بأوراق الصنوبر .. سورية تحيي صناعة السلال في لبنان

باستخدام أوراق شجر الصنوبر تتفنن الشابة السورية مروة أبو خليل في صناعة السلال بإحدى المناطق الجبلية في لبنان، بعدما اكتشفت أن العودة إلى أحضان الطبيعة هو الخيار الأنسب للحياة.

قصة مروة مع هذه الحرفة بدأت قبل 5 سنوات عندما قررت ترك حياة المدينة والسكن في منطقة “عاليه” الريفية شرق العاصمة بيروت والتي تتميز بكثافة أشجار الصنوبر، وسرعان ما وجدت بأوراق هذه الأشجار طريقها نحو الإبداع والفن ولاحقاً كمصدر رزق.

مروة (28 عاماً) انتقلت من سوريا إلى لبنان عام 2012 إثر الحرب في بلادها، ثم درست في كلية “الفنون الجميلة” بالجامعة اللبنانية في بيروت وتخرجت عام 2016 ثم عملت في مجال الإخراج والإنتاج الإعلامي.

لكن العمل بدوام روتيني داخل مكتب بالإضافة إلى ضجيج المدينة، كلها عوامل دفعتها عام 2018 لتغيير نمط حياتها من خلال الانتقال إلى منطقة جبلية هادئة تحيطها الأحراج والغابات.

وقالت مروة للأناضول، إنها “لاحظت فور انتقالها إلى الجبل أن أشجار الصنوبر تحيط بها من كل اتجاه، وكيفما مشت تجد أوراقها مكدسة على الأرض (..) لذلك بدأت البحث عما يمكن أن يصنع من تلك الأوراق الرفيعة والطويلة”.

وأردفت: “بعد البحث تبين لي أن سكان أمريكا الأصليين كانوا يصنعون السلال من تلك الأوراق، فبدأت أتعلم هذه الحرفة وبعد محاولات وتجارب عديدة، أتقنتها فعلياً عام 2020”.

وهكذا اكتشفت الشابة السورية أنه من خلال الطبيعة يمكنها أيضاً التعبير عن نفسها فنياً، وراحت تبدع في صناعة السلال بأشكال وأحجام مختلفة.

ولتأمين موادها الأولية تمشي مروة بشكل دائم في الطبيعة حيث تجمع القش وأنواع أخرى من النباتات وأوراق الأشجار، وهي المرحلة الأولى من صناعة السلال.

وتختلف أوراق الصنوبر عن باقي أوراق الأشجار بأنها إبرية الشكل تنمو في حزم ثنائية أو ثلاثية، وتتساقط بكميات كبيرة خلال فصل الخريف.

وبعد جمع القش تبدأ مروة بتشذيبها واختيار الجيدة منها، ومن ثم تنظيفها وغسلها، قبل البدء بغزلها، بكل دقة وصبر وهدوء.

ولفتت إلى أن قديما كان البشر يستفيدون من البيئة التي يعيشون فيها، فيصنعون حاجاتهم (السلال وغيرها) من الموجودات في محيطهم مثل الأشجار والنباتات والصخور.

ومن خلال هذه الحرفة تخفف مروة من كمية القش المكدسة في الطبيعة وعلى جانبي الطرقات، والتي تعتبر أنها “سببا رئيسيا لحرائق الغابات في لبنان”، بحسب قولها.

وفضلا عن أن صناعة السلال من هذا النوع من الأوراق تعتبر قيمة جمالية وفنية، فإنها تشكل بديلاً عن استخدام الأواني البلاستيكية والأكياس أحادية الاستعمال.

وأضافت: “هذه الحرفة تعد صديقة للبيئة كونها لا تستخدم فيها أي مواد ملوثة أو مصنعة، كما يمكن استعمال السلال يومياً أو تعليقها على الحائط كعنصر تجميلي”.

وأشارت الفنانة السورية إلى أنها لاحظت أن هذه الحرفة مهملة ولا يعيرها المواطنون اهتماما كافياً، لذلك قررت تعليمها للآخرين.

وفي هذا الإطار تُنظم مروة ورشات عمل لتعليم هذه الحرفة للكبار والصغار، ومنذ حوالي عام أصبحت هذه الحرفة سواء بالصناعة او التعليم مصدر الرزق الوحيد لها. (Anadolu)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها