خطة الاتحاد الأوروبي لحظر صيد الأسماك في قاع البحار تثير غضباً واسعاً في ألمانيا

لاقت خطة طرحتها المفوضية الأوروبية، أخيراً، بهدف تعزيز الاستدامة في مجال مصايد الأسماك رد فعل عنيفاً. وتهدف الخطة إلى حظر الصيد بشباك القاع الجرافة (شباك الجر) في المواقع البحرية المحمية، بحلول عام 2030، على أقصى تقدير، وربما تسفر المعارضة القوية عن تخفيف بنود وشروط الخطة.

وصيد الأعماق هو أحد أنواع صيد السمك، يستخدم فيه شباك ضخمة وثقيلة، تتحرك على طول القاع وتحمل أو تسحق كل ما يعترض طريقها.

وتسببت الخطة التي تسعى إلى حظر صيد الأعماق بشباك الجر في المناطق المحمية، في تظاهرات واسعة، وتعطيل العمل في الموانئ، وإطلاق حركة احتجاج للصيادين في فرنسا تحمل اسم «الموانئ المعطلة».

معارضة

ورغم أن مقترحات المفوضية لا تمثل تشريعاً جديداً، ولن يتم تنفيذها في وقت قريب بصورة ترضي بعض منظمات حماية البيئة غير الحكومية، فإنها قوبلت بمعارضة قوية من قبل عدد من الدول الأعضاء.

وثار غضب شديد في ألمانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وإيرلندا والدنمارك، خشية أن تعرض الخطة صناعة الصيد بأسرها للخطر.

وجرى الإعلان عن «خطة العمل البحري» للصيد المستدام في 12 فبراير الماضي، وهي تشمل مبادرات للتخلص تدريجياً من الصيد بالشباك الجرافة في أعماق البحر بالمناطق المحمية.

وتهدف الخطة إلى حماية الأسماك والمحار والسلاحف والطيور البحرية، التي تواجه تهديداً جرّاء استخدام معدات الصيد المتنقلة في الأعماق (شباك الجر والجرافات والأحبال والفخاخ) في مناطق ستشكل 30% من المياه الأوروبية بحلول عام 2030.

نشاط تدميري

وتقول المفوضية الأوروبية: «إن الصيد بمعدات متحركة في الأعماق (صيد القاع المتنقل)، خصوصاً الصيد بالشباك الجرافة، يشكل أحد الأنشطة الأكثر انتشاراً وتدميراً لقاع البحر والموائل المرتبطة به».

وفي الوقت الحالي، يعاني نحو 79% من قاع البحار قرب السواحل خللاً، وهو ما يرجع بشكل رئيس إلى الصيد بشباك الجر في القاع، وربما فقدت 25% من المناطق الساحلية للاتحاد الأوروبي الموائل البحرية.

وتتهم إسبانيا وإيطاليا وألمانيا بروكسل بـ«شيطنة» الصيد بالشباك الجرافة.

واتهمت الحكومة الإسبانية بروكسل، أخيراً، بـ«شيطنة» الصيد بالشباك الجرافة، وقالت إن هذا النوع من الصيد يأتي بإنتاج مستدام، ويسهل استعادة مخزون الأسماك.

ودافع وزير الزراعة والمصايد في إسبانيا، لويس بلاناس، عن الحاجة إلى توازن بين العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية، من أجل سياسة المصايد المشتركة، المقبلة، للاتحاد الأوروبي.

وليست الخلافات بين إسبانيا وبروكسل بشأن حظر الصيد بالشباك الجرافة أمراً جديداً.

وفي عام 2022، قدمت الحكومة الإسبانية استئنافاً لمحكمة العدل الأوروبية ضد نظام المفوضية الساري بالفعل، والذي فرض إغلاق 87 من مناطق الصيد بشباك الجر في ساحل البلاد على المحيط الأطلسي.

ودعا وزير الزراعة الإيطالي، فراسيسكو لولوبريجيدا، إلى عقد اجتماع لوزراء الزراعة والمصايد بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم 20 مارس الماضي «لمراجعة خطة العمل»، وقال: «إن إلقاء المسؤولية الحصرية على الصيد بشباك الجر في استنزاف قاع البحر والموارد السمكية، هو تبسيط للأمر».

وقال لولوبريجيدا: «إنه يتعين مراجعة الخطة، بالتنسيق مع الدول الأعضاء، وأطراف صناعة صيد الأسماك». كما شدد على أهمية «عدم معاقبة سفن الصيد الخاصة بنا بقواعد صارمة لا يمكن تطبيقها على دولة ثالثة»، في إشارة إلى دول جنوب البحر المتوسط.

وقال: «من الضروري ضمان الأمن الغذائي والسيادة، دون الحاجة إلى وجهات نظر أيديولوجية، تتطلب حالة من حرمان أعمالنا، مقارنة بدول أخرى في أحواض الصيد نفسها».

وفي إطار الخلاف بشأن خطط الاتحاد الأوروبي، يدعم وزير الزراعة الألماني، جيم أوزدمير، (من حزب الخضر)، صيادي سرطان البحر (الكابوريا) في بلاده، ويقول: «أظهرت النتائج العلمية أن صيد سرطان البحر أهدأ على قاع البحر من أشكال شباك الجر الأخرى في الأعماق».

حملة ضد الحظر

ويقود أوزدمير حملة ضد فرض حظر عام على الصيد في قاع البحار، ويرى أنه يتعين وضع التداعيات البيئية للمصايد المختلفة في الحسبان بطريقة تفاضلية، حيث إن الشبكات الخفيفة نسبياً التي يستخدمها صيادو سرطان البحر، ستثبت على ركائز أدق، بحيث يتعافى قاع البحر والأنواع الموجودة على نحو أسرع، مقارنة بمصايد الأسماك المفلطحة، على سبيل المثال.

وقال الوزير الألماني: «من شأن فرض حظر شامل أن يؤدي إلى طريق مسدود، لا يستطيع صيادو سرطان البحر المتضررين الفكاك منه».

ورغم ذلك، شدد أوزدمير على وجوب تكثيف جهود الصيد المستدام، بما يشمل مزيداً من القواعد الصديقة للبيئة لشباك الجر في القاع.

خطر

هل يمكن أن يؤدي الحظر إلى تعريض صناعة صيد الأسماك للخطر؟

وبحسب التحالف الأوروبي لمصايد الأعماق (إي بي إف آيه)، من شأن فرض الحظر تعريض (7000 سفينة صيد للخطر» أي «25% من كميات الأسماك التي يتم صيدها، و38% من الدخل الكلي للأسطول الأوروبي».

ووفقاً للجنة المصائد الوطنية الفرنسية، من شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى اختفاء نحو «ثلث الأسطول»، أي نحو 4000 من على متن 1200 سفينة صيد في فرنسا.

وفي إسبانيا، تستخدم نحو 10% من سفن الصيد شباك الجر (الجرافة)، وقد حذر هذا القطاع، بقيادة اتحاد الصيد الإسباني، من التداعيات على الاقتصاد والتوظيف حال فرضت بروكسل الحظر المقترح.

وألقت قواعد الصيد التقييدية بمصائد الأسماك الألمانية على بحر البلطيق في أتون أزمة، مع الحظر المفروض على نطاق الاتحاد الأوروبي على الصيد بشباك الجر، ما زاد الضغوط.

وكافحت مصائد الأسماك في ألمانيا في وجه عديد من المشكلات خلال السنوات الأخيرة. وعلى سبيل المثال، لا يمكن في الوقت الحالي صيد أسماك الرنجة، وهي مهمة لصيادي بحر البلطيق، بشكل خاص.

كما يؤثر الصيد الجائر، والمواد المغذية التي تجرفها المجاري المائية، خصوصاً من الزراعة، إضافة إلى تغيّر المناخ، على مخزونات الأسماك.

وعلى الجانب الآخر، دعت أوكرانيا الصيادين إلى المشاركة في مبادرة لوضع نهاية دائمة لأنشطة الصيد، وذلك بتدمير سفن الصيد أو تحويلها إلى أنشطة بعيدة عن الصيد التجاري.

ويوفر الاتحاد الأوروبي التمويل لهذه الخطة، بما يغطي 70% من التكاليف، وتتحمّل كرواتيا نسبة 30% المتبقية.

خطة مخففة

ومن المقرر بدء سريان الإجراءات الأولية بنهاية مارس 2024. وشددت المفوضية الأوروبية في رد على سؤال: «لا يوجد حظر تلقائي أو كامل على الصيد بشباك القاع الجرافة سيدخل حيز التنفيذ قبل مارس 2024».

وقال وزير الدولة الفرنسي لشؤون البحار، إرفيه بيرفيي، إن «خطة العمل الخاصة بالمصائد المستدامة، التي قدمتها المفوضية الأوروبية، تقترح، فحسب، خطوطاً استرشادية للدول الأعضاء».

وأوضحت المفوضية: «سنطلب من الدول الأعضاء تقديم خارطة طريق بحلول عام 2024، ونعتقد أنها جميعا تدرك الحاجة إلى إحراز تقدم بشأن المصائد المستدامة وحماية النظام البيئي، خصوصاً في البحر المتوسط».

وأكدت أن «كثيراً من الصيادين يعتمدون على قاع بحر سليم، ولكن لسوء الحظ، يستمر هذا في التدهور بأنحاء أوروبا». (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها