ألمانيا تراهن على العولمة الاقتصادية رغم عواقب الحرب .. لا انغلاق على الذات
يواصل المستشار الألماني أولاف شولتس، الرهان على العولمة الاقتصادية رغم الحرب الروسية – الأوكرانية وعواقبها.
وقال شولتس خلال فعالية يوم أرباب العمل، في برلين، إنه يعارض “كل أولئك الذين يدفعون الآن نحو فكرة تفكيك العولمة”، وأضاف: “لن نفعل ذلك”.
ودعا المستشار إلى الاستمرار في التنوع، موضحا أن هناك عديدا من الدول المؤثرة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا، خاصة في آسيا التي يجب أن يستمر التعاون معها.
وقال “ثم سنضع الأساس لأن يستمر التعاون العالمي في الاقتصاد العالمي، وأن تكون الشركات الألمانية قادرة على الاستفادة منه بإمكاناتها وكفاءته، تأكدوا من أن هذه هي استراتيجية الحكومة الألمانية”، مبينا أنه ليس هناك سعي نحو الانغلاق على الذات، بل استخدام إمكانات العالم بشكل مشترك.
وكان راينر دولجر رئيس اتحاد أرباب العمل، قد وصف سابقا تفكيك العولمة بأنه أحد العوامل الرئيسة لارتفاع الأسعار.
وقال دولجر “بسبب أزمة كورونا وحرب أوكرانيا – وقبل كل شيء التطور غير المؤكد في الصين – فإن سلاسل التوريد تنهار.. هذا يرفع التكاليف ويؤثر بشدة في ألمانيا خصوصا”، مضيفا أنه بسبب تفكك العولمة يجب توقع معدلات تضخم عالية باستمرار في المستقبل.
إلى ذلك، أكد شولتس أن إمدادات الكهرباء في ألمانيا مؤمنة رغم أزمة الطاقة الراهنة.
وقال “سنعمل على أن تكون محطات الطاقة النووية في جنوب ألمانيا قادرة على العمل في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) وآذار (مارس) المقبلين حتى لا يكون هناك اختناق في سوق الكهرباء الألمانية”.
وكان روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني، اقترح من قبل الإبقاء على محطتي الطاقة النووية في جنوب ألمانيا “إيسار 2″ و”نيكارفيستهايم” في وضع الجاهزية حتى منتصف نيسان (أبريل) 2023 في حالة حدوث اختناقات في إمدادات الكهرباء. وكان من المخطط في الأساس وقف عمل جميع محطات الطاقة النووية الألمانية بحلول نهاية هذا العام.
كما أكد شولتس أن بناء محطات الغاز المسال على سواحل شمال ألمانيا يسير على قدم وساق، وقال “في يناير من العام المقبل ستبدأ أولى هذه المحطات الجديدة عملياتها، وسيتم بناء وتوسيع خطوط الأنابيب، وبحلول نهاية العام المقبل ستكون لدينا على الأرجح إمكانات استيراد في فيلهلمسهافن وشتاده وبرونسبوتل ولوبمين، وبعدها سنكون قادرين على استيراد كل الغاز الذي نحتاج إليه – بشكل مستقل عن روسيا”.
وذكر شولتس أن الحكومة الألمانية اتخذت احتياطات مبكرة لتصبح مستقلة عن الغاز الروسي، وقال “سنتجاوز هذا الشتاء على الأرجح”، مؤكدا أن صهاريج تخزين الغاز ممتلئة بنسبة 85 في المائة، معلنا أن الحكومة ستتخذ مزيدا من الإجراءات لخفض الأسعار مرة أخرى. إلى ذلك، أعرب روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني أمس عن اعتقاده بأن من الممكن منع الركود.
وخلال فعالية يوم أرباب العمل، قال نائب المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس “إذا استمرت البيانات على هذا النحو فإننا سندخل في ركود، لكن الركود ليس عاصفة رعدية تقترب منا، وبإمكاننا فقط أن نحدد ما إذا كانت لدينا مظلة من الأمطار أم أننا سنهرب”.
وقال وزير الاقتصاد الألماني، إنه من المخطط منح دعم جديد للشركات الألمانية متوسطة وصغيرة الحجم كثيفة الاستخدام للطاقة لتغطية تكاليف الغاز والكهرباء في أسرع وقت ممكن.
وأضاف “لكن الأمر الآن يتوقف بشكل كبير على مدى سرعة توصلنا إلى اتفاق على ذلك في الحكومة الألمانية وبدء التنفيذ بسرعة”، مبينا أنه يمكن منح الدعم بأثر رجعي اعتبارا من أيلول (سبتمبر) بناء على الشكل النهائي للخطة. ودعا هابيك نحو 40 اتحادا للشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى توسيع حزمة الإنقاذ الحالية إلى أجزاء أخرى من أكبر اقتصاد في أوروبا. وقال هابيك إنه يريد أن يرى ألمانيا “تحشد كل القوة المالية اللازمة” لمساعدة المهن الحرفية وصناعات الخدمات، مضيفا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم من جميع قطاعات الاقتصاد الألماني التي تتأثر بارتفاع تكاليف الطاقة يجب أن تكون قادرة على تلقي الدعم بسهولة أكبر، تماما مثل الشركات الصناعية الكبرى في البلاد.
من جهة أخرى، أظهرت تقديرات صناديق الادخار في ألمانيا أن كثيرا من الأسر تضطر لإنفاق دخلها الشهري بالكامل بسبب الارتفاع القوي في الأسعار.
وبحسب تقديرات الاتحاد الألماني لصناديق الادخار ومراكز الحوالات، التي أعلنها أمس في برلين، فإن 60 في المائة من الأسر تستهلك دخلها الشهري بالكامل لتغطية النفقات الجارية، وتلجأ أحيانا في ذلك إلى مدخراتها أيضا.
وأشار الاتحاد إلى أن هذا الأمر يمثل عاملا مهما للغاية بالنسبة إلى الشركات الألمانية متوسطة الحجم، موضحا أنه سيتعين على مقدمي خدمات الضيافة والسياحة وتجارة التجزئة، وغيرهم من مقدمي الخدمات، التكيف مع إنفاق أقل للعملاء. وإضافة إلى ذلك قال هيلموت شليفايس رئيس الاتحاد، إن الشركات قد تواجه مخاطر تهدد وجودها بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. ودعا الاتحاد إلى الحد من أسعار الكهرباء والغاز، كما دعا الأسر والشركات إلى خفض استهلاكها من الطاقة 20 في المائة، والاستثمار في الطاقات المتجددة.
وقال شليفايس في إشارة إلى تقييم ميزانيات أكثر من 300 ألف عميل لصناديق الادخار، “لا نرى أي بوادر لأزمة في الوقت الحالي، لكن المستقبل المتوقع صعب.. أمامنا جميعا أعوام شاقة وتتسم بالحرمان في بعض الأحيان”.[ads3]