كيف تحولت المناجم المكشوفة في ألمانيا الشرقية إلى بحيرات ترفيهية ؟
بعد بضعة أيام على مرور سفينة نقل الجير التي كانت تبحر عبر بحيرة “زيدليتس” في شرق ألمانيا، يقول الأفراد إن المياه هناك بنفس زُرقة المياه في منطقة البحر الكاريبي.
وشأنها شأن العديد من البحيرات الأخرى في هذه المنطقة الحدودية الواقعة عند ولايتي براندنبورج وساكسونيا والمعروفة باسم “لاوزيتس”، الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب العاصمة برلين، كانت بحيرة “زيدليتس” في يوم من الايام منجما مكشوفا، ثم غمرتها المياه في الوقت الحالي، وهو ما يزال مستمرا.
ولا تزال المياه التي تغمر بحيرة “زيدليتس” حمضية إلى حد ما، وذلك نتيجة لأنشطة التعدين المكثفة التي تتم هناك. ويعد المحتوى الحمضي ضارا بالنباتات والأسماك، كما يضر بالاستحمام هناك أيضا. وهذا هو السبب وراء إبحار سفينة الجير في تلك المياه، حيث تعمل على نشر الجير هناك لتحييد الحموضة.
ومن المقرر الانتهاء من غمر بحيرة “زيدليتس” بالمياه في عام 2025، حيث ستكون حينئذ واحدة من أكبر البحيرات الاصطناعية في المنطقة. ويوجد هناك شاطئ بالفعل، على الرغم من عدم السماح لأي شخص بنزول الماء. ولكن يسمح للزائرين – على الأقل – بالاستمتاع ببعض الحمامات الشمسية – عندما تكون الشمس ساطعة.
ولمعرفة كيف يمكن أن تبدو الأمور في هذه المنطقة في يوم من الأيام، يمكن النظر إلى بحيرة “زنفتنبيرج”، الواقعة على بعد بضعة كيلومترات في الاتجاه الجنوب الغربي. إنه مخطط لتحويل منطقة التعدين هناك إلى منطقة ترفيهية، ونقطة انطلاق لرؤية خاصة بمنطقة بحيرات “لاوزيتس”.
وكان كل شيء قد بدأ في عام 1967، من خلال غمر المنجم المكشوف في “نيمتش” بالمياه وتحويله إلى بحيرة، وهي التي تم فتحها أمام المواطنين في عام 1973. وتوفر بحيرة “زنفتنبيرج” كل ما يحتاجه الراغبون في قضاء العطلات على الشاطئ، حيث يقدم المكان شاطئا رمليا، ومنتزها كبيرا لقضاء العطلات، مع وجود أماكن للتخييم، وأكثر من 200 مسكن للعطلات، إلى جانب مناطق جذب أخرى في المنطقة.
ويقول السكان المحليون إن نوعية المياه هناك جيدة للغاية، مشيرين بحالة من الفخر إلى ارتفاع “العلم الأزرق” هناك على مدار أعوام كثيرة فوق الشاطئ في “جروسكوخن” على الشاطئ الجنوبي للبحيرة. ويعد “العلم الازرق” ختما يشير إلى جودة المياه.
وتوفر مدينة زنفتنبيرج الواقعة على الشاطئ الشمالي، فنادق على ضفاف البحيرة، ومرسى حديث يحتفل هذا العام بذكرى مرور 10 أعوام على إقامته. كما يمكن للزائرين استكشاف المنطقة بالدراجات، من خلال ركوبها في ممرات مخصصة لركوب الدراجات، تمتد بطول 1900 كيلومتر. ومن خلال ممر واحد، يربط “ليكس روت” (أو /طريق البحيرات/) الذي يبلغ طوله 200 كيلومتر، بين 16 بحيرة.
وبعيدا عن الماء، يمكن للزائرين تتبع تاريخ التعدين في المنطقة. فمن المثير للإعجاب أن يقوم المرء بزيارة محطة كنابنروده للطاقة، الواقعة بالقرب من بلدة “هويرسفيردا”، حيث كان يوجد مصنع للفحم الحجري من قبل.
ويمكن للزائرين القيام بجولة عند منشآت إنتاج الفحم القديمة، والاستماع إلى الأصوات التي كانت تصدر عن المصنع في يوم من الأيام.
لقد كانت منطقة “لاوزيتس” في يوم من الأيام، تضم كما مذهلا من مصانع إنتاج الفحم الحجري، التي كان يبلغ عددها 120 مصنعا.
وفي ظل توسع شبكة السكك الحديدية البخارية في ألمانيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، انتشرت هناك المصانع التي كانت تقوم بمعالجة الفحم المنقول من المناجم في المنطقة. وفي أوج ازدهاره، كان المصنع الذي أقيم في كنابنروده ينتج وحده 1500 طن من الفحم الحجري أثناء كل وردية عمل.
وكان قد تم إغلاق المصنع في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بعد وقت قصير من إعادة توحيد ألمانيا.
أما اليوم، لا يزال هناك مصنع واحد للفحم الحجري يعمل هناك. كما اختفت المناجم المكشوفة من المكان. وفي عام 1980، كان لا يزال هناك 19 منها، ولكن بعد إعادة توحيد ألمانيا تسارعت وتيرة تدهورها. ولا تزال هناك أربع مناطق للتعدين حتى يومنا هذا، ولكن أيامها معدودة أيضا، بموجب خطط ألمانيا للانسحاب من تعدين الفحم على المدى المتوسط. ويعني ذلك إقامة المزيد من البحيرات في المنطقة. وفي الوقت الحالي، تم فتح 20 بحيرة للسباحة، أغلبها كانت مناجم مكشوفة من قبل. (DPA)[ads3]