ألمانيا : إفلاس لمتاجر أحذية و ألبسة .. هل شاين و تيمو هما السبب ؟

 

قدر خبراء اللوجستيات في ألمانيا عدد شحنات الطرود لمصلحة شركة “شاين” الصينية لمبيعات التجزئة بنحو 30 مليون يورو هذا العام، ما يعني أن مبيعات الشركة في البلاد ستتجاوز المليار يورو، والتوقعات بأن زميلتها تيمو” الحديثة نسبياً باتت تتفوق عليها حالياً، على الرغم من أن برلين لم تدخل قائمة الأولويات الآسيوية إلا في المرحلة الأخيرة، وهذا الجذب الكبير حتّم المزيد من حال التوتر بين كبريات الشركات الألمانية.

فماذا عن موجات الإفلاس التي ضربت المتاجر المشهورة في مبيعات التجزئة للألبسة والأزياء الجاهزة في ألمانيا، مع استراتيجية التجارة الإلكترونية الصينية والثورة التي أحدثتها شركتا “شاين” و”تيمو” في عالم بيع السلع عبر المنصات الرقمية، باعتمادهما مفهوم “الموضة حسب الطلب” وتستند إلى نموذج من “المستهلك إلى الشركة المصنعة”(سي تو أم)؟

أدت جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة إلى مشكلات تجارية في العديد من القطاعات حول العالم، ومن بينها ألمانيا، ومن بين أمور أخرى، أثرت أيضاً بشدة استراتجية التجارة الإلكترونية الصينية على صناعة الأحذية والألبسة، وطال الإفلاس والتعسر ما لا يقل عن 95 من المؤسسات ودور الأزياء الشهيرة وحتّم عليها إغلاق فروعها ومتاجرها الإلكترونية بعدما عانت من المنافسة، وبخاصة محال الألبسة الجاهزة، بينها لماركات مشهورة مثل “هالهوبر” التي تملك 110 فروع في البلاد رغم سعي المحكمة في ميونيخ مع الأطراف المهتمة لضمان استمرار وجود هذه العلامة التجارية، كما مؤسسات أخرى مثل “بيك أند كلوبنبرغ” و”غورتز” و”أورساي” وغيرها. فيما شركات أزياء مثل “أتش أند أم” السويدية و”زارا” الإسبانية الرائدتين في عالم صناعة المنسوجات شهدت تراجعات في المبيعات داخل البلاد. وعلى ما يبدو، فإن الشركتين الصينيتين في طريقهما لإطاحة شركتين عريقتين لأسعارهما الرخيصة جداً، بعدما صنعتا اسماً لنفسيهما بفعل تطور العالم الرقمي ونجاح ابتكاراتهما في الموضة بحسب الطلب، والخشية من فرض مسارهما في سوق المبيعات.

تحظى شركتا “شاين” و”تيمو” بشعبية كبيرة بين المواطنين في ألمانيا ومختلف أنحاء العالم، مع تزايد مبيعاتها بأسعار منخفضة عن المحال التجارية الرقمية الأخرى، ومفهوماً جذاباً في وقت تشهد فيه موازنات الأفراد وقدراتهم الشرائية تراجعاً ملحوظاً مع ارتفاع نسبة التضخم. كل ذلك، مع مزايا تفاضلية أخرى أهمها الإنتاج السريع والنفقات الإعلانية المرتفعة وتطور انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما سمح لهما بتحقيق نمو سريع في المبيعات أبعد من جميع العلامات التجارية الكبرى.

وبخصوص نموذج “سي تو أم”، فإنه يعتمد على تحديد الاتجاهات الشائعة في الوقت الفعلي باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويتم تقديم السلعة كمنتج قابل للشراء على التطبيق وعلى موقع الويب في غضون أيام قليلة. وفي غضون بضعة أسابيع فقط تنتج تقنية “سي تو أم” ما هو مطلوب على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال تخدم طلب المستهلك، علماً أنه غالباً ما يتم اختبار تسويق الكميات الصغيرة قبل مضاعفة الإنتاج. وهنا يعد الوقت الفعلي وغياب الوسطاء سببين رئيسيين لكفاءة أعلى وأساسية لنموذج “سي تو أم”.

تأسست “شاين” لمبيعات التجزئة للملابس بحسب الطلب عام 2008، وباتت اليوم تهتم بعرض كل أنواع السلع وصولاً إلى الإلكترونيات، وتم نقل مقرها من الصين إلى سنغافورة، حيث تقوم بشحن السلع إلى أكثر من 220 دولة ومنطقة حول العالم، وأسعارها أقل بكثير من أسعار تجار مبيعات التجزئة التقليديين. أما “تيمو” فهي منصة مبيعات تجزئة جديدة نسبياً عبر الإنترنت، تأسست في أيلول (سبتمبر) عام 2022 ومقرها ماساتشوستس، وأسعارها أقل بنسبة 20 إلى 30% من “شاين”، رغم أن الأخيرة أكثر أهمية بسبب مسارها وتطورها على مدى السنوات الماضية. لا مراكز توزيع لـ”شاين” في بولندا وحسب، بل هناك أيضاً منتجون على صلة بتركيا.

أشار تحقيق لصحيفة “فرانكفورتر الغماينه”، إلى أن قائمة الانتقادات تتراوح من ظروف العمل غير الإنسانية واستخدام المنسوجات الملوثة كيميائياً وصولاً إلى بيعها للإكترونيات التي لم تتم المصادقة على جودتها في دول الاتحاد الأوروبي، ومن بينها ألمانيا، إلى التلوث البيئي الناجم عن التوسع المنهجي للاستهلاك غير الدائري والذي ينتج منه الكثير من المخلفات والانبعاثات الضارة، إلى غياب الصدقية، وبقدر كبير حول إعانات الدعم اللوجستية من خلال الاتفاقية البريدية العالمية، فضلاً عن عتبات الاستيراد المعفي من الرسوم الجمركية للشحنات الفردية (150 يورو). والسؤال المفتوح الآن من مراقبي السوق حول ما إذا كانت التصريحات غير الصحيحة التي يتم تقديمها منهجياً في بعض الأحيان، مع افتقار الجمارك إلى الوسائل اللازمة لفحص العينات الكبيرة مع تطور مفاهيم التوريد والخدمات اللوجستية.

وبينت التحقيقات الاستقصائية أنه يتم الاستثمار في شبكة من المستودعات في أوروبا، ما سيمكنها من نقل المخزونات داخل السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي وخدمة العملاء وفقاً للوائح وتعريفات الاتحاد الأوروبي، لكن الخطر الأكبر الذي يواجه اللاعبين الجدد يبقى في تجارب العملاء السيئة، لأنه حتى البضائع الرخيصة تحتاج إلى تجربة مقبولة للمنتج والخدمة. علاوة على ذلك، تؤدي عمليات التسليم المفقودة أو غير المكتملة والمنتجات المعيبة وعمر الخدمة القصير للغاية إلى التفاعلات الجلدية بسبب التلوث الكيميائي للمواد إلى فقدان عملاء جدد تم استقطابهم في أوقات سابقة، وبالتالي الابتعاد من نموذج عمل قابل للاستمرارية.

وعن إمكان تحسن الوضع مستقبلاً بالنسبة إلى قطاع تجار التجزئة في ألمانيا، اعتبر شتيفان فينزل الرئيس التنفيذي المشارك لمجموعة البرمجيات والخدمات المتخصصة في الأسواق عبر الإنترنت، أنه لا ينبغي للتجار أن يأملوا ذلك، وبدلاً من ذلك عليهم أن يسألوا أنفسهم وبفعل التنظيم المتأخر، عما يمكن أن يحسن جودة العرض وفقاً للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (أي أس جي)، لافتاً إلى أن الأمر يستحق استثمار الجزء الأعظم من طاقاتهم في إبداعاتهم الخاصة، والتحقق من أي أجزاء من النماذج الجديدة منطقية ويمكن اكتسابها، كما اعتماد أساليب توريد أكثر كفاءة، وتنشيط العملاء ذوي القيمة المضافة بما يتجاوز ثلاثاً إلى أربع عمليات شراء سنوياً. وليشدد على أن المهمة الأكثر أهمية تكمن في مواصلة تطوير المقترحات والمفاهيم الخاصة بالفرد، لا سيما أن الابتكار ليس مهماً فحسب، بل أصبح الآن ملحاً أيضاً. (annaharar)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها