مشروع للغاز المسال يثير جدلاً في جزيرة ألمانية

 

أثار مشروع لإقامة محطة للغاز المسال في جزيرة روجن الألمانية، المطلة على بحر البلطيق، جدلاً بين سكانها منذ أن علموا بأن ميناء “موكران” على مسافة ضئيلة من أشهر جرف صخري سيستقبل بدوره المحطة.

وتعمل حكومة ألمانيا على وجه السرعة منذ عام على إقامة محطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال على طول سواحلها، وذلك سعياً لضمان إمدادات بديلة عن الغاز الروسي.

لكن قسماً من سكان الجزيرة، البالغ تعدادهم 65 ألفاً، يتصدون منذ عدة أشهر للمشروع، فينظمون تظاهرات ويوقعون عرائض ليعربوا عن مخاوفهم حيال التبعات المحتملة على البيئة وعلى النشاط السياحي.

وتعد الجزيرة قبلة رائجة لقضاء العطل بسبب الرمال البيضاء على شواطئها وبحرها الأزرق الصافي، كما أنها معروفة بثروتها الحيوانية والنباتية ومحمياتها الطبيعية.

إذ لا تنسجم طبيعة “لؤلؤة البلطيق”، كما توصف الجزيرة، مع مشهد حاملات الغاز الضخمة القادمة لإفراغ الغاز المسال في المنصات التي تعتزم الحكومة الألمانية إقامتها في موكران لإعادة تحويله إلى غاز.

وفي هذا الإطار، قد تضطر ميلاني شميت، التي اختارت العيش في روجن لجمال الجزيرة الواقعة في بحر البلطيق وروعة مشهد خليجها، إلى الرحيل عنها بسبب المشروع.

وتخشى ميلاني شميت، التي تملك مزرعة عضوية تربي فيها خرافا وتزرع الجوز، “ألا يعود بإمكانها النوم” بسبب الضجيج الذي ستصدره منشآت معالجة الغاز الطبيعي المسال.

من جهته، تساءل كارستن شنايدر، رئيس بلدية بينز، المنتجع الواقع على شواطئ الجزيرة: “أليس هناك مواقع أخرى في بحر البلطيق أو بحر الشمال تكون أقل وطأة على الطبيعة والناس والسياحة من جزيرة روجن؟”.

بدوره، قال توماس كونستمان، أحد منظمي مجموعة محلية من الناشطين، بنبرة حاسمة: “لا مكان بكل بساطة لمرفأ صناعي هناك”، محذراً من أن مد أنبوب لغاز جديد حول الجزيرة قد “يبلبل النظام البيئي فيها بمروره مباشرة عبر مواقع تناسل سمك الرنجة”.

غير أن وزارة الاقتصاد والمناخ التي يتولاها الوزير المناصر للبيئة روبرت هابيك قالت إنه “تم تقييم تداعيات المشروع على البيئة”، وتحت ضغط الاحتجاجات المعارضة، خفضت الحكومة حجم المشروع الأساسي غير أنها لا تعتزم التخلي عنه.

وتوقفت الإمدادات الروسية التي كانت تؤمن احتياجات ألمانيا من الغاز المتدني الثمن منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير العام الماضي، إذ عمدت موسكو بداية إلى خفض إمداداتها لأوروبا قبل أن تتوقف صادرات الغاز تماماً بعد عملية تفجير أنبوب “نورد ستريم” في ظروف لم تتضح بعد قبل ثمانية أشهر.

ونجحت ألمانيا في تفادي أزمة اقتصادية كبرى هذا الصيف من خلال استيراد الغاز المسال الذي تعتبر الولايات المتحدة وقطر من كبار مورديه.

ودخلت ثلاث محطات عائمة للميثان الخدمة في أواخر 2022، بعدما رصدت برلين لها مليارات اليورو، فيما يجري العمل على إقامة منصات أخرى.

غير أن فاعلية هذه القدرات الإضافية في جزيرة روجن تبقى موضع تشكيك، إذ قال شنايدر: “يبدو أننا سنقضي الشتاء المقبل بدون مشكلة كبرى، إذ تم تفادي انقطاع كبير في الغاز حتى الآن”.

وترى وزارة الاقتصاد أن من الضروري إقامة “شريط أمان” لضمان إمدادات الطاقة في ظل احتمال تراجع الواردات، حال حصول حوادث أو عمليات تخريب أو غيرها من الأحداث الخارجية، وسط بيئة جيوسياسية أكثر توتراً من أي وقت مضى.

وشددت على أن المحطات العاملة حالياً تتركز في شمال غربي ألمانيا، حيث بلغت شبكات الإمداد أقصى طاقاتها، في حين أن إقامة منشآت في بحر البلطيق إلى الشرق ستسمح بتوزيع الإمدادات بشكل متوازن على البلد. (AFP)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها