ألمانيا : ” تقليل الوجبات ” .. تضرر الأسر ذات الدخل المنخفض بسبب أزمة الغاز

في غضون الأشهر القليلة الماضية فقط، بدأت مونيك روك، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 34 عاماً، في القدوم إلى المركز الترفيهي بالقرب من منزلها في شرق العاصمة الألمانية الذي تديره منظمة محلية لمساعدة الأطفال ضد الفقر تسمى Die Arche. وهي المعيل الوحيد لثلاثة أطفال أعمارهم سنتان وسبع وعشر سنوات، وبدأت التوافد على المركز عدة مرات خلال الأسبوع مع ابنتها الصغرى، إذ يمكن للأم وابنتها الحصول على وجبات غذاء يومية هذا فضلاً عن الوصول إلى المرافق الترفيهية والتعليمية الداخلية.

إنها خطوة كان على روك أن تتخذها لمساعدة نفسها في إدارة وضعها الحالي وسط زيادة أسعار الطاقة التي ضربت ألمانيا، الدولة الأوروبية الأكثر اعتماداً على الموارد الروسية، بشدة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا في أواخر فبراير. تحدثت إلى TRT World في الملعب بينما كانت ابنتها تلعب في مكان قريب، قالت إن عائلتها تمر بوقت عصيب. “ليست أسعار الطاقة هي التي ارتفعت؛ فقد ارتفعت أيضاً تكاليف الطعام والسيارة “.

“أحتاج إلى استخدام السيارة كل يوم لأخذ الأطفال إلى المدرسة ولكني لا أعرف نوع الموقف الذي سأكون فيه إذا تعطلت السيارة. أنا قلقة للغاية بشأن الأشهر المقبلة. أعلم أنني لست الوحيدة في هذا الموقف، الجميع يعاني من صعوبات، لكن هذا مقلق لأنه لا أحد يعرف ما سيحدث “.

يقول المتحدث باسم Die Arche  فولفغانغ بوشر إن المنظمة غير الحكومية تدعم أكثر من 5000 أسرة من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة في جميع أنحاء البلاد، ونحو 1800 أسرة في برلين 95٪ منهم أمهات عازبات. ويأتي الدعم في مجالات مثل الاستشارات والطعام والأنشطة الترفيهية والتعليمية. وصرح لـTRT World أنه خلال العقدين الماضيين الذي كان يعمل فيهما في المدينة، لم ير أبداً وضعاً خطيراً مثل هذا.

يقول: “لدينا الآن آباء يخبروننا أنهم غير قادرين على إطعام أطفالهم وجبات الطعام في أوقات الغداء، ولذا بدأوا في تجاوز وجبات الغذاء حتى يكون لديهم ما يقدمونه لهم لتناول العشاء”.

يقول بوشر إن المؤسسة الخيرية، التي شهدت أيضاً انخفاضاً في التبرعات الخاصة في الأشهر الأخيرة، تقول إنها تتوقع زيادة عدد العائلات القادمة إلى مراكزها في الأشهر المقبلة. من المحتمل أن نرى مزيداً من العائلات من أوكرانيا وكذلك عائلات من الدول العربية وصلت في السنوات السابقة. من الصعب معرفة ما سيحدث في المستقبل “.

تعد العائلات ذات العائل الوحيد من بين عديد من الأسر التي تواجه حالياً تحديات جمّة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف في البلاد وما يصاحبها من مستويات مرتفعة للتضخم، والتي سجلت أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من خمسة عقود في أواخر الصيف.

تعيش مهندسة البيانات الهندية المولد أبي ساريبالي (34 عاماً)، في برلين منذ حوالي عقد وانتقلت مؤخراً إلى منزل جديد بالقرب من وسط المدينة. تقول الأم المتزوجة، وابنتها البالغة من العمر خمس سنوات، إنها وزوجها قد بدآ بالفعل تنفيذ حلول، وإن كانت قصيرة الأجل، لمساعدتهما على إدارة الزيادات المتوقعة في الأسعار حسب التحذيرات الصادرة من شركتي الغاز والكهرباء.

وتقول: “ندفع الآن نحو 90 يورو للتدفئة والكهرباء شهرياً وجرى تحذيرنا من أن هذا قد يتضاعف شهرياً لنفس المقدار من الاستخدام. لم نشغل التدفئة وجلبنا مزيداً من الملابس الدافئة بالإضافة إلى مزيد من المصابيح الموفرة للطاقة. لم يكن الجو بارداً في الصباح بعد، لكن الأمسيات بدأت تبرد ولذا نرتدي ستراتنا الصوفية. اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني سيبدأ الجو في البرودة أكثر، لذا سيتعين علينا بدء تشغيل التدفئة في الصباح”.

تقول ساريبالي إنها لاحظت كيف كان التكيف أسهل على ابنتها مقارنة بها وزوجها. وتضيف: “الوعي بالمناخ موجود بكثرة في المدارس ورياض الأطفال هنا، لذا فإن ما يحدث للأطفال لا يمثل صدمة كبيرة. إنه كذلك بالنسبة إلى البالغين لأننا لم نتدرب كأطفال على التفكير في umweltschutz (حماية البيئة). يجب أن أذكّر أنا وزوجي كلانا الآخر بأشياء مثل إطفاء الأنوار ولكن ابنتي أفضل بكثير في هذا الأمر وتطفئ الأنوار لنا. أو عندما أشغل الصنبور وأترك المياه تتدفق حتى لبضع ثوان، تقول لي: “أمي، عليك أن تغلقي الصنبور لأن الأسماك لن يكون لديها ماء في البركة وهكذا”.

الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بما في ذلك المخابز والمصنعين والفنادق تشعر أيضاً بآثار الأزمة، وفقاً لإحدى المؤسسات الاقتصادية البارزة، قدمت أكثر من 120 شركة في ألمانيا بالفعل طلبات إفلاس.

تعد المراكز الصحية والمنتجعات الصحية، ذات الثقافة الشعبية الكبيرة في ألمانيا، من بين أولئك الذين أُجبروا على تغيير أنماط استهلاكهم للطاقة مع حلول فصل الشتاء. إنها عملية نفذتها هيلجا رويل، مديرة فندق “حمام برلين” البالغة من العمر 64 عاماً، وهي أقدم شركة تركية في ألمانيا قدمت خدمات مركز الاستحمام في منطقة كروزبرج الجنوبية الشرقية.

يقع Schokofabrik داخل أحد أكثر المباني شهرة في المنطقة، وهو مصنع شوكولاتة سابق كان يعمل مساحة ذاتية التنظيم تقدم دروساً ورياضات وأنشطة أخرى للنساء والفتيات لمدة أربعة عقود، يعتمد الحمام على استهلاك كميات كبيرة من الطاقة المستخدمة طوال أيام الأسبوع التي يكون مفتوحاً فيها لخدمة الزبائن.

كما تقول رويل: “نحن نستخدم كثيراً من الطاقة لتدفئة الساونا ومناطق السبا، وقيل لنا أن الأسعار يمكن أن ترتفع ستة أضعاف ما ندفعه الآن. من أجل محاولة الاستعداد لأشهر الشتاء القادمة، بدأنا تنفيذ تدابير مثل إنتاج الكهرباء على أسطحنا واستكشاف الحد من استخدام الطاقة في الحمام من خلال تقنيات جديدة”.

وتضيف: “إن الحمام، الذي يضم عدداً متناوباً من الموظفين يبلغ نحو 50 شخصاً، سيحتاج أيضاً إلى زيادة تكاليف خدماته مثل عمليات التقشير والتدليل بالصابون بنحو 10 بالمائة والتي من المرجح أن تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر.

“المزاج العام في الحمام هو حالة من القلق والترقب. لقد خرجنا للتو من الوباء والإغلاق القسري خلال تلك الفترة، والآن لدينا الحرب في أوكرانيا ولا يزال لدينا هاجس تغير المناخ. نأمل أن ينتهي كل هذا قريباً”. (TRT)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها