عشرات الضحايا و الجرحى جراء قصف حزب الله لبلدة سورية محتلة .. الحزب ينفي و إسرائيل تتوعد
نفى حزب الله ضلوعه في الهجوم على قرية مجدل شمس في الجولان المحتل.
وفي بيان صادر عن الحزب في لبنان، قال: “تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفياً قاطعاً الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس، وتؤكد أن لا علاقة للمقاومة الاسلامية بالحادث على الإطلاق، وتنفي نفياً قاطعاً كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، عن سقوط قتلى في بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، بعد إطلاق حزب الله لصواريخ، وفق قولها.
وأعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلي ارتفاع حصيلة قتلى سقوط الصاروخ على مجدل شمس إلى 11 والمصابين إلى 24 بينهم 6 بحالة خطرة، علماً أن القصف طال ملعباً لكرة القدم خلال مباراة للأطفال.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن لمتابعة الأوضاع على الحدود الشمالية. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو سيجري مشاورات عبر الهاتف بمشاركة وزراء وقادة الجيش والأجهزة الأمنية.
وقالت 13 الإسرائيلية إن نتنياهو سيترأس بعد ظهر يوم الأحد اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر لمتابعة الوضع.
وقال نتنياهو: “حزب الله سيدفع ثمنا باهظا لهجوم مجدل شمس لم يسبق أن دفع مثله”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس: “نحن نقترب من لحظة حرب شاملة في الشمال ضد حزب الله”.
فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن رئيس الأركان “يجري تقييماً للوضع” مع قائد القيادة الشمالية وقائد القوات الجوية وأعضاء آخرين، في أعقاب الهجوم على منطقة مجدل شمس والحدود الشمالية مع لبنان.
واتهم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي القائد الميداني بحزب الله علي محمد يحيى بأنه “المسؤول” عن تنفيذ عملية إطلاق الصاروخ على مجدل شمس.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن تحليلات الأنظمة المعلوماتية تؤكد أن الصاروخ أطلق على مجدل شمس من شمال قرية شبعا جنوب لبنان وأن حزب الله يقف وراء إطلاق الصاروخ على القرية الواقعة في الجولان المحتل.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الوزير “حدد اتجاهات العملية ضد حزب الله”.
ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله: “نفي المقاومة ما جرى في مجدل شمس يؤكد عدم مسؤوليتها ومسؤولية لبنان عما حصل”، وأضاف في اتصال مع المنسقة الأممية الخاصة بلبنان أن “لبنان ومقاومته ملتزمان بقواعد الاشتباك وعدم استهداف المدنيين”.
كما أدانت الحكومة اللبنانية أعمال العنف ضد المدنيين وتدعو لوقف فوري للأعمال العدائية على كل الجبهات، وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء اللبناني.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكي جو بايدن “متطلع” على الحدث في مجدل شمس ويتوقع الأميركيون رداً إسرائيلياً خلال 24 ساعة في لبنان، ومن المتوقع أن يكون الرد قوياً، بحسب مسؤول أميركي كبير إذا تبيّن أن الصاروخ أطلقه حزب الله.
ودعا مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الدولي جوزيب بوريل لإجراء تحقيق دولي في حادث مجدل شمس، مضيفاً: “نحث جميع الأطراف على ضبط النفس”.
وتُعد مجدل شمس أكبر القرى الدرزية في مرتفعات الجولان السوري المحتل منذ 1967، تقع عند سفح جبل حرمون، ويقطنها حوالي 12 ألف نسمة، ورغم محاولة إسرائيل على مدى عقود لطمس هويتهم، لكنهم متمسكون بانتمائهم إلى سوريا.
ولهذه القرية أهمية تاريخية تعود إلى عصور قديمة، وذلك لموقعها الاستراتيجية من جهة، وخصوبة أراضيها من جهة أخرى، كما شهدت صراعات مختلفة، أبرزها في ستينات القرن الماضي، عندما سقطت مرتفعات الجولان بيد الجيش الإسرائيلي، قبل أن يضمها رسمياً مطلع الثمانينات، لكن السيطرة الإسرائيلية على الجولان لم تحظ بأي اعتراف دولي، باستثناء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي أقرّ بسيادتها على المرتفعات أثناء ولايته الوحيدة.
وعلى غرار سكان الجولان، يتمسك أهالي مجدل شمس بهويتهم السورية، وقاوموا لعقود محاولات إسرائيل فرض قوانينها وهويتها عليهم.
ولطالما أعلنت إسرائل أنها لن تتخلى عن مرتفعات الجولان التي تُسيطر عليها منذ أكثر من نصف قرن، مؤكدة على لسان مسؤوليها أنها ماضية في بناء المزيد من المستوطنات، بينما تستنكر دمشق تلك التصريحات وتصفها بـ”العدوانية”، متهمة تل أبيب بانتهاك قرارات الشرعية الدولية.
وتمتد مجدل شمس على مساحة 12 كيلو متر مربع في هضبة الجولان التي تُقدر مساحتها بـ 1860 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ أقصى ارتفاعاتها في جبل الشيخ 2814 متراً، بينما تعد منطقة البطيحة أخفض نقطة عن سطح البحر (200 متر).
وإلى جانب غناها بالمياه ومناخها المعتدل والمتنوع، وخصوبة أرضها ومناسبتها لزراعة أجود أنواع التفاح والعنب الكرز، شكّلت هضبة الجولان عبر تاريخها نقطة تلاقي حضارات وثقافات ومسرحاً للعديد من الصراعات. كما تُعد القرية نقطة انطلاق للرحلات والمشي والتزلج على جبل الشيخ.
وتعود تسمية أماكن كثيرة في الجولان إلى الحضارات التي قطنت أرضه، مثل “مَجْدَل” والتي تعني البرج أو القلعة باللغة الكنعانية.
وبعد الحرب العالمية الأولى أصبح الجولان جزءاً من مناطق الانتداب الفرنسي لسوريا، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى سوريا المستقلة، وإبان “الثورة السورية الكبرى” في عام 1925، قاد الزعيم الشعبي أسعد كنج أبو صالح مئات المقاتلين من مجدل شمس والبلدات الأخرى في المعارك ضد القوات الفرنسية.
وخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 قامت سوريا بتحصين القمة الغربية لمرتفعات الجولان التي تقع في وادي الحولة وبحيرة طبرية ووادي نهر الأردن الأعلى.
وفي اليومين الأخيرين من حرب الأيام الستة عام 1967، وجّهت القوات الإسرائيلية بعد هزيمة مصر والأردن، اهتمامها صوب سوريا، إذ استطاعت بمساعدة الغطاء الجوي الذي وفرته طائراتها بناء طرق وصول إلى مرتفعات الجولان شديدة الانحدار، ثم شنّت هجوماً باستخدام سلاح المدرعات والمشاة، واستطاعت السيطرة على كامل المنطقة.
وبعد احتلال القوات الإسرائيلية للجولان عام 1967، اضطر الكثير من أهالي المنطقة إلى النزوح، وقد حدث ذلك على مرحلتين، الأولى شملت 30 ألف نازح إلى دمشق ودرعا والقنيطرة، وفي الثانية لحق 90 ألفاً بمن سبقهم، في حين لم يبق إلا قرابة 8 آلاف في 5 قرى هي مجدل شمس وعين قنية وبقعاثا ومسعدة والغجر.
وتعتبر القنيطرة التي فُصلت إدارياً عن العاصمة دمشق في عام 1966، أكبر مدن الجولان، وكان عدد سكانها قد بلغ في ذلك العام أكثر من 147 ألف نسمة.
وفي 14 فبراير 1982 شهد الجولان انتفاضة شعبية عارمة رفضاً لقرار الكنيست بدء تطبيق القوانين الإسرائيلية، بما فيها فرض “الهوية والتجنيد الإجباري”، حيث نفّذ السكان ولا سيما في قرية مجدل شمس، إضراباً شاملاً، وخرجوا في مظاهرات حاشدة، دفعت السلطات الإسرائيلية التي استخدمت العنف بدايةً، إلى التراجع عن قرارها بعد أشهر.
وفي 14 ديسمبر عام 1981، أقرّ الكنيست الإسرائيلي ما يسمى بـ”قانون الجولان” الذي تم بموجبه فرض “القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية” على المنطقة المحتلة، ولكن مجلس الأمن الدولي سرعان ما رد على الخطوة الإسرائيلية باتخاذ القرار 497 بعد 3 أيام فقط، والذي اعتبر فيه أن “قرار إسرائيل ضم الجولان لاغٍ وباطل وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي”.
وفي ديسمبر 2020 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية أعضائها، قراراً يُجدد المطالبة بضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان السوري المحتل، حيث حظي القرار بتأييد 88 دولة ومعارضة 9 دول وامتناع 62 عن التصويت، مؤكداً عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعدم مشروعية بناء المستوطنات والأنشطة الأخرى.
واستمر الوضع على ما هو عليه حتى عام 1991، عندما بدأت محادثات السلام بين سوريا وإسرائيل في مؤتمر مدريد برعاية أميركية، وكانت عودة الجولان السوري موضوعاً رئيسياً فيه، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض إسرائيل الانسحاب الكامل.
وفي 25 مارس 2019، اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسمياً بـ”سيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل”، وذلك عقب مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو الذي شكر ترمب واصفاً إياه بـ”أفضل صديق عرفته إسرائيل”.
لكن في 25 يونيو الماضي، قالت وسائل إعلام أميركية إن إدارة الرئيس جو بايدن قد تتراجع عن اعتراف الولايات المتحدة التاريخي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، في خطوة تُشكل ضربة كبيرة لإسرائيل.
وفي اليوم التالي نفت وزارة الخارجية الأميركية تغيير موقفها، مشيرة في تغريدة على تويتر إلى أن “سياسة الولايات المتحدة تجاه الجولان لم تتغير، والتقارير التي تقول عكس ذلك خاطئة”.
وقبل ذلك قررت الحكومة الإسرائيلية الشروع في بناء مستوطنة جديدة في الهضبة تحمل اسم ترمب، تقديراً لاعترافه بالسيادة الإسرئيلية على الهضبة المحتلة، ليرتفع عدد المستوطنات إلى 33. (BBC – asharq)
[ads3]