ألمانيا تريد إصلاح الاتحاد الأوروبي بإلغاء السيادة الوطنية لأعضائه

خلال حديثه في مؤتمر بجامعة تشارلز، في براغ، قبل أيام، حدد المستشار الألماني، أولاف شولتس، رؤيته لإصلاح الاتحاد الأوروبي؛ وذلك من خلال تقويض السيادة الوطنية للدول الأعضاء. ودعا إلى إزالة سلطات النقض الوطنية، قائلاً إنه مع توسع الاتحاد الأوروبي هناك «مخاطر من استخدام دولة ما لحق النقض، ومنع الدول الأخرى من المضي قدماً، وذلك مع انضمام المزيد من الدول».

وفي حين يتم اتخاذ العديد من قرارات الاتحاد الأوروبي، بالفعل، من خلال التصويت بالأغلبية، يريد شولتس «الانتقال التدريجي إلى تصويت الأغلبية في السياسة الخارجية المشتركة، وأيضاً في مجالات أخرى، مثل السياسة الضريبية».

واكتسبت الدعوات لإزالة حق النقض زخماً، بسبب الإحباط من برنامج العقوبات الثقيل الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على روسيا. ومع ذلك، فإن خطة شولتس معيبة بشكل قاتل، لأنها تأخذ مشكلات محددة تطرحها الحرب الروسية الأوكرانية كمبرر لإجراء دائم ضد «تقرير المصير الوطني» في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وستسمح إزالة حق النقض للأغلبية، في الاتحاد الأوروبي، بإجبار الدول على اتخاذ قرارات ضد إرادتها. إن صنع القرار دائماً ما يكون منحرفاً لصالح القوى الكبرى في الكتلة؛ وبموجب قواعد التصويت بالأغلبية المؤهلة في الاتحاد الأوروبي، يتعين على 55% من الدول الأعضاء، التي تمثل 65% من إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي، تمرير التشريعات. ويوجد في ألمانيا وحدها ما يقرب من 20% من سكان الاتحاد الأوروبي، لذا فلا عجب أن يرغب شولتس في تغيير القواعد.

كما تؤيد رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بشدة الإصلاح المقترح. ومن المفارقات، مع ذلك، أن إلغاء حق النقض يتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة ستكون على حساب الدول الصغيرة في الاتحاد، إلا أنه يُنظر إليها على وجه التحديد على أنها ضربة ضد المجر وبولندا، المتمردتين المحافظتين، اللتين لن توافق حكومتاهما الحالية أبداً على هذه الخطوة.

وأثارت مقاومة المجر لعقوبات الطاقة الروسية استياءً كبيراً من تباطؤ الاتحاد الأوروبي في التصرف على المسرح الدولي. لكن بودابست ليست المشكلة الأكبر للكتلة.

هناك القليل من الأدلة على أن نظام التصويت بالأغلبية كان سيحدث أكثر بكثير من مجرد اختلاف شكلي في عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، على الرغم من أنه من خلال قمع المخاوف الوطنية، فمن المحتمل أن يترك دول وسط أوروبا غير الساحلية، مثل المجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا، أمام أزمة طاقة أسوأ مما تواجهه الآن.

كما يشير دعاة تغيير القاعدة، فإن متطلبات الإجماع الحالية تبين من هم خارج الإجماع الأيديولوجي والسياسي. واليوم، يعني هذا عادة دول أوروبا الشرقية التي تختلف ثقافياً عن البلدان الغربية. وقد أصبح الاتحاد الأوروبي متحسساً من هذا التنوع في الآراء، ويدرك أن خططه لمزيد من التوسع شرقاً لن تؤدي إلا إلى مضاعفة احتمالية المعارضة الأيديولوجية. لذلك فهي تريد إلغاء الآلية التي يمكن من خلالها التعبير عن المعارضة.

ليس من الصعب أن نرى إلى أين سيقودنا هذا. إن الناخبين الذين يتفقون مع إجماع الاتحاد الأوروبي سيتقاربون أكثر، في حين أن أولئك الذين لديهم وجهات نظر مختلفة سيشعرون بإحساس جديد بالغربة يؤدي إلى ارتفاع سريع في التشكيك الصريح في الاتحاد الأوروبي. ومن الطبيعي في أي ديمقراطية أن تتحمل سياسات لا تفضلها. وهذا شيء آخر تماماً أن تُجبَر على فعل ذلك من قبل قوى أجنبية.

باشر الاتحاد الأوروبي المفاوضات، في يوليو، لانضمام ألبانيا ومقدونيا الشمالية، وهما دولتان تنتظران الانضمام إلى الاتحاد منذ ثمانية أعوام و17 عاماً على التوالي، لكن العملية لاتزال طويلة ومحفوفة بالصعوبات.

وأكد المستشار الألماني أن قواعد العمل يجب أن تتطور حكماً في التشكيلة المستقبلية.

وأضاف «أوكرانيا ليست لوكسمبورغ، ولا تنظر البرتغال إلى تحديات العالم كما تفعل مقدونيا الشمالية». وبالتالي رأى أنه «حيث الإجماع اليوم مطلوب (في الاتحاد الأوروبي) فإن خطر أن تمنع دولة واحدة كل الدول الأخرى من التقدم من خلال استخدام الفيتو يزداد مع كل عضوية جديدة».

وأوضح شولتس: «لذا اقترحت أن ننتقل تدريجياً إلى اتخاذ القرارات بالأكثرية في السياسة الخارجية المشتركة، ولكن أيضاً، في مجالات أخرى مثل سياسة الضرائب»، دون أن يخفي أن «لذلك تداعيات أيضاً على ألمانيا»، واعتبر أن «التمسك بمبدأ الإجماع لا يصلح إلا عندما يكون الضغط للتحرك ضعيفاً. ولكن الوضع لم يعد كذلك بالنظر إلى تغييرات المرحلة» التي سبّبتها الحرب الروسية.

كما وعد المستشار بالسعي لتحصل كرواتيا ورومانيا وبلغاريا على انضمامها المنتظر منذ فترة طويلة إلى منطقة «شنغن» لحرية التنقل، وهو «التزام شخصي» رحب به الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.

ولضمان جودة أداء الاتحاد الأوروبي الموسع، اقترح شولتس، توسيع نطاق تدابير مخالفة القواعد، وعدم اقتصارها على انتهاكات سيادة القانون، مثل تلك التي تستهدف المجر وبولندا. ويريد المستشار الذي أطلق استثمارات ضخمة في الجيش الألماني، معالجة «التقلص غير المنسق للقوات المسلحة الأوروبية وميزانيات الدفاع» الذي كشفته الحرب الروسية. وأشار إلى ضرورة وجود تعاون أكبر بين الشركات الأوروبية في مشروعات التسلح والتصنيع المشترك والمشتريات.

وكرر شولتس دعمه لاقتراح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتشكيل «مجموعة سياسية أوروبية»، قائلاً: «سنناقش مرة أو مرتين في السنة موضوعات مركزية تهم قارتنا ككل، بما في ذلك الأمن والطاقة والمناخ والاتصال». ويرى ماكرون أنها «منظمة أوروبية جديدة» تسمح بضم المرشحين لعضوية الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى المملكة المتحدة وسويسرا والنرويج.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها