ألمانيا : اجتماعات حاسمة قد تحسم مصير الائتلاف الحاكم .. تماسك أو انهيار و انتخابات مبكرة ؟

 

فيما يبدو وكأنها محاولة أخيرة لإنقاذ ائتلاف “إشارة المرور” الحاكم في ألمانيا من الانهيار قبل شهور من موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في سبتمبر/ أيلول 2025، يريد المستشارأولاف شولتس (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) قضاء الكثير من الوقت في الأيام المقبلة لإجراء مشاورات مع نائبيه روبرت هابيك (حزب الخضر) ووزير المالية كريستيان ليندنر (الحزب الديمقراطي الحر)، بحسب ما ذكرت مجلة “دير شبيغل” على موقعها الالكتروني عصر الأحد.

ووفقًا لمعلومات شبيغل، يخطط المستشار للقاء ليندنر وهابيك مرتين أو ثلاث مرات لعقد اجتماعات فردية معهما قبل اجتماع لجنة الائتلاف مساء الأربعاء المقبل، أي بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتضم هذه اللجنة أيضا رؤساء الأحزاب والكتل البرلمانية. وسيتمحور النقاش حول القضيتين الكبيرتين اللتين تثيران الخلاف داخل الائتلاف، وهما كيفية سد العجز المالي الكبير في الميزانية الاتحادية قبل الجلسة الحاسمة التي ستعقدها لجنة الميزانية في البرلمان في 14 من الشهر الجاري، وكيفية التوافق على استراتيجية لمواجهة الأزمة الاقتصادية في ألمانيا.

ولهذا الغرض، قدم هابيك وليندنر مقترحات. فيما يعمل شولتس حاليا على صياغة “ميثاق للصناعة” بالتعاون مع ممثلين من القطاع الاقتصادي والنقابات. وتعتبر هاتان القضيتان نقاطا حساسة قد تؤدي إلى انهيار الائتلاف. وكان تم تحديد موعد اجتماع لجنة الائتلاف التي تضم نحو 20 ممثلا من أحزاب الائتلاف، قبل عدة أسابيع. ويعد هذا أول لقاء من نوعه منذ انتهاء العطلة الصيفية البرلمانية.

وتجدر الإشارة إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المنتمي إليه المستشار أولاف شولتس، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي).

ويهدد تسريب وثيقة لوزير المالية الألماني المتشدد يطالب فيها بإصلاحات اقتصادية فورية بإشعال التوترات في حكومة المستشار شولتس.

وقدم ليندنر خطة اقتصادية في الوثيقة، التي تسربت الجمعة، تسعى إلى خفض الضرائب والانضباط المالي وتناقض خطة استثمارية لوزير الاقتصاد هابيك مما يكشف عن انقسام عميق في الائتلاف الحاكم.

وأدى الخلاف المعلن حول السياسة الاقتصادية والصناعية بين أحزاب الائتلاف الحاكم إلى إذكاء تكهنات بانهيار الائتلاف، قبل عام تقريبا من الموعد المقرر للانتخابات.

وتأتي وثيقة وزارة المالية بعد أكثر من أسبوع من طرح وزير الاقتصاد روبرت هابيك خطته الاستثمارية التي تكلف مليارات اليورو لمعالجة النمو الضعيف في أكبر اقتصاد في أوروبا.

واعتبرت مجلة “دير شبيغل” وصحيفة “فرانكفورتر الغماينه” الخطة المسربة “استفزازا”، بينما وصفها النائب عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي نيلس شميد، وهو حليف لشولتس، بأنها “خطاب نيوليبرالي… غير متوافق مع عقد الائتلاف”.

وأدت التوترات داخل الائتلاف الذي تولى السلطة منذ أواخر عام 2021، إلى إضعاف شولتس وشهدت الأحزاب الثلاثة تراجعا في استطلاعات الرأي لمصلحة الأحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة.

وقد يصل التوتر إلى ذروته هذا الشهر اذ يتعين على الشركاء الثلاثة في الحكومة الاتفاق على إمرار ميزانية الدولة للعام 2025، بعدما كادت محادثات مماثلة في تموز/يوليو الماضي أن تطيح الائتلاف.

وتلقى وزير المالية كريستيان ليندنر، إشادة من التحالف المسيحي المعارض، وقال المدير التنفيذي للكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، تورستن فراي، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): “لقد قدم وزير المالية ورقة شجاعة تحلل بلا هوادة الوضع الكارثي في اقتصادنا وتعطي بشكل أساسي الإجابات الصحيحة في سياسة العرض”. وفي المقابل ذكر فراي أن مقترحات ليندنر هي “العكس التام لما يفعله الائتلاف الحاكم منذ ثلاث سنوات” ولا يمكن التوفيق بينها وبين “أفكار الصناديق السيادية الممولة بالديون” التي يتبناها وزير الاقتصاد الألماني المنتمي لحزب الخضر روبرت هابيك، موضحا أن ورقة ليندنر، التي أصبحت معروفة الآن، هي بمثابة “إعلان حرب على حزب الخضر”.

فيما صرح كريستيان دور رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بأنه ينتظر من حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر إشارة واضحة لإعادة تنظيم السياسة الاقتصادية في الحكومة الائتلافية. وفي تصريحات لصحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية، قال دور:” التوقعات العامة في الأيام القادمة هي أن تؤخذ الأفكار المطروحة بعين الاعتبار. يجب علينا الآن أن نتحدث داخل الائتلاف حول ما سيدفعنا اقتصاديا إلى الأمام”. ووصف دور ورقة المبادئ المتعلقة بالسياسة الاقتصادية التي طرحها رئيس الحزب الديمقراطي الحر والذي يشغل أيضا منصب وزير المالية، بأنها بمثابة “عرض صادق”. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها