الروس منقسمون إزاء إرث غورباتشوف .. و هذا ما قالوه عنه

ينقسم الروس في نظرتهم إلى ميخائيل غورباتشيف، آخر زعماء الاتحاد السوفياتي السابق، والذي تولى السلطة بين عامي 1985 و1991، ففي حين يرى البعض أنه أطلق العنان لرياح التغيير في روسيا، يعتبر البعض الآخر أنه لم يجلب معه سوى المرارة والنكبات الاقتصادية.

لكن على الرغم من الإرث المثير للجدل الذي خلفه، يتوافق الروس على أن غورباتشيف، الذي توفي عن عمر ناهز 91 عاماً، كان شخصية محورية في تاريخ البلاد.

بعض الروس يحمّل الزعيم، الذي تنحى في الأيام الأخيرة قبيل انهيار الاتحاد السوفياتي، مسؤولية هذا الانهيار.

فلاديمير زافكوف، المتقاعد البالغ 70 عاماً، هو أحد هؤلاء، ولم يحتج خلال حديثه إلى وكالة فرانس برس في وسط موسكو لتزيين كلماته، واصفاً غورباتشيف بـ “الخائن”.

وقال زافكوف: “بالنسبة إليّ هو نوعاً ما سياسي أميّ، ترك بلداً عظيماً كهذا ينهار. وأي شيء جيد قد يكون فعله تم شطبه بسبب ذلك”.

أما ناديجدا أليكسينا، مصممة الغرافيكس التي تسكن في موسكو، فقد كانت أقل قسوة، لكنها اعترفت بأن شخصية غورباتشيف “مثيرة للجدل”.

وقالت ألكسينا، وهي في الثلاثينات: “بالنسبة إلى روسيا، أعتقد أنه كان شخصية مهمة حقا. وبفضله ظهرت روسيا. لذا أعتقد أنه خسارة كبيرة لكثيرين”.

وحل بوريس يلتسين مكان غورباتشيف في السلطة، ليصبح أول رئيس لروسيا الحديثة.

وتميز عهده بانتقال روسيا إلى اقتصاد السوق الذي ترافق مع تضخم متسارع ونقص في المواد الغذائية خلال التسعينات، وهي الحقبة التي يتذكرها الكثير من الروس بمرارة اليوم.

ويعتقد البعض أنه لولا انهيار الاتحاد السوفياتي لما كان عليهم أن يختبروا كل هذه المصاعب الاقتصادية.

قالت تاتيانا سيلاييفا، المتقاعدة البالغة 67 عاما: “ربما لم نكن أغنياء حينها، لكن حصولنا على وظائف كان مضمونا”.

وأضافت أن نظرتها إلى غورباتشيف “سلبية للغاية”، معتبرة أنه “قدم خدمة جليلة إلى الولايات المتحدة، فقد ترك بلدنا ينهار. وبالنسبة إلينا، تبين أنه خائن تماما”.

يعود الفضل إلى غورباتشيف في نزع فتيل التوتر بين موسكو وواشنطن خلال حقبة الحرب الباردة، ما أكسبه الاحترام في الغرب.

وعام 1990 نال جائزة نوبل للسلام لتفاوضه مع الرئيس الأمريكي حينها رونالد ريغان حول اتفاقية تاريخية للحد من الأسلحة النووية.

وكتب ديمتري موراتوف، رئيس تحرير صحيفة “نوفايا غازيتا”، في رثائه: “قدم لبلادنا وللعالم هدية رائعة، لقد منحنا 30 عاما من السلام بدون تهديد باندلاع حرب عالمية ونووية”.

وخلال ولايته دافع غورباتشيف عن الحرية والتغيير، وخصص جزءاً من قيمة جائزة نوبل المالية التي حصل عليها للمساهمة في تأسيس صحيفة “نوفايا غازيتا” المستقلة التي تصدر منذ أكثر من عقدين.

لكن “نوفايا غازيتا” علقت صدورها أواخر آذار/مارس بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والتضييق الذي واجهته وسائل الإعلام في روسيا.

ويُنظر إلى الضغوط التي تمارس على وسائل الإعلام خلال أكثر من 20 عاما على تولي الرئيس فلاديمير بوتين السلطة على أنها تراجع عن إرث غورباتشيف.

ومع ذلك، بالنسبة لسفيتلانا غانوشكينا، الناشطة الحقوقية البارزة في فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، فإنه لا يمكن التقليل من قيمة الإصلاحات التي بدأها غورباتشيف.

وقالت الناشطة الثمانينية لوكالة فرانس برس: “الأشخاص الذين يظهرون عداء اليوم هم أناس يريدون العودة إلى النظام السوفياتي. هؤلاء أناس كانوا عبيدا ويريدون الحفاظ على هذا الوضع”.

وأضافت: “هم لا يريدون تقدير من أعطاهم الحرية. وغورباتشيف هو من منحنا الحرية”. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها