اكتشاف تماثيل خصوبة قديمة في ينابيع ساخنة ” مقدسة ” بإيطاليا

تُعتبر قرية “سان كاسيانو دي باجني” في إقليم توسكانا من أفضل وجهات الينابيع الساخنة في إيطاليا.

وتقع مرافق القرية الحديثة على بُعد أمتار قليلة من موقع قديم يُمثّل محور عمليات تنقيبية حاليًا.

وهذه الحمامات الحرارية عبارة عن شبكة من البرك المقدسة التي بناها شعب إتروسكان الذين سبقوا الإيطاليين في وقتٍ مبكّر من القرن الرابع قبل الميلاد، ثم جعلها الرومان القدماء أكثر فخامة خلال حقبة كانت فيها الصحة والإيمان متشابكان بعمق.

وفي الأسبوع الماضي، اكتشف علماء الآثار في الموقع كنزًا من القطع الأثريّة، والآثار، ما يُسلّط الضوء على العلاقة الحميمة التي كانت تربط الحضارات الإيطالية السّابقة بالأصول العلاجيّة الإلهيّة لمياه الينابيع الساخنة.

وبحسب ما اوردت شبكة “سي إن إن”، اكتُشفت عناصر نادرة يُعتقد أنها استخدمت كقرابين نذرية للآلهة، بما في ذلك تماثيل الخصوبة المزعومة استُخرجت من الطين في الموقع، كما استُخرجت 3 آلاف قطعة نقدية قديمة.

في القرن الثاني الميلادي، قام الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس كاروس بإلقاء العملات المعدنية في الحمامات لتكريم الآلهة الذين يحرسون صحته، وصحّة جميع الرومان الذين يسافرون إلى”سان كاسيانو” سعيًا للعلاج الحراري.

وقال عالم الآثار، والمدير العلمي لمشروع التنقيب، وأستاذ الدراسات الأترورية بجامعة الأجانب في سيينا، جاكوبو تابولي: “ما يجعل هذا الموقع فريدًا في البحر الأبيض المتوسط ​​بأكمله هو حالة الحفظ الاستثنائية، و (الدليل) الذي يوفّره لكيفية اعتبار الممارسات المتعلّقة بالمياه الساخنة الطبيّة شفائيّة في ظل الحماية الإلهية”.

وعملت الحمامات الحراريّة القديمة في “سان كاسيانو” كعيادة مستشفى، حيث سعى الزوّار للحصول على الرّاحة من مشاكل في الجهاز التنفسي، أو آلام العظام.

وبالنسبة للكثيرين، خفّفت السباحة في الماء من آلامهم، ولذلك كانوا يلقون القرابين للآلهة في البرك بعد الاستحمام تقديرًا لها.

وتضمّنت القرابين فروع الأشجار، ومخاريط الصنوبر المعطّرة، وفواكه مثل الخوخ، والتي اكتُشفت في حالة حفظ جيّدة بفضل طبقات الطين في الموقع.

واكتُشفت العديد من الآثار البرونزية المنحوتة على شكل أرجل، وأذرع، وآذان مصغّرة.

وتُركت هذه القطع لشكر الآلهة على شفاء أجزاء معيّنة من أجساد المرضى، أو للفت الانتباه إلى صلوات البشر المتألمين.

وخلال العصور الأترورية والرومانية، كانت القرابين النذرية التي تأتي على شكل رحم تُصنع من الطين عادةً.

وقال تابولي إن القطعة البرونزية التي عُثر عليها في “سان كاسيانو”، والتي كان من الممكن أن تكون مكلّفة للغاية، هي الأولى من نوعها، كما أنها بمثابة دليل على مدى أهمية هذا الموقع الحراري.

وتضمّنت الطقوس الصحيّة التي أُجريت في الحمامات الحرارية تلك المرتبطة بالحمل والولادة على وجه التحديد.

ودفع تمثال لطفلٍ عارٍ علماء الآثار إلى الاعتقاد بأن النساء قديمًا قمن بزيارة “سان كاسيانو” أثناء حملهن، وبعد الولادة على أمل حماية صحّة أطفالهن.

وأشار تابولي إلى أن العدد الكبير للعملات المعدنية البرونزيّة، والفضيّة، والمصنوعة من الأوريكالكوم، وهو معدن ثمين اعتقد الرومان أنه يتمتّع بقوى غامضة، التي تم العثور عليها في الحمامات اكتشاف غير عادي أيضًا.

ويُعد الاكتشاف أكبر مجموعة من العملات القديمة المرتبطة بالينابيع الساخنة في البحر الأبيض المتوسط​​، وهي فريدة أيضًا لحالة حفظها المثالية.

واحتفظت العملات المعدنية بألوانها الأصلية بفضل الخصائص الكيميائية للماء، وتغطيتها بالطين، ما منع الأكسدة.

وقريبًا، سيعرِض متحف جديد في القرية العجائب التي تم العثور عليها.

وتعتقد السلطات المحليّة والخبراء أن المنتجع الصحي لا يزال يحتفظ بالمزيد من الكنوز التي تنتظر من يكتشفها.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها