ارتفاع سريع في تكاليف المعيشة .. ثلث بنوك الطعام في ألمانيا يصل حده الأقصى
تساعد بنوك الطعام الألمانية حاليا عددا قياسيا من الأشخاص، بعد أن شهدت زيادة 50 في المائة في عدد المنتفعين من خدماتها منذ بداية العام، وفقا لمنظمة “تافل دويتشلاند”.
وقال رئيس المنظمة يوخن برول في تصريحات صحافية أمس، “إن ما مجموعه مليوني شخص يتلقون حاليا مواد غذائية من بنوك الطعام التابعة لتافل”.
في المقابل أشار برول إلى أن حجم التبرعات الغذائية آخذ في الانخفاض، موضحا أن نحو ثلث بنوك الطعام قد وصل إلى الحد الأقصى من طاقته، ما يعني أنه اضطر إلى فرض قيود على قبول منتفعين جدد، مضيفا أن “الاضطرار إلى إبعاد المعوزين الجدد كان مرهقا نفسيا للمتطوعين”.
وقال برول “لدى الناس مخاوف وجودية كبيرة بشأن كيفية دفع ثمن الطعام والسكن والتدفئة”، مشددا على أن بنوك الطعام غير قادرة على تعويض “ما لا تستطيع الدولة فعله”.
ومثل عديد من الدول الأخرى، تكافح ألمانيا حاليا مع مستويات قياسية من التضخم وارتفاع سريع في تكاليف المعيشة، حيث أظهرت دراسة أجريت في أكتوبر الماضي أن الأسر ذات الدخل المنخفض متضررة بشدة من تطورات الأوضاع.
وقال برول “إن مساعدات الدولة غالبا ما تكون غير كافية، وتأتي بعد فوات الأوان”، وأضاف “الأشخاص الذين يأتون إلى بنوك الطعام ليس لديهم مدخرات، ويحتاج الأشخاص المتضررون من الفقر إلى مساعدة سريعة الآن”.
وأضاف برول أن “ألمانيا دولة غنية”، حيث يمكن لجميع المواطنين أن يقضوا الشتاء دون الحاجة إلى المعاناة من العوز.
وتجمع بنوك الطعام في “تافل دويتشلاند” التبرعات الغذائية من الأفراد والشركات ومنحها للمواطنين المعوزين الذين يقدمون المستندات اللازمة، على سبيل المثال إثبات حالة البطالة.
ويوجد حاليا أكثر من 960 بنكا للطعام في جميع أنحاء ألمانيا يتم تمويلها بالكامل من خلال التبرعات ولا تتلقى تمويلا من الأموال العامة، بحسب بيانات المنظمة.
وتسببت الزيادات الحادة في الأسعار في جميع مجالات الحياة تقريبا في زيادة قلق مواطني ألمانيا بصورة تفوق أي شيء آخر، بما في ذلك الحرب الروسية في أوكرانيا، أو التغير المناخي، أو جائحة كورونا.
وأظهر استطلاع أجرته شركة الاستشارات الإدارية “ماكينزي” ونشرت نتائجه، أن الشاغل الأكبر حاليا لنحو 57 في المائة من الألمان هو التضخم.
ومقارنة باستطلاع مماثل تم في حزيران (يونيو) الماضي، قال 48 في المائة من الألمان “إن تطور الأسعار هو أكثر ما يثير قلقهم”، ويتوقع أكثر من ثلثي الذين شملهم الاستطلاع أن تستمر الأسعار في الارتفاع.
ووفقا لخبراء “ماكينزي”، فإن مسألة التضخم فاقت بالكامل، تقريبا، جميع المخاوف الأخرى التي كانت تساور الألمان في الأشهر الأخيرة إلى الوراء. وعلى سبيل المقارنة، ذكر 18 في المائة فقط أن حرب أوكرانيا مصدر قلقهم الأكبر، و6 في المائة تغير المناخ، و3 في المائة جائحة كورونا.
وقال ماركوس ياكوب، الخبير لدى “ماكينزي”، “يتزايد عدد الألمان الذين لا تفسح دخولهم حاليا أي مجال لاستهلاك يتجاوز ما هو ضروري للغاية”. وبحسب الاستطلاع، اضطر أكثر من ثلث المستهلكين بالفعل إلى الحد بشكل كبير من استهلاكهم السلع غير الأساسية. وذكر أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم أنه “لم يعد بإمكانهم الادخار”.
وقال ياكوب “هناك كثير مما يجري: أربعة من كل خمسة أشخاص في ألمانيا يغيرون حاليا بوعي سلوكهم في التسوق، في ضوء الواقع الجديد الذي يرونه ويشعرون به في حساباتهم البنكية”، مشيرا إلى أن هناك اتجاها متزايدا لشراء منتجات من علامات تجارية رخيصة ومن متاجر المواد الغذائية منخفضة التكلفة.
وذكر أكثر من 60 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنهم يقللون عن قصد استهلاك الطاقة في المنزل، بينما ألغى 16 في المائة من الألمان خططهم للسفر خلال العطلة.
إلى ذلك، كشفت دراسة حديثة أن ما يقرب من ثلاثة أرباع المواطنين في ألمانيا قلقون بشأن الانكماش الاقتصادي المحتمل ويقومون بتعديل سلوكهم الشرائي وفقا لذلك.
وبحسب مسح أجراه معهد “يوجوف” لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من شركة الاستشارات الإدارية “زيمون-كوشر وشركاه”، فإن أغلبية الألمان يخططون لتقييد إنفاقهم على الملابس الجديدة “58 في المائة” والعطلات “55 في المائة” وأنشطة أوقات الفراغ “52 في المائة”، في حال حدوث ركود.
كما ذكر 49 في المائة، من 2035 شخصا شملهم الاستطلاع أنهم يخططون لتقليل زياراتهم للمطاعم.
وارتفعت أسعار الطاقة والغذاء على وجه الخصوص بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. ووفقا لبيانات رسمية أولية، ارتفعت أسعار المستهلكين في ألمانيا الشهر الماضي بنسبة 10.4 في المائة،على أساس سنوي، وهي أعلى قيمة يتم تسجيلها منذ نحو 70 عاما.
وفي الاستطلاع، قال 60 في المائة من الألمان “إنهم يعتزمون تقليل نفقاتهم واستهلاكهم لمواجهة ارتفاع الأسعار”.
وقال أندرياس فون جاتن رئيس شركة “زيمون-كوشر وشركاه”، “مجال زيادة أسعار منتجات الحياة اليومية كبير، لكن كثيرا من المستهلكين وضعوا بالفعل ميزانية ثابتة للتسوق الأسبوعي، التي لا يمكنهم تجاوزها. إنهم مجبرون على الادخار، وبالتالي يلجأون إلى بدائل أرخص”.
ووفقا للمسح، تستعد الشركات أيضا للركود، حيث ذكرت 60 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع – البالغ عددها 520 شركة – أن لديها استراتيجية مطورة جزئيا على الأقل لمواجهة الانكماش الاقتصادي، بينما ذكرت 33 في المائة من الشركات أنها لم تستعد لهذا الأمر.
وقد تصبح السلع أكثر تكلفة بالنسبة إلى العملاء في المستقبل، حيث أظهر المسح أن 32 في المائة من الشركات تعتزم رفع الأسعار في حال حدوث ركود. (DPA)[ads3]