ألمانيا ترحل طالبي لجوء من دول مغاربية رغم أنها ” غير آمنة “
بينما يتركز الانتباه في ألمانيا حول ترحيل السوريين والأفغان نحو بلدانهم، تغفل النقاشات عن ترحيل أعداد كبيرة من مواطني الدول المغاربية خاصة تونس والمغرب والجزائر. بعضهم رُفض طلب لجوئهم، وآخرون إما تم القبض عليهم في حالة تواجد غير قانوني داخل الجمهورية الاتحادية، أو أدينوا بارتكاب جرائم.
في ألمانيا حاليا، تُعتبر كل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وألبانيا والبوسنة والهرسك وغانا وكوسوفو ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود والسنغال وصربيا، بلدان منشأ آمنة.
أما المغرب كما الجزائر وتونس، فلم يتم تصنيفه بعد من قبل الحكومة الفيدرالية كبلد أصلي آمن بالنسبة لطالبي اللجوء القادمين منه.
وكانت آخر المحاولات الفاشلة لتصنيفه آمنا خلال 2019 من قبل المجلس الاتحادي، إذ يُفترض عدم تسجيل اضطهاد سياسي في البلدان التي يراد تصنيفها آمنة من قبل ألمانيا، حتى تتمكن السلطات من ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين المنحدرين من هذه البلدان بسهولة أكبر.
يوم أمس الخميس تم ترحيل طالب اللجوء طارق ج. إلى المغرب، بعد ارتكابه جرائم جنائية متعددة، كالاعتداء اللفظي والجسدي وسرقة ممتلكات.
وبحسب وزارة الداخلية الألمانية، فقد وصل الشاب المغربي إلى ألمانيا عام 2014، وكان مطالبا بمغادرة البلاد منذ عام 2017، كما كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة في مدينة فايمار يوم غد الجمعة، إلا أن المحاكمة لم تتم بسبب توقف الإجراءات بسبب الترحيل.
تم توقيف الشاب المغربي منذ ثلاثة أسابيع حسب موقع إذاعة MDR الألمانية، ونُقِلَ إلى إنغلهايم في ولاية راينلاند- بفالتس كجزء من إجراءات احتجاز ما قبل الترحيل.
وتم تنفيذ هذه الإجراءات، بعدما طلب كل من أولاف مولر روز عمدة أبلدا وكريستيان شميدت مدير منطقة فايمار (كلاهما من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، من رئيس حكومة تورينغن بودو راميلو (حزب اليسار) المساعدة في رسالة مفتوحة منذ شهر يوليو المنصرم، إذ كان الشاب يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا.
وكانت موافقة وزير داخلية تورينغن غيورغ ماير (SPD) على انطلاق إجراءات عملية ترحيل الرجل، أمرا ساعد على تسريع تنفيذها، لكنها شهدت عرقلة سابقا، لأن بلده المغرب، رفض في البداية إصدار جواز سفر له، حسب تقرير إذاعة MDR.
من بين الولايات الألمانية التي تشهد تزايد عدد عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، ولاية سكسونيا، فقد أعلنت المديرية المسؤولة بالولاية، أنه قد تم ترحيل 487 شخصًا من الولاية حتى الآن هذا العام. وفي نفس الفترة من العام الماضي، تمت إعادة 435 شخصًا.
معظم الحالات كانت لأشخاص ينحدرون من تونس ومقدونيا الشمالية وصربيا وجورجيا وتركيا. 58 منهم مجرمين مدانين بارتكاب جرائم. كما غادر 486 شخصًا ولاية سكسونيا طوعًا إلى بلدانهم الأصلية: تركيا وفنزويلا وجورجيا وروسيا.
ووفقا لمديرية الولاية، شهد العام الماضي ترحيل 841 شخصا من ولاية سكسونيا، 272 منهم مجرمون، وكانوا ينحدرون من: جورجيا ومقدونيا الشمالية وتونس وتركيا والجزائر وباكستان.
تحظى العودة الطوعية بالأولوية بالنسبة للسلطات والساسة الألمان على الترحيل. فمنذ يناير 2019، يقدم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (Bamf) في ولاية سكسونيا المشورة للأشخاص الذين يفكرون في العودة طوعًا إلى بلدانهم الأصلية بمساعدة الدولة.
وحين يتم اتخاذ القرار رفض طلب اللجوء، يتلقى طالبو اللجوء المرفوضين معلومات حول إمكانية إجراء استشارة فردية مجانية. والغرض منها هو توفير معلومات حول إمكانيات العودة الطوعية إلى بلدانهم بدعم من الحكومة، والمساعدة في إعادة الإدماج محليا.
إذا قرر شخص ما العودة طوعًا، يقوم المستشارون بتنظيم الرحلة وخدمات الدعم، مثل تقديم مساعدة مالية للبدء من جديد في بلده.
وتشمل المساعدة المحتملة تذكرة طائرة أو حافلة، وتكاليف السفر من مكان الإقامة إلى المطار، وتوفير المال الكافي للرحلة، والدعم الطبي أثناء الرحلة، وما يصل إلى تكلفة ثلاثة أشهر بعد الوصول إلى بلد الوجهة.
كان من أهم ما جاء في خطة الحكومة الحالية حين التخطيط لسياسة أكثر صرامة في مجال الهجرة واللجوء، نقطة تسريع وتيرة عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين كوسيلة لردع محاولات الهجرة غير النظامية.
وقد كانت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر من أكثر السياسيين المصرين على تنفيذ وعودها بتشديد الخناق على طالبي اللجوء المرفوضين، أو المهاجرين غير القانونيين المتورطين في أحداث إجرامية.
وبعد هجوم الطعن المشتبه في تنفيذه طالب لجوء سوري بمدينة زولينغن، ذكرت وزارة الداخلية الألمانية الاتحادية، التي تستضيف الاجتماع الخاص بمناقشة سياسة الهجرة والأمن، أنها ستركز خلال الاجتماع على حزمة أمنية أعلنت عنها حكومة شولتس الأسبوع الماضي عقب الهجوم المشتبه به طالب اللجوء السوري، الذي سبق أن أفلت من الترحيل.
وخلال يونيو المنصرم، صرحت وزيرة الداخلية الألمانية الاتحادية أنها ستناقش مع وزراء داخلية الولايات الألمانية الجهود التي تبذلها من أجل ترحيل مجرمين خطرين إلى أفغانستان.
وفي مقابلة مع صحيفة “نويه أوسنابروكر تسايتونغ” الألمانية، قالت فيزر “نتفاوض سرا مع دول مختلفة لفتح السبل التي يمكن من خلالها إعادة عمليات الترحيل إلى أفغانستان” مشيرة إلى أن الهدف هو ترحيل مرتكبي جرائم العنف بشكل حازم عندما يطلق سراحهم في ألمانيا بعد قضاء فترة عقوبتهم”.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إنه فيما يتعلق بسوريا وأفغانستان، فإن عمليات الترحيل هناك ممكنة بالفعل في حالات منفردة”. وأوضحت أنه في المقابل “بالنظر إلى نظامي الحكم في البلدين، فإن الأمر ليس هينا”.
وأضافت أن “الوضع القانوني الحالي ينص على أن المجرمين والأشخاص الخطرين أمنيا لا يحصلون على أي وضع حماية أو يفقدونه، ويجب حبسهم”. (DW)
[ads3]