متاعب اللاجئين الوافدين لا تنتهي بوصولهم إلى ألمانيا

كانت الساعة تقارب منتصف الليل عندما وصل القطار الخاص المحمل باللاجئين من مدينة سالتسبورغ النمساوية إلى محطة القطارات في مطار دوسيلدورف. على رصيف القطار كان أفراد من الشرطة ومساعدون ومترجمون ينتظرون. . وكان بعضهم يرتجف من برد الليل. أما الاختلاف الذي يمكن أن تلاحظه مقارنة مع محطات القطار الأخرى هو أنه لم يكن يوجد أناس للتهليل والترحيب باللاجئين. ليس لأن الناس في دوسيلدورف أقل ترحيبا باللاجئين من غيرهم من الألمان، بل لأن المواطنين هنا طلب منهم الاستغناء عن هذه الإجراءات، كما وضح لنا المتحدث الإعلامي باسم المدينة ميشائيل بيرغمان. ويرى بيرغمان أن “التهليل للناس المتعبين القادمين هو غير مريح لهم. كما أن اللاجئين لن يتمكنوا من أخذ أية هدايا أو مساعدات وذلك لان الحافلات التي ستوصلهم إلى مراكز الإيواء غير مجهزة لذلك. واضطرت مدينة دوسيلدورف إلى استقبال اللاجئين لمدة 24 ساعة لأول مرة بدلا من مدينة دورتموند المكتظة باللاجئين.

لاجئون متعبون وموظفون أكثر تعبا

“هل أنتم مستيقظون”، صاح فجأة احد عمال سكة الحديد حين وصل القطار، وقام بالمساعدة في فتح أبواب القطار. نزل الركاب من مقطورات القطار ببطء. هناك رجال ونساء، كبار وصغار، أسر يلبس أطفالها الصغار ملابس أنيقة، وأسر يلبسون سراويل قصيرة، بعضهم لديه حقائب كبيرة وبعضهم يحمل أكياسا بلاستيكية. إنهم من سوريا ومن العراق ومن بلدان أخرى. وكان بعض هؤلاء القادمين يقبع منذ أيام جالسا في مراكز التجميع في محطة قطار بودابست وهم يهتفون لألمانيا” و “لميركل”، إلا أنهم وبعد وصولهم إلى هنا لا يبدو عليهم الفرح والراحة. ما يبدو على وجوهم هو الإرهاق الشديد وذلك بعد رحلة طويلة استغرقت زهاء 12 ساعة.

التعب كان ظاهرا أيضا على وجوه الـ 50 مساعدا حكوميا الذين جاؤوا لاستقبال اللاجئين. البعض منهم جاء نيابة عن منظمات وجمعيات خيرية. لقد انتظروا وصول اللاجئين طيلة اليوم في قاعة من المفترض أنها معدة لنقل الأمتعة فقط، وليس لاستقبال لاجئين. إلا أن القاعة فرشت منذ الصباح بمئات الكراسي البلاستيكية والطاولات. لم يكن احد يعلم متى ستغادر القطارات بودابست ومتى ستصل ألمانيا. لان هذه القطارات الخاصة التي تحمل اللاجئين تم السماح لها بالسفر ضمن ظروف خاصة، ومنها أن لا تسافر ضمن مواعيد القطارات العادية، وهو ما جعل من هذه القطارات تنتظر الإذن لها بمواصلة السفر لساعات عدة في بعض المحطات.

الوصول إلى ألمانيا والانتقال إلى المدن الأوروبية

موسى سليمان من دوسيلدورف ينتظر في المحطة منذ ساعات ما بعد الظهر ويقول:” تلقيت اتصالا أخبروني فيه بأنهم يحتاجون لمترجم للعربية وقمت بالموافقة على الفور”. الحقيقة أنهم هنا بحاجة فعلا لمترجمين إلى اللغة العربية، لا سيما بعد وصول حوالي 400 لاجئ بالقطار. حيث جلس بعضهم ليرتاح وجلس البعض الآخر ليتناول بعض الطعام. وكانت المخاوف تبدو على وجوههم. وما هي إلا دقائق معدودة حتى بدأ العشرات منهم بمغادرة أماكنهم والتجمع أمام أجهزة بيع التذاكر.

لحظات معدودة حتى بدأت الأصوات ترتفع طلبا للمساعدة في شراء تذاكر السفر.”ساعدني أرجوك” أو ” برلين، برلين” كانوا يسألون المساعدة من الجميع وليس فقط من الشرطة ومن المساعدين بل أيضا من المارة. البعض منهم كان يريد الذهاب إلى برلين أو هامبورغ، البعض الأخر يريد السفر إلى كوبنهاغن، وآخرون إلى هلسنكي أو بروكسل. كلها كانت محطات مقصودة لهم. و يريدون الذهاب إليها. هم لا يعرفون أين هي هذه المدن تحديدا، لكن كان كافيا لهم أن جزءاَ من عائلاتهم هناك أو بعضاً من معارفهم. المشكلة الكبرى التي واجهت الكثيرين هي أن معظمهم يملكون أوراقا نقدية ذات فئة 100 يورو والتي لا يقبلها جهاز شراء التذاكر . صرخ احد المساعدين تستطيعون شراء التذاكر في القطار. وتحرك العديد بعدها جهة رصيف القطار المطلوب.

قطارات متواصلة

لا يعرف أحد بالتحديد كم هي نسبة من أُخذت بصمات أصابعهم في المجر، التسجيل الرسمي للاجئين سيكون في مراكز الإيواء المعدة لهم، وهناك سيتم تقديم طلبات اللجوء. وبالنسبة لمن يريد منهم التوجه لمدن أخرى فلهم ذلك.

ميلاد من العراق ذو الاثني عشر ربيعا يريد التوجه إلى هلسنكي. وهو منذ أسابيع طويلة في سفر متواصل ولم يتمكن من النوم إلا منذ أيام قليلة كما يقول. هو يتحدث اللغة الكردية فقط، إلا أنه لا يملك مالا كافيا لمواصلة السفر، ولا بريد البقاء في مركز الإيواء. يريد الذهاب إلى مدينة هايديلبيرغ، حيث يعيش عمه هناك. وبصمت يعبر ميلاد عن طلبه بالمساعدة وهو يشير إلى رقم هاتف عمه الموجود في ألمانيا.

قرابة الساعة الثانية صباحا يصل القطار الثاني المحمل باللاجئين وتتوالى الإجراءات. الساعة الخامسة صباحا تصبح القاعة فارغة تقريبا، يستطيع ألان المترجم موسى أن يذهب إلى بيته، إلا أنه يبدوا مشغولا في مساعدة الصبي ميلاد، وكما فهمنا سوف ينتظر معه في محطة القطارات الرئيسية في دوسيلدورف القطار المتجه إلى هايدلبيرغ. حيث لا يتمكن الصبي ميلاد لوحده وبدون لغة أن يجد القطار المطلوب والصعود إليه. (إذاعة صوت ألمانيا)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. المانيا بلاد ممتازة و فيها تنمية هائلة و فيها ميزات كبيرة جدا و هي من اروع دول العالم بكل المقاييس لكنها انتبهوا هنا المانيا و ليس الجنة…