‫ألمانيا : أب و ابنته يواصلان حياتهما بفضل زراعة 3 قلوب

يشير الألماني بيتر فريكه إلى ‫قلبه، الذي تلقاه من متبرع مجهول منذ أكثر من 30 عاما، ويقول “أشعر ‫بأنه يدعمني دائما”.

‫ويضيف فريكه “لم أهتم قط بمعرفة شخصية المتبرع، وما إذا كان رجلا أو ‫امرأة، ولكن ما يعنيني هو أن المتبرع وأسرته قاما بعمل عظيم، وأنا مدين ‫لهما على الدوام لأنهما منحوني 32 عاما إضافية من الحياة”.

‫ويتذكر فريكه يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 1990، وهو اليوم الذي تلقى ‫فيه قلبه الجديد، ويحتفل على الدوام بذكرى هذا اليوم باعتباره عيد ‫ميلاده الثاني.

وكان فريكه -وهو أب لثلاث بنات- يبلغ من العمر 35 عاما عندما أخبره ‫الأطباء أنه يحتاج إلى تغيير قلبه، وظل عدة أشهر ينتظر الحصول عليه من ‫متبرع.

‫وبينما كان يرقد في مستشفى فينزنز بمدينة هانوفر الألمانية، أخبرته ‫ممرضة في اليوم التالي من العام الميلادي الجديد أنه يتعين عليه التوجه ‫إلى غرفة العمليات لأنه تم العثور على قلب جديد له.

‫وتعافى فريكه من الجراحة سريعا، بسرعة إصابته نفسها بمرض التهاب عضلة ‫القلب.

ويبلغ فريكه من العمر الآن 67 عاما، وكان تقاعد عن العمل بعدما عجز عن ‫الاستمرار بسبب حالة من الإرهاق الدائم التي اعترته، ويعرب عن اعتقاده ‫بأن السبب في حدوثها معرفته أن ابنته جوليا تحتاج هي الأخرى ل‫زرع قلب.

‫وقال الأطباء إن قلب الابنة تأثر أثناء ولادة ابنها في يوليو/تموز ‫2004، وكان عمرها وقتها 20 عاما.

‫وتبين للأطباء أن قلبها تضخم بشكل كبير، وأن الصمام التاجي -وهو أحد ‫الصمامات الأربعة بالقلب- لا ينغلق بالشكل الصحيح.

‫وعندما علمت جوليا أنها بحاجة إلى قلب جديد خلال العقد المقبل، جال ‫بخاطرها شكل جنازتها، بحسب ما قالت، كما ورد على ذهنها على الفور طول ‫الفترة الزمنية التي أمضاها والدها انتظارا للعثور على قلب جديد.

وفي أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، تم إدراج 8524 مريضا في قائمة منظمة ‫”يوروترانسبلانت” الخيرية، ومقرها هولندا، وهي معنية بالتنسيق للتبرع ‫بالأعضاء بين 8 دول أوروبية، انتظارا لمتبرع بالأعضاء للمرضى، ومن بينهم 685 ‫مريضا يحتاجون إلى قلب جديد.

‫ومن ناحية أخرى، ذكرت جمعية جراحة القلب والصدر والأوعية الدموية أنه ‫يوجد في ألمانيا عدد أقل من المتبرعين بالأعضاء، مقارنة بالدول ‫الأوروبية الأخرى.

‫ومن الناحية القانونية، لا يمكن التبرع بالأعضاء البشرية لأشخاص آخرين ‫إلا بعد وفاة المتبرع، مع إقراره بشكل صريح قبل الوفاة بأن هذه هي رغبته ‫أو إذا سمح أقاربه بذلك.

‫وهناك دول أخرى تتجاوز قوانينها شرط الإقرار الصريح بالتبرع، وتفترض ‫موافقته إلا إذا اعترضت أسرته على ذلك بعد وفاته.

وانتهى الحال أيضا بجوليا فريكه، التي أصبح عمرها الآن 38 عاما، ‫بالانضمام إلى قائمة الانتظار للحصول على قلب جديد، وأدرجت في القائمة ‫في مارس/آذار 2006، وأخيرا تم العثور على قلب لها من متبرع في نوفمبر/تشرين ‫الثاني 2007.

‫وأجريت علمية زراعة القلب بنجاح، غير أن جوليا شعرت بالحزن لعدم قدرتها ‫على الاستمرار في برنامج التدريب لتصبح ممرضة، ولا تزال تشعر بشدة بخيبة ‫أملها.

‫وبالنسبة للمرضى الذين يجرون عملية لزراعة القلب، يعد العام الأول بعد ‫الجراحة هو الأصعب.

وبعد مرور هذه السنة، يعيش كثير من المرضى حياة طويلة بقلوبهم الجديدة، ‫ومع ذلك، وبعد مرور نحو 5 أعوام على الجراحة، رفض جسم جوليا القلب ‫الجديد المزروع، ويقول أبوها “من الواضح أن الضغوط التي تعرضت لها هي ‫السبب”.

‫ويحتاج عدد قليل للغاية فقط من المرضى الذين أجريت لهم عملية زرع قلب، ‫لإعادة زرع قلب مرة أخرى.

‫وفي هذا الصدد، يقول جراح القلب جان جوميرت، رئيس مركز أمراض القلب ‫والسكري ببلدة باد أوبنهاوزن في ولاية نورث راين وستفاليا الألمانية، ‫إنه يتم التبرع بما نسبته نحو 3% من القلوب على مستوى العالم لمرضى ‫بحاجة إلى عملية جديدة لزراعة القلب.

‫وكان رفض جسم جوليا القلب المزروع يعني وفاتها، وكان عمرها في ذلك ‫الوقت 27 عاما، وتم نقلها إلى الرعاية المركزة.

‫ويصف أبوها ذلك الوقت بأنه كان عصيبا، ويقول “ذهبنا إلى المستشفى يوم ‫أحد، وأخبرنا الطبيب أنه إذا لم يتم العثور على قلب لجوليا بحلول يوم ‫الثلاثاء، فلن يتمكن الأطباء من إبقائها على قيد الحياة، وكان ذلك الوضع ‫أسوأ شيء بالنسبة لنا”.

وفي اليوم التالي أخبر الطبيب والدة جوليا أن معجزة هانوفر تحققت، وأن ‫المستشفى عثر على القلب المطلوب، حيث تم زرع القلب ليلة عيد ميلادها الـ28 في يونيو/حزيران 2012.

‫ولا يزال القلب الثاني يعمل بشكل جيد حتى الآن، رغم مرور أكثر من عقد ‫على زراعته.

‫وتقول جوليا “كان هدفي قبل زراعة القلب الأول أن أرى ابني وهو يبدأ ‫أولى خطواته في المدرسة، وصار عمره الآن 18 عاما وربما أشهد مولد أحفادي ‫ذات يوم”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها