من ” سوريا الأسد ” إلى ليبيا : رحلة السوريين الشاقة أملاً بالوصول إلى أوروبا

 

من سوريا إلى ليبيا فأوروبا، ينطلق مهاجرون سوريون في رحلة محفوفة بمخاطر قد تكلّفهم حياتهم، تبدأ بتوجيه رسالة عبر الهاتف الى مهرّب، قبل الانتقال الى ليبيا ثم الإبحار عبر المتوسط… الى المجهول.

ويعتمد السوريون المنهكون من مآسي الحرب على مهرّبين ينقلونهم من بلدهم إلى ليبيا الغارقة في أزماتها أيضاً، ليعبروا منها إلى أوروبا، وجهة أحلامهم، إن حالفهم الحظ ولم تبتلعهم مياه البحر الذي تعد منطقته الوسطى “أخطر طريق هجرة” في العالم.

وتُعد ليبيا منطلقاً أساسياً لمهاجرين من دول عدة يبحرون على متن مراكب متهالكة ومكتظة من دون ما يكفي من الطعام والمياه ومن دون أبسط معايير السلامة.

في حزيران/يونيو الماضي، غرق مركب صيد انطلق من ليبيا وعلى متنه 750 شخصاً بينهم 141 سورياً على الأقل، قبالة شواطئ اليونان. لكن خفر السواحل أنقذ 104 ركاب منهم فقط.

ويقول مهرّب في محافظة درعا الواقعة تحت سيطرة قوات النظام السوري في جنوب سوريا، لوكالة فرانس برس، “ننهي العمل كلّه عبر الهاتف”.

ويضيف “إذا وافق الشخص على تفاصيل العرض، نطلب نسخة من جواز سفره ونحدّد مكاناً يضع فيه المبلغ المتفّق عليه. لسنا بحاجة لأن نلتقي أحداً”.

وتُشكّل مكاتب سفر عدة في المحافظة واجهة لمهرّبين متخصّصين في تنظيم رحلة الهجرة، وفق ما يقول مهاجرون من درعا لفرانس برس.

وتلقّت فرانس برس بعدما راسلت أحد المكاتب عبر تطبيق “واتساب” منتحلة صفة طالب هجرة، عرضا مقابل 6500 دولار، يتضمن تأمين موافقة أمنية ليبية، وتذكرة سفر، واستقبالا ونقلا في ليبيا، وإقامة في فندق أو شقق مفروشة، فضلاً عن سترة نجاة وكلفة الإبحار إلى إيطاليا.

ويجزم مقدِّم العرض أن المنامة لن تكون في مستودع أو مخزن، وأنّ بإمكان المسافر الاحتفاظ بحقيبته وهاتفه الخلوي، وهما أمران يجمع مهاجرون على أنه لا يتم الالتزام بهما.

– “ضرب وإهانة” –

ومنذ استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها في 2018، تعاني محافظة درعا التي شهدت موجات هجرة واسعة خلال السنوات الماضية بحسب سكان ومهاجرين، من فوضى أمنية تتخلّلها اغتيالات واشتباكات وتهريب مخدرات. ويشكو سكانها كما أهل باقي المحافظات من أزمة اقتصادية خانقة.

ويقول المهرّب الذي بدأ نشاطه قبل نحو خمس سنوات، “في العام الأول، أخرجنا مجموعة واحدة، أما الآن فنخرج مجموعة كل شهر”، مضيفاً “تبيع الناس منازلها للمغادرة”.

ويروي أنه يحجز من سوريا تذاكر السفر وينظّم عملية الدفع لدى طرف ثالث، تكون أحياناً، وفق مهاجرين، شركة صيرفة تتقاضى عمولة.

وينصّ الاتفاق مبدئياً أن يتسلّم المهرب المال بعد بلوغ المهاجرين وجهتهم.

من مناطق سيطرة الحكومة السورية، يمكن السفر إلى شرق ليبيا عبر رحلات جوية مباشرة بين دمشق وبنغازي أو العبور إلى لبنان والسفر عبر شركات طيران مختلفة في رحلات تتخلّلها محطات ترانزيت عدّة.

واطلعت فرانس برس على حجز مشترك لنحو عشرين سورياً غادروا مطار بيروت إلى دولة خليجية ومنها إلى مصر ثم ليبيا.

ومن دمشق، تسيّر شركة أجنحة الشام رحلات مباشرة إلى بنغازي، بدأتها، وفق ما يقول مدير تطوير الأعمال والعلاقات في الشركة أسامة ساطع، “نتيجة عدم وجود أي شركة طيران تنقل المواطن السوري المقيم هناك إلى سوريا”، مشيرا الى وجود جالية سورية كبيرة في ليبيا.

ويوضح لفرانس برس أن دور الشركة، على غرار شركات السفر حول العالم، نقل المسافر الذي يحوز وثائق سفر صالحة صادرة عن السلطات الليبية، مشدداً على أن “عملية نقل السوريين ليس هدفها بالتأكيد المساهمة في التهريب أو الهجرة”.

ويضيف “لسنا شرطياً يكشف نوايا المغادر إلى ليبيا وما إذا كان هدفه العمل أو الزيارة أو الهروب”.

وتعرضت أجنحة الشام في 2021 لعقوبات من الاتحاد الأوروبي بتهمة نقل مهاجرين إلى بيلاروس اعتبرتها “مجحفة”، قبل أن يُصار إلى رفعها لاحقاً.

– “كبسة زر” –

يصل السوريون إلى ليبيا المقسمة بين غرب وشرق عبر مدخلين رئيسيين: بنغازي شرقا، أبرز مدن معسكر المشير خليفة حفتر الذي تربطه علاقات بدمشق، أو طرابلس (غرب) حيث الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة وتعدّ تركيا من داعميها.

ويقول المهرّب “شريكي في ليبيا مكلّف بالحصول على الموافقات (الأمنية) والاهتمام بالمجموعة بعد وصولها، وتأمين المركب” إلى أوروبا. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها