دراسة : الجرعات المعززة الجديدة المضادة لـ ” كوفيد-19 ” توفر حماية محدودة
توفّر الجرعات المعزّزة المحدّثة المضادة لـ”كوفيد-19″، المزوّدة بمضادات تحارب متحوّر “أوميكرون” ومتفرّعاته المنتشرة حاليًا، بعض الحماية من العدوى، وفقًا للدراسة الأولى التي نظرت بكيفية أداء المعززات في العالم الحقيقي. لكنّ، رأى الباحثون أنّ الحماية التي توفرها هذه المعززات ليست كبيرة إسوة بتلك التي وفّرها اللقاح الأصلي ضد متحوّرات فيروس كورونا السابقة.
ووصف الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، البيانات الجديدة بأنها “جيدة جدًا في الحقيقة”.
وفي لقاء مع الإعلاميين عُقد في البيت الأبيض الثلاثاء، قال فاوتشي: “من فضلكم، من أجل سلامتكم الشخصية، من أجل عائلاتكم، تلقوا جرعة ’كوفيد-19‘ المحدّثة ما أن تصبحوا مؤهلين لها، من أجل حماية نفسكم وعائلاتكم ومجتمعكم”.
وكان امتصاص الجرعات المعززة ثنائية التكافؤ، التي تحمي من المتحورات الفرعية BA.4/ 5 وسلالة الفيروس الأصلية، بطيئًا بشكل ملحوظ. وتلقى فقط 11٪ من الأمريكيين المؤهلين الجرعة المعزّزة عندما أصبحت متاحة في مطلع سبتمبر/ أيلول.
وتوصلت الدراسة الجديدة إلى أنّ المعزّزات المحدّثة تعمل إسوة بالمعززات الأصلية. فهي تحمي من المرض المصحوب بعوارض بنسبة تتراوح بين 40٪ و60٪، ما يعني أنه حتى عندما تكون الحماية التي يؤمنها اللقاح الأكثر فعالية، فقد يبقى الناس عرضة للإصابة بـ”كوفيد-19″ بعد نحو شهر من تلقي اللقاح.
وهذه النسب متماثلة نوعًا ما مع الفعالية النموذجية للقاحات الإنفلونزا. على مدى السنوات العشر الماضية، إذ أظهرت بيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أنّ فعالية لقاحات الإنفلونزا الموسمية تراوحت بين نسبة 19٪ وأخرى أعلى قاربت 52٪، مقابل الحاجة إلى زيارة الطبيب بسبب الإنفلونزا. وتختلف الفعالية انطلاقًا من مدى تشابه سلالات اللقاح مع السلالات المسببة للمرض.
وأفاد مؤلفو الدراسة الجديدة أنّ على الناس إدراك أنّ لقاحات “كوفيد-19” لم تعد تؤمن حماية تفوق 90٪ من الالتهابات العرضية، كما كان عليه الواقع عندما أُدخل اللقاح للمرة الأولى عام 2020.
وقالت الدكتورة روث لينك-جيليس، عالمة الأوبئة في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها إنّه “لسوء الحظ، كانت نسبة الحماية تتراوح بين 90٪ و100٪، في المرحلة ما قبل متحوّر ’دلتا‘. وشهدناها تتراجع مع ’دلتا‘ حتى 70%، لتنخفض أكثر مع متحوّر ’أوميكرون‘، حيث قاربت نسبة 50٪. ولذا أعتقد أن ما نلاحظه هنا أنّ اللقاح الثنائي التكافؤ يعيدك حقًا إلى هذا النوع من الفعالية الذي كنا سنراه فورًا بعد المعززات السابقة، وهو أمر رائع”. وتابعت: “هذا الهدف الذي نصبو لتحقيقه”.
ووفق ما اوردت شبكة “سي إن إن”، أوضحت لينك-جيليس أنّ “هذه الحماية ليست 100٪، لكنّها مهمة”. وتابعت: “لا سيّما مع اقتراب العطل واحتمال السفر، وقضاء الوقت مع الأقارب المسنّين، والأشخاص الضعفاء صحيًا. وأعتقد أنّ الحصول على بعض الحماية من المرض، وبالتالي حماية من تحب من الإصابة أفضل من انتفاء وجود الحماية”.
وأشارت لينك-جيليس إلى أنّ هذا يعني أيضًا أنّ على الأشخاص الاستمرار باعتماد مقاربة متعدّدة المستويات للحماية، من خلال استخدام الاختبارات السريعة، والأقنعة عالية الجودة، والتهوئة كمقاربة شاملة، بدلاً من الاعتماد على اللقاحات وحدها.
وأضافت لينك-جيليس أنها تتوقع أن تكون حماية اللقاح ضد تداعيات “كوفيد-19” الخطيرة، مثل الاستشفاء والوفاة، أعلى، لكن هذه البيانات غير متوفرة بعد.
واعتمدت الدراسة، التي قادها علماء المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، على السجلات الصحية الخاصة بأكثر من 360 ألف اختبار أجرتها قرابة 10 آلاف صيدلية للبيع بالتجزئة، وذلك بين 14 سبتمبر/ أيلول و11 نوفمبر/ تشرين الثاني، أي الفترة التي تسبّب فيها كل من BA.4 وBA.5 بمعظم حالات “كوفيد-19″ في الولايات المتحدة. وشملت الدراسة من تبلغ أعمارهم 18 عامًا وما فوق الذين اختبروا عوارض كوفيد-19 ولا يعانون من نقص في المناعة.
ونظرت الدراسة بمدى فعالية المعزّزات بطريقتين:
الأولى، قام الباحثون بحساب قيمة تُعرف بفعالية اللقاح المطلقة، التي قارنت احتمالات الإصابة بعوارض لدى الأشخاص الذين تلقوا جرعات معزّزة ثنائية التكافؤ مع من أبلغوا عن عدم تلقيحهم لذلك.
الثانية، قاموا بحساب فعالية اللقاح النسبية، التي نظرت باحتمالات الإصابة بأعراض لدى الأشخاص الذين تلقوا الجرعات المعززة ثنائية التكافؤ المحدثة، مقارنة مع من تلقوا جرعتين أو ثلاث أو أربع جرعات من اللقاح الأصلي أحادي السلالة.
وبالمقارنة مع الأشخاص غير المحصّنين، فإنّ البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا، والذين حصلوا على معززات ثنائية التكافؤ، كانوا أقل عرضة للإصابة بـ”كوفيد-19” بنسبة 43٪.
أما كبار السن، الذين ضعفت وظائف المناعة لديهم على الأرجح، فحصلوا على حماية أقل. ومن تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عامًا، بلغت مناعتهم نسبة تقارب 28٪، فيما من يبلغون من العمر 65 عامًا وما فوق، أقل عرضة للإصابة بفيروس “كوفيد-19” بنسبة 22٪ مقارنة مقارنة بالمجموعة غير المحصنة.
وأظهرت فعالية اللقاح النسبية حماية إضافية قد يتوقّعها الأشخاص، بالإضافة إلى الحماية التي خلّفتها جرعات اللقاح السابقة. وفي حال مضى على آخر جرعة تلقاها الشخص شهرين إلى ثلاثة أشهر، فإن المعزّزات ثنائية التكافؤ تضيف في المتوسط حماية بنسبة 30٪ لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا، وحماية تفوق نسبة 31٪ لمن تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عامًا، و28٪ حماية أكثر إذا كانوا يبلغون من العمر 65 عامًا وما فوق.
وأظهرت بيانات الوكالة أنه بعد مرور 3 أشهر على آخر جرعة معززة، لا يزال الأشخاص الذين يبلغون من العمر 50 عامًا وما فوق يتمتعون بنسبة 20٪ من الحماية من مرض “كوفيد-19″. وبالمجمل، أدت المعززات المحدثة إلى زيادة فعاليتها بنسبة 50٪ تقريبًا ضد الإصابة المصحوبة بعوارض.
وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على آخر جرعة لقاح، يحصل المرء على حماية من المعززات. لكن لينك-جيليس قالت إنه بحلول ثمانية أشهر، لن يتبقى سوى القليل من الحماية التي وفترتها الجرعات المعززة السابقة المضادة لـ”أوميكرون” ومتحوّراته، ما يعني أنّ فعالية اللقاح لهذه المجموعة ربما كانت قريبة من الحماية الشاملة ضد العدوى.
أما من تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا والذين مضى على تلقيهم الجرعة الأخيرة من اللقاح ثمانية أشهر وأكثر، فقد حصلوا على حماية إضافية بنسبة 56٪ ضد الإصابة بـ”كوفيد-19″ المصحوبة بعوارض، بينما يتمتع البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عامًا بحماية إضافية بنسبة 48٪. كذلك، تبلغ نسبة الحماية الإضافية لدى البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا 43٪، بالإضافة إلى كل ما خلّفته اللقاحات السابقة.
وقال جون مور، عالم المناعة والأحياء الدقيقة في كلية وايل كورنيل للطب، إنّ الأمر يتلخّص بحقيقة أنّ تلك المعزّزات ستقلّل على الأرجح من خطر إصابتك بالمرض بنسبة 50٪، لكن هذه الحماية لن تدوم على الأرجح.
وأوضح مور، غير المشارك في الدراسة، أنّ “الحصول على جرعة معززة سيمنحك بعض الحماية الإضافية ضد العدوى على المدى القصير، وهو ما نشهد عليه دومًا مع المعزّز، لكنّ هذا الأمر لن يستمر طويلاً. فهو سيتراجع، وسوف يتراجع أكثر مع انتشار المتحورات التي تتمتّع بمقاومة أكبر”.[ads3]