دويتشه فيله : هل معاداة السامية في ألمانيا أكثر انتشاراً بين المسلمين ؟

في السبت المقدس أو سبت النور، وفي وسط برلين، كان هناك تجمع فلسطيني شارك فيه مئات الأشخاص. أعضاء جمعية “ديموك” الألمانية، التي تراقب الحركات المناهضة للديمقراطية، كانوا يراقبون المظاهرة، ونشروا في وقت لاحق مقطع فيديو من التظاهرة.

بحسب الجمعية، هتف مشاركون عدة مرات “الموت، الموت، الموت لإسرائيل”. وكذلك هتف رجل من سيارة كانت تحمل مكبر صوت “الموت لليهود”، وفقًا للجمعية.

وتحقق أجهزة أمنية بالحادث، وبعد الحادثة بمدة قصيرة تم حظر مظاهرتين مؤيدتين للفلسطينيين. السفير الإسرائيلي في ألمانيا رون بروسور رأى أن المتظاهرين عبروا “كل خط أحمر ممكن”، وكتب على تويتر أن المشاركين أساؤوا استخدام الحريات في ألمانيا للمطالبة بـ”إبادة إسرائيل واليهود”. وبالنسبة لوزير العدل الاتحادي ماركو بوشمان، هناك اشتباه أولي في التحريض على الكراهية.

مثل هذه المظاهرات هي حجة واضحة لأولئك الذين يرون أن معاداة السامية “أكثر انتشارًا بكثير” بين المسلمين والأشخاص ذوي الأصول المهاجرة مقارنة بالأشخاص الذين ليس لديهم خلفية مهاجرة وغير المسلمين.

لكن سينا ​​أرنولد من “مركز أبحاث معاداة السامية” في جامعة برلين التقنية تقول: “اعتمادًا على نوع معاداة السامية التي ينظر إليها المرء، يظهر الأشخاص ذوي الأصول المهاجرة والمسلمون مواقف معادية  للسامية أكثر أو أقل من الأشخاص الذين ليسوا من أصول مهاجرة أو غير المسلمين”.

وتشير أرنولد إلى أنه لا يمكن استخلاص نتائج شاملة حول انتشار معاداة السامية في المجموعات السكانية التي تمت دراستها.

وقد قامت بالاطلاع على أهم الدراسات حول هذا الموضوع ولخصتها لجامعة برلين التقنية بطلب من منصة “Mediendienstes Integration” (خدمة إعلام الاندماج)، وهي منصة للصحفيين حول مواضيع اللجوء والهجرة والتمييز.

أرنولد هي أيضا مديرة مشروع في “معهد أبحاث التماسك الاجتماعي” وأجرت لسنوات دراسات حول المواقف تجاه اليهودية والمحرقة والصراع في الشرق الأوسط. ومن خلال ذلك، تقوم بالتحقيق في أسباب المواقف المعادية للسامية بين اللاجئين والوافدين الجدد الآخرين، وهو مجال جديد تقريبا، لأن الأبحاث حول هذه الموضوعات المثيرة للجدل لا تزال قليلة وضعيفة نسبيًا.

من ناحية أخرى، هناك العديد من الدراسات العلمية التي تظهر أن معاداة السامية ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء المجتمع الألماني.

الأحداث المعادية للسامية مثل تلك التي وقعت في برلين قبل فترة وجيزة من عيد الفصح تنتمي إلى فئة “معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل”. وهذه تكون، على سبيل المثال، عندما يتم مساواة سياسات إسرائيل بالاشتراكية الوطنية (النازية)، أو تحميل اليهود في جميع أنحاء العالم المسؤولية عن سياسات إسرائيل، أو إنكار حق إسرائيل في الوجود.

ووفقًا لأرنولد، هذا النوع من معاداة السامية أكثر شيوعًا بين الأشخاص ذوي الأصول المهاجرة مقارنة بالذين ليسوا من أصول مهاجرة، وتضيف: “ترى الدراسات ارتباطًا بطول مدة الإقامة لدى الأشخاص من أصول مهاجرة. فزيادة الموافقة على العبارات المعادية للسامية يتضاءل كلما طالت مدة بقاء المهاجرين في ألمانيا”. وتوضح أرنولد ما يسمى بـ”تأثير التكيف الثقافي” بالقول: “أي أنه تأقلم مع المحظور الرسمي في معاداة السامية بالمجتمع الألماني”.

في بعض البلدان الأصلية للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة أو المهاجرين في ألمانيا، تنتشر معاداة السامية أكثر من ألمانيا وغالبًا ما تكون جزءًا من دعاية الدولة. وتعد معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل أكثر انتشارًا بين المسلمين. تقول الخبيرة في معاداة السامية: “الأنماط التفسيرية هي التوجه الديني والموقف المحافظ السلطوي والأصل الإقليمي والقومي. أي أن معاداة ممنهجة للصهيونية تحدث في بعض هذه المناطق”.

ومع ذلك، تظهر صورة مختلفة تمامًا عندما يتعلق الأمر بـ”معاداة السامية الثانوية”، وهي تكون عندما يتم إضفاء الطابع النسبي على الهولوكوست أو إنكاره، أو المطالبة بتصفية حسابات من الماضي أو عندما يتم التعبير عن خطاب يعكس دور الضحايا والجناة. تقول أرنولد: “يميل هذا إلى أن يكون أقل شيوعًا بين الأشخاص من أصول مهاجرة، بما في ذلك المسلمين، لأن هذا الشكل من معاداة السامية ينطوي على التعامل مع تاريخ العائلة الألمانية، والذي قد يكون أقل أهمية للأشخاص من أصول مهاجرة”.

الفئة الثالثة هي معاداة السامية التقليدية أو الكلاسيكية. وهي عندما تكون هناك أحكام مسبقة أو نظرة للعالم يُنسب فيها لليهود خصائص بيولوجية أو “عرقية” أو ثقافية معينة. وغالبًا ما تتحد هذه الصور النمطية لتشكل نظريات المؤامرة.

تقول أرنولد: “هنا البحث متناقض في الواقع. هناك دراسات وجدت قيمًا أعلى، وأخرى مماثلة، وأخرى قيم أقل في الأشخاص ذوي الأصول المهاجرة مقارنة بالأشخاص الذين ليست لديهم خلفية مهاجرة”، وتضيف: “الذين لديهم أعلى نسبة من معاداة السامية هم الأشخاص ذوو الأصول المهاجرة والذين لا يحملون الجنسية الألمانية”.

هنا، تصبح معاداة السامية مسألة أجيال وأصل اجتماعي وثقافي. على سبيل المثال، من المرجح أن يوافق المهاجرون على تصريحات معادية للسامية أكثر من أطفالهم المتجنسين. وهناك أيضًا اختلافات كبيرة فيما يتعلق بالبلدان الأصلية.

تقول أرنولد: “معدلات الموافقة على التصريحات المعادية للسامية أقل بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أصول مهاجرة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالأشخاص من أصول مهاجرة تركية أو عربية”.

وفقًا لدراسات أرنولد، بالنسبة لأكثر من خمسة ملايين مسلم في ألمانيا، فإن معدلات الموافقة على معاداة السامية الكلاسيكية أعلى عمومًا من غير المسلمين. وبالإضافة إلى التفسير العقائدي الأصولي أو التقليدي المحافظ للدين والقومية العربية، فإن التأثر الشخصي بسبب الصراع في الشرق الأوسط هو أيضًا من بين التفسيرات المحتملة.

بالمناسبة، توصل مشروع البحث “برلين مونيتور” إلى نتيجة مثيرة للاهتمام في عام 2019 مفادها أن بعض المسلمين ممن يحملون مشاعدر معادية للسامية “لا يختلفون من حيث قيمهم ومواقفهم المحتملة عن الدوائر المحافظة والسلطوية للألمان (غير المسلمين)”- أي مثل بعض ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا، لأن معاداة السامية تتأثر بالدين بقدر أقل من التأثر بالمواقف السلطوية المحافظة. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها