40 في المئة قبل مباراة الدور قبل النهائي. أما عن نتيجة المباراة النهائية المقررة على ملعب ويمبلي يرى 58 في المئة أن المنتخب الألماني سيحقق الفوز ليعزز رقمه القياسي بالتتويج بالبطولة للمرة التاسعة بينما يتوقع 11 في المئة فوز إنجلترا، وامتنع 31 في المئة عن الإجابة.
وبلغ إجمالي عدد المشاهدين الذين تابعوا مباريات البطولة من المدرجات أكثر من ضعف الرقم القياسي الذي حققته نسخة البطولة الماضية التي جرت عام 2017. وبعد انتهاء مباراتي الدور قبل النهائي في النسخة الحالية للمسابقة القارية وصل مجموع الجماهير الذين حضروا البطولة داخل الملاعب 487683 متفرجا، وهو ما يزيد كثيرا عن عدد المشجعين الذين حضروا النسخة السابقة التي أقيمت في هولندا قبل 5 أعوام وشهدت تواجد 240055 متفرجا.
وتعج الملاعب في إنجلترا بالمشجعين المتحمسين لمشاهدة مباريات نجمات كرة القدم للسيدات على المسرح الكبير، وتم تحطيم العديد من الأرقام القياسية المتعلقة بالحضور الجماهيري. ومن المتوقع أن تشهد المباراة تحطيم رقم قياسي آخر في ما يتعلق بالحضور الجماهيري لمباريات الأمم الأوروبية للسيدات أو حتى الرجال، في ظل القدرة الاستيعابية الضخمة لملعب ويمبلي الذي يستضيف اللقاء، والتي تبلغ 87 ألف متفرج.
ويبلغ أعلى حضور جماهيري لمباريات كأس الأمم الأوروبية النهائية 79115 متفرجا في نهائي البطولة القارية للرجال عام 1964 بين منتخبي إسبانيا (المضيف) والاتحاد السوفييتي على ملعب سانتياغو برنابيو في العاصمة مدريد. وشهدت النسخة الحالية للبطولة رقما قياسيا لأعلى حضور جماهيري في إحدى مباريات أمم أوروبا للسيدات، عندما شاهد 68871 متفرجا فوز منتخب إنجلترا 1 – 0 على المنتخب النمساوي في لقائهما الذي جرى بمرحلة المجموعات على ملعب أولد ترافورد، معقل فريق مانشستر يونايتد.
وذكر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) “كان ما يقرب من 100 ألف طفل جزءا من هذا الحضور الذي حطم الرقم القياسي، بينما كان 47 في المئة من جميع المشجعين في الملاعب من الإناث، مع توقع وجود جمهور مشابه للنهائي”. وأضاف يويفا “تميزت البطولة باستمتاع الجماهير بهذه الأجواء العائلية، ويمكن توقع نفس الضجة والإثارة للمباراة النهائية، والتي من المقرر أن ترسي معيارا رئيسيا آخر”.
ويعتزم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم اتخاذ إجراءات أمنية صارمة لضمان خروج نهائي بطولة كأس أمم أوروبا للسيدات دون أي اضطرابات. وذكرت وكالة الأنباء البريطانية “بي.أي ميديا” أن ملعب ويمبلي في لندن سيمتلئ عن آخره في مواجهة إنجلترا وألمانيا، حيث يسعى الفريق الإنجليزي لتحقيق لقبه الأول في البطولات الكبرى، في مواجهة الفريق الفائز باللقب 8 مرات. وشهدت المباراة النهائية لأمم أوروبا للرجال العام الماضي بين إنجلترا وإيطاليا الكثير من أعمال الشغب والعنف، فيما اقتحم المئات ممن ليس لديهم تذاكر ملعب “ويمبلي” لحضور المباراة.
وستجذب مباراة نهائي السيدات فئة مختلفة من الجماهير، حيث يحضر الآلاف من العائلات والأطفال، وهي إحدى السمات المميزة للبطولة. ويحاول المسؤولون في ويمبلي اتخاذ إجراءات تضمن استمتاع الجماهير بتجربة آمنة ولا تنسى في الملعب العريق. وسيشهد الطريق الأولمبي تواجدا شرطيا وأمنيا كبيرا على طوله، وبدورها ستصبح منطقة لا يسمح فيها بتناول المشروبات الكحولية، مع وجود أمني معزز ورادع لمنع أي شخص لا يملك تذكرة الدخول من الاقتراب من الملعب. وقال متحدث باسم ويمبلي “سلامة وأمن الجماهير في ملعب ويمبلي لهما أهمية قصوى، ولدينا إجراءات صارمة للغاية قبل وبعد وأثناء المباراة داخل الملعب”. وأضاف “تقييم متطلبات الأمن والسلامة في ملعب ويمبلي يكون لكل مناسبة على حدة”.
على الرغم من الإصابة التي تعافت منها للتو، خطت قائدة المنتخب الألماني ألكسندرا بوب أو “ألكس” كما تلقب، الأضواء وسطع نجمها خلال بطولة أوروبا لكرة القدم للسيدات في نسختها الحالية. إذ تمكنت المهاجمة الألمانية من التسجيل في كل مباراة حتى الآن وهو رقم قياسي في البطولة. ولم تردع النتيجة الإيجابية لاختبار كورونا الشهر الماضي بوب من مواصلة التدريب. وقد فازت ألمانيا بطلة أوروبا ثماني مرات، على فرنسا 2 – 1 في نصف نهائي البطولة، وقد افتتحت بوب التسجيل في الشوط الأول وأضافت هدف الفوز في الشوط الثاني لتحجز مكانا في النهائي أمام إنجلترا صاحبة الأرض في ستاد ويمبلي الأحد المقبل.
وبعد المباراة عبرت بوب عن فرحتها بالفوز وقالت للصحافيين “يجب أن أعترف أنني كنت أكثر عاطفية مما كنت عليه في السابق لأنني أعرف كيف وصلت إلى هذه المرحلة. وجودي هنا وإتاحة الفرصة للأداء بلياقة مكتملة في هذه المرحلة يجعلني فخورة للغاية”.
وتابعت “لكن عليّ أيضا أن أتقدم بالشكر الكبير لكل من ساعدني، الطاقم الطبي في فريقي والمدربين في النادي وهنا، ظلوا يثقون في قدراتي ومنحوني الفرصة لأكون هنا. لقد أصبحت خطيرة للغاية الآن كما كنت في الماضي. لم يكن الأمر كذلك لفترة طويلة لأنني تعرضت للإصابة”. وأهدرت بوب فرصة الفوز باللقب مع ألمانيا في 2013 عندما لعبت رغم إصابتها في أربطة الكاحل لمساعدة فولفسبورغ على الفوز بالثلاثية في موسم 2012 – 2013، مما أدى إلى غيابها عن بطولة أوروبا نتيجة لذلك.
وأصيبت في ركبتها عام 2017 لتغيب عن بطولة أوروبا مرة أخرى وإصابة أخرى العام الماضي كانت ستعني نسخة ثالثة لبطولة أوروبا بدون بوب في حال عدم تأجيل البطولة بسبب جائحة كوفيد – 19. ولم يردع اختبار كوفيد إيجابي الشهر الماضي المهاجمة لأنها وضعت كل مشاكلها وراءها للتسجيل في كل مباراة حتى الآن، وهو رقم قياسي في البطولة. وتخوض بوب (31 عاما) أول بطولة أوروبية لها، وقد تألقت وسجلت تقريبا نصف أهداف ألمانيا في النسخة الحالية، بينما سجلت باقي زميلاتها سبعة أهداف.
ولدت ألكسندرا بوب في السادس من أبريل عام1991 في مدينة فيتن الألمانية بولاية شمال الراين ويستفاليا. لديها أخ أصغر يدعى دينيس. منذ أن كانت طفلة صغيرة، أبدت حماسها لكرة القدم وكانت تنافس الذكور في مدرسة النخبة في الاتحاد الألماني لكرة القدم بمدينة غيلزنكيرشن.
هذه التجارب في حياة لاعبة كرة القدم ساهمت في تكوين روحها القتالية وتقوية إرادتها لتحقيق الفوز. كما تمتلك ألكسندرا بوب بنية ومقومات جسدية وضعتها في صفوف لاعبات كرة القدم المحترفات، إذ يبلغ طولها 1.74 مترا ووزنها حوالي 75 كيلوغراما وتعتمد في اللعب على القدم اليسرى بشكل أكبر.
تلعب بوب في نادي فولفسبورغ للسيدات منذ عام 2012. حصلت على لقب أفضل لاعبة كرة قدم في موسمي 2013 – 2014 و2014 – 2015، وفازت بالعديد من البطولات وكذلك بلقب دوري الأبطال ثلاث مرات. وتقدر القيمة السوقية للاعبة الألمانية حاليا بـ140 ألف يورو، غير أن متوسط الدخل السنوي للاعبة في الدوري الألماني قد يصل إلى نحو 40 ألف يورو مقارنة بالرجال. وعن ذلك صرحت بوب “أنا شخصيا أستطيع التعايش مع ذلك، لكن لست متوقفة مدى الحياة على كرة القدم”. وتعيش بوب في فولفسبورغ مع شريك حياتها باتريك، الذي يساندها عن طريق حضوره في الملعب وتشجيعها. وهي تريد أن تصبح أما ولا تريد الانتظار أكثر، إذ عبرت في مقابلة مع المجلة الرياضية الألمانية “كيكر” عن رغبتها في “تكوين أسرة وإنجاب طفل” ووصفت ذلك بـ”الخطة القريبة” القادمة.[ads3]